تعديل وزاري وإقالة محافظ دمشق وإنشاء هيئة للمصالحة

تطعيم الحكومة بوزيرين من داريّا وخان شيخون

مقاتلون من المعارضة يتحايلون على الأمطار في مدينة الباب قرب الحدود التركية أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة يتحايلون على الأمطار في مدينة الباب قرب الحدود التركية أمس (أ.ف.ب)
TT

تعديل وزاري وإقالة محافظ دمشق وإنشاء هيئة للمصالحة

مقاتلون من المعارضة يتحايلون على الأمطار في مدينة الباب قرب الحدود التركية أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة يتحايلون على الأمطار في مدينة الباب قرب الحدود التركية أمس (أ.ف.ب)

طعّم بشار الأسد حكومة نظامه بوزيرين يتحدران من مناطق عرفت بمعارضتها الشرسة له. ففي التعديل الوزاري الذي أجراه الأسد يوم أمس، وطال تسع وزارات، عين اللواء محمد رحمون ابن مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب، الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وزيراً للداخلية، بدلاً عن اللواء محمد الشعار ابن ريف اللاذقية. كما عين عماد موفق العزب من أبناء مدينة داريا، بريف دمشق الغربي، التي هاجر جميع سكانها، وزيراً للتربية، بدلاً عن الوزير هزوان الوز من أبناء مدينة دمشق.
كما تم تعيين كل من حسين عرنوس وزيراً للموارد المائية، والدكتور عاطف نداف وزيراً للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، والمهندس محمد رامي رضوان مرتيني وزيراً للسياحة، والدكتور بسام بشير إبراهيم وزيراً للتعليم العالي، والمهندس إياد محمد الخطيب وزيراً للاتصالات والتقانة، والمهندس محمد معن زين العابدين جذبة وزيراً للصناعة.
وأصدر الأسد يوم أمس ثلاثة مراسيم رئاسية: أحدها يقضي بإجراء التعديل، والثاني إحداث هيئة المصالحة الوطنية، برئاسة علي حيدر الذي كان وزير المصالحة، وذلك بعد إلغاء وزارة المصالحة الوطنية. وقد أثار اختيار علي حيدر رئيساً لهيئة المصالحة الوطنية مشاعر الغضب لدى أهالي المفقودين من الموالين للنظام، الذين يتهمونه بتقصير يرتقي لدرجة «الخيانة»، على خلفية رفضهم لاتفاقيات التسوية والمصالحة التي جرت مع المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية ومناطق أخرى من البلاد، كونها تمت على «حساب دماء أبنائهم، وعلى حساب كشف عن مصير المفقودين منهم»، بحسب ما تتناقله أوساط الموالين للنظام.
المرسوم الثالث تم بموجبه إعفاء محافظ دمشق محمد بشر الصبان من منصبه بعد 12 عاماً قضاها في هذا المنصب، وتعيين بدلاً عنه عادل أنور العلبي الذي رأس مجلس المحافظة منذ عام 2012، وكان نائب رئيس مجلس إدارة شركة «دمشق الشام» القابضة منذ عام 2016.
وبكثير من القلق، تلقى السوريون أنباء المراسيم الثلاثة، فبينما كانوا ينتظرون إجراءات عملية لتحسين الواقع المعيشي والخدمي، ومواجهة تدهور قيمة الليرة السورية، والحد من تقنين الكهرباء وارتفاع الأسعار، فوجئوا بالإبقاء على وزير الكهرباء والطاقة، وتعيين المهندس إياد محمد الخطيب وزيراً للاتصالات، وكان يشغل منصب رئيس شركة الاتصالات، ويدعو إلى تغيير نظام اشتراكات الإنترنت من «دي إس إل» مفتوح 24 ساعة إلى نظام الباقات، ومنع ميزة الاتصال المجاني عبر التطبيقات الذكية، الأمر الذي رأوا فيه نذيراً لرفع تكاليف الاتصالات وزيادة الأعباء.
أما المفاجأة الأكبر، فكانت مع وزير الداخلية محمد رحمون المتحدر من مدينة خان شيخون في محافظة إدلب، الواقعة تحت سيطرة المعارضة. ورحمون رئيس شعبة الأمن السياسي، ويخضع لعقوبات الخزانة الأميركية منذ بداية عام 2017، مع 17 مسؤولاً و6 كيانات، لدورهم في ارتكاب جرائم وحشية ضد الشعب السوري. كما تتهمه المعارضة بممارسة قمع وحشي بحق المتظاهرين السلميين عام 2011، وكان في حينها يشغل منصب رئيس فرع منطقة بالمخابرات الجوية. ويشار إلى أن النظام قام بإيفاده للمشاركة في مؤتمر آستانة الذي عقد بعد اتفاق روسي - تركي - إيراني عام 2017.
وفي سياق متصل، جاء إعفاء محافظ دمشق، محمد بشر الصبان، من منصبه ليشكل مفاجأة أيضاً، بعد 12 عاماً لم تتوقف فيها الشكاوى من ممارسات محافظ دمشق، المشتبه بضلوعه بالفساد، الذي يستمد قوته من كونه أحد الشخصيات المقربة من الرئيس، ولم تتم إقالته سابقاً، رغم شموله عام 2016 بالعقوبات الأوروبية، لمسؤوليته عن عمليات القمع العنيف ضد المدنيين السوريين، بما في ذلك القيام بممارسات تمييزية ضد السنة في دمشق، كما يتهم بتسخير 5 آلاف عامل يعملون في مديريات الحدائق والنظافة والصيانة، للقيام بمساعدة رجال الأمن خلال المظاهرات، الأمر الذي تطور لاحقاً إلى تشكيل غرفة عمليات في قبو محافظة دمشق.
إلا أن المحافظ الجديد الذي تم تعيينه، عادل أنور العلبي، ليس بعيداً عن جواء سلفه، فهو رئيس مجلس المحافظة منذ 2012، ونائب رئيس مجلس إدارة شركة «دمشق الشام القابضة» التي أسستها المحافظة في 2016 برأسمال قدره 60 مليار ليرة سورية، بهدف تنفيذ المشروع في منطقة بساتين خلف الرازي، والمناطق التنظيمية في محيط دمشق. ومن مهام الشركة توقيع اتفاقيات مع مساهمين وشركات أخرى للاستثمار في المنطقة. وكانت إدارة شركة «دمشق الشام» القابضة قد أجرت مطلع العام الجاري مباحثات مع مجموعة من شركات روسية وصينية، لدخولها وباستثمارات ضخمة في مدينتي «ماروتا سيتي وباسيليا ستي»، على أمل توقيع عقود في مجال الإنشاءات أو الاستثمار، إلا أن ذلك تأخر كثيراً، وجاء بعد عجز شركة «دمشق الشام» القابضة عن الإقلاع بتلك المشاريع، بعد استيلائها على ملكيات أهالي منطقة خلف الرازي، بزعم إقامة مناطقة تنظيمية.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.