الحوثيون يوصدون الأبواب أمام منظمات المجتمع المدني

يسعون إلى احتكار النشاط الإغاثي وتسخيره لأهدافهم

TT

الحوثيون يوصدون الأبواب أمام منظمات المجتمع المدني

أوقفت الميليشيات الحوثية في صنعاء كل الأنشطة الإنسانية المحلية التي تتبناها منظمات المجتمع المدني غير التابعة للجماعة الانقلابية في مسعى منها لاحتكار هذه الأنشطة وتسخيرها لأهدافها الطائفية.
وأصدر القيادي في الجماعة الموالية لإيران أحمد حامد، المعيّن مديراً لمكتب رئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط، توجيهاً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الخاضعة للجماعة في صنعاء يقضي بمنع منح أي تصريح جديد للعمل الطوعي الإنساني باستثناء المنظمات التابعة للجماعة.
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة من التوجيه الحوثي الذي أمر فيه وزير الجماعة بعدم التعاطي مع أي طلب جديد لإنشاء أي منظمة إنسانية أو مؤسسة أو جمعية خيرية إلى جانب عدم قيامها بتجديد أي تصاريح للعمل الإنساني.
وحصرت التوجيهات الحوثية الاستثناءات في السماح بالعمل الطوعي للمنظمات التابعة للأشخاص الموالين للجماعة الحوثية على أن يتم منح الترخيص مباشرة من قبل القيادي الحوثي أحمد حامد المعروف بهيمنته على عمل كل وزراء الميليشيات في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، بتفويض من رئيس مجلس حكم الجماعة مهدي المشاط.
وفي حين ينحدر القيادي الحوثي أحمد حامد من منطقة مران في مديرية حيدان غربي صعدة، حيث المعقل الأول للجماعة الحوثية، أكدت مصادر مطلعة على ما يدور في أروقة حكم الميليشيات، أنه يحظى بصلاحيات مباشرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وكانت الجماعة الحوثية قد تعمدت خلال السنوات الثلاث الماضية إنشاء العشرات من المنظمات المحلية تحت لافتة العمل الإنساني، وأوكلت إليها السطو على أغلب المساعدات الإنسانية الدولية وتسخيرها لاستقطاب المجندين وخدمة الأهداف الطائفية للجماعة.
وتمنع الجماعة الانقلابية الموالية لإيران منذ انقلابها على الشرعية، أي أنشطة طوعية محلية من قبل المنظمات غير الخاضعة لها طائفياً، حتى لو كانت تمتلك تصاريح قانونية بالعمل، حسب ما أكده ناشطون وحقوقيون لـ«الشرق الأوسط».
وفي الآونة الأخيرة أقدمت الجماعة الحوثية على اختطاف عدد من الناشطين في المجال الإنساني في صنعاء وحجة، ووجهت إليهم تهماً ملفَّقة تستوجب الإعدام بموجب القانون اليمني، في حين أن كل ذنبهم أنهم يحاولون التخفيف من معاناة الأسر المحتاجة في مناطقهم.
وتحتكر الجماعة عبر منظماتها المحلية الوليدة الحق في الحصول على الدعم الدولي الإنساني المقدم من المنظمات الأممية، لتوزيعه على أتباعها الطائفيين، كما أنها فرضت تعيين المئات من أتباعها موظفين في مفاصل العديد من المنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرتها.
ويؤكد ناشطون حقوقيون في صنعاء أن الجماعة الحوثية تطلب من أي منظمة محلية تحاول تنشيط أدائها الإنساني الحصول أولاً على تصريح مسبق من جهاز الأمن القومي الخاضع للميليشيات يتضمن خط سير عمل المنظمة ومصادر تمويلها.
وتعقيباً على هذه الخطوة، أكدت الدكتورة ألفت الدبعي عضو لجنة صياغة الدستور، أن جماعة الحوثي تنتهج الاستبداد بحق المدنيين، مبيّنة أن إجراء الانقلابيين يهدف إلى كسر مواقف المنظمات غير التابعة لهم، معتبرة أنها أحد عوامل سقوط استبداد مثل هذا النوع من الأنظمة. كما قال محمد المقرمي رئيس مركز الدراسات والإعلام الإنساني، إن الحوثي استغل وجود مكاتب أغلب المنظمات الإنسانية في العاصمة صنعاء ومارس ضدها خلال السنوات الأربع كل أنواع الابتزاز، إضافة إلى ذلك، أغلقت الميليشيات جميع المنظمات المحلية والدولية التي لم ترضخ لسياستها في عملية التوزيع، مما فاقم المأساة الإنسانية في ظل وضع كارثي يشهده اليمن بسبب الحرب، وانهيار الوضع الاقتصادي، وتوقف مرتبات القطاع العام وارتفاع نسبة البطالة. وأشار إلى أن «القرار الحوثي الأخير جاء ليثبت ممارسة الانقلابيين العقاب الجماعي بحق المدنيين، حيث إن هذه المنظمات الإغاثية تسعى للتخفيف من الوضع الكارثي الذي يتجرع مرارته المدنيون الذين لا علاقة لهم بهذه الحرب ولا ذنب لهم سوى أنهم يمنيون فرضت عليهم الظروف البقاء في هذه المدن لتعذّز إمكانية اللجوء الإنساني، لا سيما ونحن على أعتاب نهاية عام 2018 الذي وثّقت فيه كل المنظمات العاملة في اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم تنذر بحدوث مجاعة لو استمر التضييق على المنظمات العاملة في اليمن؛ وبالتأكيد فإن هذه المنظمات تسعى لرفع تقاريرها السنوية لتجديد التراخيص لمزاولة العمل مع بداية العام الجديد 2019.
أما الناشط الإعلامي عبد الرزاق العزعزي، فرأى أن إيقاف تراخيص المجتمع المدني ومنع تجديدها هي سياسة جديدة لتغييب الأصوات التي تعمل من أجل تنمية الإنسان وإغاثته، ومحاولة لرفد المزيد من أبناء اليمن إلى جبهات الحرب بأي طريقة، وتابع في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه منذ اقتحامهم صنعاء عمد الحوثيون إلى تضييق الخناق تجاه المنظمات، سواء من خلال منح التراخيص أو حرية ممارسة العمل المجتمعي أو إقصاء الكثير منها من مشاريع الإغاثة، مبررين تصرفاتهم بأن هذه المنظمات تتبع العدوان، على حد وصفهم، ولم يكونوا ليعترفوا أو ليسمحوا لها بممارسة نشاطها على غير المنظمات التي تتبع عناصرهم والتي تعمل بحرّية.
وأدان الناشطون الذين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، سلوك الميليشيات القمعي، مطالبين منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليز غراندي، بالتدخل للضغط على الجماعة من أجل رفع كل القيود المفروضة على التحركات الإنسانية والأنشطة الإغاثية سواء أكانت من قبل أفراد أو منظمات محلية. ويرجح مراقبون أن تؤدي هذه القيود الحوثية الجديدة على النشاط الإنساني الخيري في مناطق سيطرة الجماعة إلى مفاقمة الأوضاع الإنسانية للآلاف من الأسر التي باتت تعتمد على الجهود الإنسانية والإغاثية والمبادرات الفردية للبقاء على قيد الحياة.
وسبق للحكومة الشرعية أن طالبت المنظمات الدولية والأممية بنقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، لتجنب الضغوط الحوثية في صنعاء، كما طالبتها باعتماد مبدأ اللامركزية في تنفيذ أعمالها الإغاثية. وعادةً ما يستغل القادة الحوثيون أعمال توزيع المساعدات للترويج لأفكار جماعتهم الطائفية، وتحسين صورة حكمهم الانقلابي في أوساط السكان، وتحويل هذه الأنشطة إلى مواد إعلامية تخدم أهداف الجماعة.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.