أعاد تأجيل مباراة الإياب للدور النهائي لمسابقة «كوبا ليبرتادوريس» بين الغريمين ريفر بليت وبوكا جونيورز، تسليط الضوء على الشغب الذي يرافق كرة القدم الأرجنتينية، وقبول المجتمع به على اعتبار أنه جزء من ثقافة مشجعي اللعبة الشعبية في البلاد. وأقر الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، بوجود «إخفاق أمني» السبت، عندما تعرضت حافلة فريق بوكا جونيورز لهجوم من مشجعي ريفر بليت الذين قذفوها بالعصي والحجارة وحتى رذاذ الفلفل. وتحطمت نوافذ الحافلة وأصيب اللاعبون بجروح وعانوا صعوبة في التنفس جراء رذاذ الفلفل، إضافة إلى استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. وبعدما تعادل الفريقان 2 - 2 ذهاباً على ملعب بوكا (بومبونيرا) في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، أرجئت مباراة الإياب التي كانت مقررة السبت بداية إلى موعد متأخر في مساء اليوم نفسه، ثم أُجلت إلى اليوم التالي، قبل أن تؤجل حتى إشعار آخر.
وأصر الناديان على تحميل مسؤولية أعمال الشغب لـ«10 أو 15 شخصاً من غير المسؤولين»، لكن بالنسبة إلى عالم الاجتماع دييغو مورزي، فإن المشجعين المشاغبين (المعروفين بـ«هوليغانز» بالإنجليزية، وفي الأرجنتين بـ«بارا برافاس»)، متجذرون في أنشطة كرة القدم في البلاد.
ويقول الباحث في جامعة سان مارتن: «في الأرجنتين ثقافة لكرة القدم تشرّع العنف، وليس فقط من قبل المشاغبين، بل من كل المشاركين فيها».
وتحدث الكثير من مسؤولي كرة القدم في الأرجنتين عن «عار» أصاب كرة القدم المحلية على خلفية أحداث نهاية الأسبوع وتصرفات المشجعين على هامش أول نهائي للمسابقة القارية يجمع فريقين من البلاد، إضافة إلى انتقاد فشل الشرطة في توفير الحماية الكاملة لحافلة بوكا، وهي في طريقها إلى ملعب ريفر (مونيومنتال) قبيل موعد المباراة السبت. وتفخر الأرجنتين بمشجعي كرة القدم المتحمسين الذين تغص بهم مدرجات الملاعب، في حين يعتبر «السوبر كلاسيكو» بين بوكا وريفر بليت، من أبرز «دربيات» اللعبة عالمياً. إلا أن الأمر وصل إلى مرحلة يتم فيها الاحتفاء حتى بالسلوك الذي يعتبر غير مقبول في المجتمع، مثل هتافات الكراهية بحق الأجانب، والشتائم، وصولاً إلى تهديد الخصوم بالقتل. ويرى خبراء أن العنف يغذيه اعتقاد بأن كرة القدم ليست لعبة نظيفة يتحقق فيها الفوز بطرق مشروعة. ويوضح مورزي: «إذا شعر المشجعون بأن المباريات تحسم نتائجها من خلال صفقات بين رؤساء النوادي أكثر منها في أرض الملعب، فهذا الشعور بالظلم يوفر أرضاً خصبة لعنف المشاغبين». خارج الملعب، يدير مثيرو الشغب إمبراطوريات المافيا حول كرة القدم «بالتواطؤ مع الشرطة، والأندية والسلطات السياسية»، بحسب مونيكا نيزاردو، مؤسسة جمعية «سالفيموس ال فوتبول» الخيرية («لننقذ كرة القدم»).
وبحسب أرقام الجمعية، قتل 305 أشخاص في الأرجنتين جراء أعمال شغب مرتبطة بكرة القدم خلال الأعوام الخمسين الماضية.
بسبب ذلك، منعت سلطات كرة القدم المحلية مشجعي الفرق من مواكبتها في المباريات خارج أرضها اعتباراً من 2013، دون أن يؤدي ذلك إلى تراجع ملحوظ في العنف. ففي 2018 وحدها، قتل أربعة أشخاص، ليرتفع عدد ضحايا أعمال العنف الكروية في الـ20 عاماً الأخيرة، إلى 137.
وما زال مصير مباراة إياب نهائي مسابقة «كوبا ليبرتادوريس» مهدداً رغم الاجتماع الذي دعا إليه اتحاد كرة القدم الأميركي الجنوبي (كونميبول) أمس في أسونسيون.
ودعا رئيس الاتحاد، الباراغواياني أليخاندرو دومينغيز، كلاً من رئيس بوكا دانيال أنجليسي ونظيره رئيس ريفر بليت رودولفو دونوفريو، للبحث في مصير المباراة النهائية التي تجمع للمرة الأولى في المسابقة القارية، قطبي كرة القدم الأرجنتينية.
وأعلن اتحاد كرة القدم الأميركي الجنوبي (كونميبول) امس نقل مباراة الإياب الى خارج الارجنتين، مع تحديد موعد جديد مبدئي أحد يومي الثامن أو التاسع من ديسمبر المقبل.
ويطالب بوكا بمعاقبة ريفر بليت بحسب بنود تنص عليها قوانين كرة القدم القارية في حالات مماثلة، قد تصل إلى حد اعتبار الفريق المنافس خاسراً أو استبعاده من المسابقات القارية. وأثارت هذه المطالبة توتراً بين الناديين، لا سيما من جانب رئيس ريفر بليت دونوفريو الذي اعتبر أن أنجليسي «لم يفِ بوعده» بعدما اتفقا على إرجاء المباراة لليوم التالي. وقال دونوفريو: «أنا أعاني للتصديق بأنه (أنجليسي) لم يفِ بوعده، لقد وقعنا وثيقة وتصافحنا. لكن يتبين لي لاحقاً أنه طلب من (الكونميبول) اعتبار فريقه فائزاً».
وكان أنجليسي قد صرح علناً أول من أمس بأنه طلب معاقبة ريفر بليت من قبل لجنة الانضباط التابعة للاتحاد. وأوضح: «المباريات يتم الفوز بها أو خسارتها على أرض الملعب، هذه قناعتي الشخصية، لكن لديَّ مسؤولية كرئيس نادٍ للحفاظ على لاعبي فريقي وعلى احترام القوانين»، في إشارة إلى مادة في قوانين «الكونميبول»، تنص على سلسلة من العقوبات المماثلة في حالات كهذه. وكان الاتحاد القاري قد لجأ إلى هذه المادة قبل ثلاثة أعوام، لإقصاء بوكا على خلفية قيام أحد مشجعيهم برش رذاذ الفلفل نحو لاعبي ريفر بليت، خلال لقاء بين الفريقين في الدور ربع النهائي للمسابقة نفسها، وأحرز ريفر بليت اللقب القاري في نهاية ذلك الموسم.
إلا أن المقارنة بين الحالتين معقدة، إذ إن الاعتداء قبل ثلاثة أعوام حصل داخل ملعب بوكا، ما يحمل النادي مسؤولية مباشرة، في حين أن اعتداء السبت وقع خارج حدود الملعب، ما يرفع المسؤولية عملياً عن ريفر.
ورفض دونوفريو بشدة فرض أي عقوبات بحق ناديه، معتبراً أنه في حال تم اعتبار بوكا جونيورز فائزاً «سيكون الأمر معيباً فعلاً. إحدى أسوأ الخيانات التي قد يقدم عليها أحد».
مأساة نهائي «كوبا ليبرتادوريس» تؤكد معاناة الأرجنتين مع الشغب
نقل مباراة الإياب خارج البلاد... ورئيس بوكا جونيورز يطالب بمعاقبة ريفر بليت واعتبار فريقه فائزاً

الحراسة الأمنية المشددة لم تمنع جماهير ريفر بليت من الاعتداء على حافلة فريق بوكا جونيورز (أ.ف.ب) - أنجليسي رئيس بوكا طالب بمعاقبة ريفر بليت (أ.ف.ب)
مأساة نهائي «كوبا ليبرتادوريس» تؤكد معاناة الأرجنتين مع الشغب

الحراسة الأمنية المشددة لم تمنع جماهير ريفر بليت من الاعتداء على حافلة فريق بوكا جونيورز (أ.ف.ب) - أنجليسي رئيس بوكا طالب بمعاقبة ريفر بليت (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة