السيول تخلّف عشرات القتلى والجرحى في العراق

بعد تراجع موجة العنف والإرهاب

فتى في إحدى القرى التي ضربتها السيول أمس (رويترز)
فتى في إحدى القرى التي ضربتها السيول أمس (رويترز)
TT

السيول تخلّف عشرات القتلى والجرحى في العراق

فتى في إحدى القرى التي ضربتها السيول أمس (رويترز)
فتى في إحدى القرى التي ضربتها السيول أمس (رويترز)

يبدو أن الأحداث الفاجعة ستظل السمة الأبرز التي تلاحق العراقيين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم؛ لا فرق في ذلك بين ظروف الحرب والإرهاب، وأحوال الطقس وتحولاته، فبعد أن شهدت البلاد في الأشهر الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في أعمال العنف والإرهاب، خصوصاً بعد إعلان الانتصار العسكري على «داعش» نهاية عام 2017، عادت هذه المرة تقلبات المناخ والأمطار الغزيرة والسيول المرافقة لها لتحصد وتصيب أرواح عشرات العراقيين. وأعلنت وزارة الصحة، ظهر أمس، عن أن الحصيلة النهائية لعدد الضحايا والمصابين في عموم البلاد جراء موجة الأمطار والسيول، بلغت 21 قتيلا و180 جريحا.
وفي ما يتعلق بالخسارة الناجمة عن السيول والفيضانات في محافظتي نينوى وصلاح الدين، أعلن «المركز المشترك للتنسيق والرصد» في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أمس، أن عدد الضحايا في محافظة صلاح الدين وحدها وصل إلى 8 أشخاص، فضلا عن «تضرر 150 دارا سكنية في قرية الخضرانية، وسقوط دار واحدة، و400 منزل في قرية الحورية وسقوط 4 دور سكنية طينية، إضافة إلى غرق أكثر من 50 سيارة عائدة للأهالي، وتضرر عدد كبير من المحلات التجارية». وكشفت الحصيلة عن «إجلاء 307 عوائل من قرية الخضرانية ونقلهم إلى قرى العيثة وسويدان، و530 عائلة من قرية الحورية ونقلهم إلى قرية شكر، إضافة إلى تهيئة مخيم (بستان الشيوخ) لغرض إدخال العوائل النازحة المضطرة لذلك المخيم».
وفي محافظة نينوى، أوضح «المركز المشترك» أن «السيول وصلت إلى مخيم المدرج في القيارة، وقامت الجهات الحكومية والأمنية والهلال الأحمر العراقي بإجلاء العوائل النازحة ونقلهم إلى مخيمات أخرى، وعددها نحو 1170 عائلة، وقد فقدوا جميع ممتلكاتهم من أغذية وأفرشة».
وفي سياق متصل، ترأس وزير الموارد المائية جمال العادلي، أمس، اجتماعاً طارئاً لخلية الأزمة المشكلة لدرء خطر الفيضان. وذكر المكتب الإعلامي للوزارة في بيان أن «الاجتماع ناقش الوضع المائي الحالي وموجة السيول التي اجتاحت محافظات العراق مؤخراً»، مشيرا إلى أن العادلي وجّه بـ«تشكيل غرفة عمليات مركزية في جميع محافظات العراق وتوزيع المسؤوليات على المديرين العامين، وتواجدهم ميدانياً وتأمين كافة الإمكانيات والدعم الآلي والهندسي للسيطرة على أي حالات قد تحدث نتيجة السيول».
وأبلغ العادلي وسائل إعلام محلية، أمس، بأن وزارته «لديها سدود وخزانات تكفي لخزن مياه السيول»، وأشار إلى «دخول مليار متر مكعب من المياه»، مرجحا ارتفاع الكمية، وأن المياه الإضافية «سوف تسهم في دفع اللسان الملحي في شط العرب بالبصرة».
بدوره، دعا رئيس «تحالف الإصلاح» عمار الحكيم، أمس، إلى استنفار الجهود لإغاثة المنكوبين من موجة السيول في محافظة واسط جنوب العاصمة بغداد، التي قتلت فيها عائلة مكونة من 6 أفراد نتيجة سقوط سقف المنزل عليها جراء الأمطار الغزيرة. وقال الحكيم في بيان: «ندعو الحكومة الموقرة إلى استنفارِ كامل جهودها الوزارية لإغاثة أهلنا هناك».
إلى ذلك، قالت وزارة النفط إن وزيرها ثامر الغضبان أوعز إلى غرفة عمليات الوزارة استنفار الجهد البشري والفني للتشكيلات النفطية في المحافظات الشمالية والوسطى والجنوبية لتقديم المساعدات المطلوبة للمدن المتضررة جراء السيول والأمطار، ومنها قضاء الشرقاط وبعض المدن في محافظتي نينوى وصلاح الدين. وقال المتحدث باسم الوزارة عاصم جهاد في بيان نشره موقع الوزارة إن «التشكيلات النفطية تشارك ومنذ بدء الأزمة في تقديم المساعدات المطلوبة لمواطني تلك المدن، فضلاً عن توزيع 10 آلاف لتر من النفط الأبيض على مواطني قضاء الشرقاط، إلى جانب تقديم المساعدات العينية من الأغطية والخيم والأغذية والحاجات الضرورية».
وأضاف جهاد أن الشركات النفطية وضعت الآليات والمعدات على أهبة الاستعداد من أجل التحرك لتقديم المساعدات المطلوبة إلى جميع مدن العراق من الشمال إلى الجنوب، وأن الوزارة تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في جميع المدن التي قد تتعرض إلى الأضرار جراء السيول والأمطار، من أجل المساهمة الفاعلة لتقديم المساعدات العاجلة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.