زيارة بارزاني إلى بغداد والنجف... نجاح بروتوكولي في انتظار التفاهمات

TT

زيارة بارزاني إلى بغداد والنجف... نجاح بروتوكولي في انتظار التفاهمات

بالسجادة الحمراء، استقبلت بغداد والنجف زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني. رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تخطى قواعد البروتوكول بوقوفه عند سلم الطائرة الخاصة التي أقلت بارزاني لاستقباله والوفد المرافق له، ومعه أحد أبرز الزعامات الشيعية (هادي العامري زعيم تحالف «الفتح») وثاني اثنين كانت لهما اليد الطولى في تشكيل الحكومة الحالية بدءاً بالمجيء برئيسها عادل عبد المهدي، وكان الثاني زعيم التيار الصدري وراعي تحالف «سائرون» مقتدى الصدر.
السجادة الحمراء تكررت حتى في اللقاءات الثنائية التي أجراها بارزاني مع القادة الآخرين في بغداد، وكذلك في النجف، حيث كان الصدر على رأس مستقبليه، ربما رداً على استقبال بارزاني للصدر في مطار أربيل قبل سنوات. وللحكاية أكثر من تفسير، سواء من الذين رافقوا الزعيم الكردي إلى بغداد، أو الذين التقوا به أثناء الاجتماعات الرسمية، أو من قياديين في الحزب الديمقراطي الكردستاني. ففي تفسيره لحرارة الاستقبال غير المسبوق لبارزاني، الذي كان العام الماضي بالنسبة لبعض القيادات الكبيرة في بغداد، «انفصالياً»، خصوصاً بعد إجرائه الاستفتاء بل حتى هناك من طالب بمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى، يقول محسن السعدون، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس السابق للجنة القانونية في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مسعود بارزاني هو آخر القيادات الكبيرة ممن بقي في المشهد السياسي العراقي من قادة المعارضة، الذين واصلوا العمل بالصدارة بعد التغيير حتى الآن». بيد أن قيادياً سنياً التقى بارزاني في بغداد يقول لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، «صحيح أن الزيارة وطريقة الاحتفاء بدت مختلفة هذه المرة، والرجل يستحق التكريم من منطلق تاريخه وتاريخ عائلته ودوره، ولكن في النهاية وطبقاً للتوقعات، فإن النتائج لن تكون سوى فرحة عرس لا أكثر». ويضيف القيادي السني أن «لكل طرف في هذه الزيارة رؤيته، خصوصاً أن متغيرات كثيرة جعلت الجميع يشعرون أنهم بحاجة إلى بعضهم، لكننا اعتدنا في العراق أن الشياطين دائماً ما تتسلل إلى التفاصيل، ومازلنا في أجواء الاحتفالات لا التفاصيل».
غير أن لعضو البرلمان السابق عن حركة «التغيير» مسعود حيدر، الذي انتقل إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني وجاء إلى بغداد في عداد الوفد المرافق لبارزاني، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة جاءت لتأكيد دعم الرئيس بارزاني لحكومة الدكتور عادل عبد المهدي وضرورة تكملة الكابينة الوزارية، بالإضافة إلى مراجعة للعملية السياسية ووضع خريطة طريق وأسس متينة لمعالجة جميع مشكلات العراق؛ السياسية والأمنية والاقتصادية، والدستورية، بما فيها الموضوعات بين الإقليم وبغداد، خصوصاً المناطق المتنازع عليها، وتحديداً كركوك». ويضيف حيدر، الذي كان قريباً من جو المباحثات واللقاءات، أنه «تم التأكيد على عمق العلاقات التاريخية بين مكونات الشعب العراقي والقوى السياسية، وضرورة الاستفادة من الماضي والتطلع للمستقبل وخدمة جميع مكونات الشعب العراقي». وبشأن ما إذا كانت هناك اتفاقات محددة تم التوصل إليها، يقول حيدر إن «القادة يناقشون ويتفقون على الأطر والخطوط العامة، وتتم ترجمة هذه الأمور على الأرض لاحقاً»، موضحاً أن «زيارة الرئيس بارزاني أذابت الجليد بين بغداد وأربيل، وساهمت في معالجة قضايا كبيرة في العملية السياسية ستظهر نتائجها في المستقبل المنظور، بعد تكملة الكابينة الوزارية؛ بما فيها مبادئ الشراكة في صنع القرار والتوافق في التشريعات والتوازن المكوناتي في مؤسسات الدولة الفيدرالية».
من جهته، يرى السعدون أن «الزيارة جاءت بعد متغيرات كثيرة حصلت، سواء في بغداد أو أربيل، فضلاً عن أن بارزاني لم يأت إلى بغداد منذ أكثر من سنتين، تضاف إلى ذلك النتائج التي ترتبت على الاستفتاء والحاجة إلى بدء تفاهمات جديدة مع كل الأطراف»، مشيراً إلى أن «الفوز الكبير الذي حققه (الحزب الديمقراطي)، سواء في الانتخابات الاتحادية، حيث جاء في المقدمة، وكذلك في انتخابات الإقليم، أثبت قوة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي رأى من جانبه أن يفتح صفحة جديدة مع الجميع دون استثناء». ويوضح السعدون أن «هناك سياسة جديدة لـ(الحزب الديمقراطي)، وأنه يرى أن هناك فرصة لحل المشكلات العالقة مع بغداد».
ورداً على سؤال بشأن طبيعة الانفتاح على بغداد، بينما لا يزال الموقف متأزماً بين بارزاني ورئيس الجمهورية برهم صالح، يقول السعدون إن «عتبنا على السيد برهم صالح و(الاتحاد الوطني الكردستاني) أكثر من عتبنا على الآخرين، نظراً للاتفاق المبرم بيننا بشأن آلية انتخاب رئيس الجمهورية، التي اتبعناها عام 2014 داخل البيت الكردي، حيث تنافس وقتها الدكتور برهم صالح والدكتور فؤاد معصوم، وقد تم انتخاب معصوم داخل البيت الكردي، وهو ما لم يحصل هذه المرة». ولفت السعدون إلى أن «صالح أصبح رئيساً للجمهورية وانتهى الأمر، وأكيد لن تبقى الأمور على حالها، والدليل أن لدينا تفاهماً مع الأخوة في (الاتحاد الوطني) على صعيد تشكيل حكومة إقليم كردستان».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.