السعودية مها ملوح... ما بين المعلقات وصواني الخبز

قالت إن فنها ينبع من الأشياء البسيطة في حياتها

من أعمال مها ملوح في مركز جميل للفنون بدبي (الشرق الأوسط)
من أعمال مها ملوح في مركز جميل للفنون بدبي (الشرق الأوسط)
TT

السعودية مها ملوح... ما بين المعلقات وصواني الخبز

من أعمال مها ملوح في مركز جميل للفنون بدبي (الشرق الأوسط)
من أعمال مها ملوح في مركز جميل للفنون بدبي (الشرق الأوسط)

مها ملوح فنانة سعودية تمضي بإصرار هادئ في طريقها الفني، تنتج وتعرض في أنحاء العالم، ولكنها تدع أعمالها تتحدث عنها، وتعترف بأنها مُقلَّة في الظهور الإعلامي. قابلتُها أثناء افتتاح مركز جميل للفنون في دبي، بداية الشهر الحالي، نوفمبر (تشرين الثاني)، خلال عرضها المميز ضمن «غرف الفنانين» بالمركز. عرض ملوح كان مكوناً من أعمال معروفة سجلت اسمها كفنانة سعودية في المحافل الدولية؛ فهناك سلسلة «غذاء الفكر» الشهيرة، التي استخدمت فيها ملوح أشرطة الكاسيت التي احتوت على محاضرات وعظية انتشرت في فترة الثمانينات في المجتمع السعودي والعربي، استخدمتها ملوح للتعبير عن مرحلة شكلت عقول وأفئدة الكثيرين، وأثَّرت على مجريات حياتهم سلباً في الأغلب. في مركز جميل أيضاً عرضت «المعلقات»، وهو عمل مكوَّن من المئات من «قدور» (أواني) الطهو الألمنيوم متفاوتة الأحجام، التي انتظمت على مساحة جدار كامل في المعرض، وكوَّنَت نقطة جذب للزوار بجمالياتها وبمضمونها وإيحاءاتها المنزلية والعائلية المرتبطة بذكريات مجتمع بأكمله.
سنحت لي الفرصة للحوار مع ملوح، فتحدثت معها حول أعمالها المعروضة هنا وعن بداياتها والمعارض التي شاركت بها في السعودية وفي أوروبا، وعرضها في بينالي البندقية كأول فنانة سعودية تتلقى دعوة رسمية من إدارة البينالي لتشارك بعملها مع فنانين من جميع أنحاء العالم.
المعلقات وقدور الطبخ
البداية كانت من معرضها بمركز جميل للفنون، نتحدث عن «المعلقات»، ما صِلة «قدور» الطبخ بالمعلَّقات الشعرية في الجاهلية؟ سؤال يظل حاضراً في الذهن خلال الحوار، وإن كان أيضاً يختلط مع المشاعر الكثيرة التي يثيرها العمل. بداية، طريقة عرض القدور هنا تحديداً تختلف عن المرات التي عرض فيها سواء في جدة أو في غاليري ساتشي بلندن أو في فيينا. القدور هنا تنتظم على مساحة جدار كامل مقوس، أقول لها إنني أحسست بأنني محاطة ليس فقط بالقدور المعدنية ذات القعر الملطخ بسواد نار المواقد، ولكن أيضاً بذكريات طفولة وصور مأدبات غذاء وعشاء أقيمت في أعياد أو في أعراس أو مآتم. الصور الكثيرة المتدافعة تشغلها دائماً نساء يقمن بالطهي في منازلهن، أو رجال يقومون بالطهي في الرحلات البرية، وغيرها من الصور المجتمعية في ماضي وحاضر السعودية.
تقول بابتسامتها الهادئة إن الانطباعات المختلفة التي يثيرها العمل هي ما يهمها في المقام الأول، وتضيف: «هذا أهم شيء بالنسبة لي. الفن يذكِّر كل شخص بشيء معين، وبمرحلة في حياته، قال لي زوار من الهند إنهم أحسوا بالقرب من تلك القدور، عندما رأوا أسفلها عبارة (صُنِع في الهند). عندما يحرك الفن شعور الناس تصبح ردود الفعل هي الأهم بالنسبة لي». على اختلاف الأجيال والمشارب والجنسيات كانت ردود الفعل مختلفة، وذات معنى، تشير إلى أنها اصطحبت والدتها لمشاهدة العمل أثناء عرضه في معرض «21.39» بجدة عام 2014، وتفاعلت والدتها معه بشكل واضح.
من الأشياء اللافتة في أعمال ملوح هي العناصر التي تتكون منها أعمالها؛ فهي دائماً قطع مأخوذة من الحياة اليومية للفنانة، قطع أثَّرت بها أو لعبت دوراً في حياتها، وهنا في المعرض نجد أكثر مِن تصوير لهذا؛ فإلى جانب القدور هناك «أبراج» مصنوعة من الأوعية المعدنية التي أيضاً كانت تُستخدَم في تقديم الطعام بالمنازل، هنا أيضاً أشرطة الكاسيت التي احتفظت بها، كما تحتفظ بقطع كثيرة دخلت حياتها بشكل أو بآخر.
أسألها عن مغزى ذلك: «في أعمالك تستخدمين دائماً أشياء حياتية، لها علاقة بالماضي؟ القدور والصحون والأبواب والكاسيت كلها لها علاقة بالماضي ولها انعكاسات على الحاضر؟». تجيب: «كل فني مستمد من حياتي اليومية، أنا أحب التجول في البلد (وسط المدينة القديم) في الرياض أو في جدة، أزور الحراج (حيث تُباع الأشياء المستعملة) والأسواق الشعبية باستمرار. وأجدني منجذبة لتلك القطع التي اندثرت بشكل كبير من حياتنا، ولم نستبدل بها أشياء أخرى من صنعنا أو تُمثّلنا. عندما أذهب لتلك الأسواق الشعبية أجد الأشياء المستوردة التي لا تعبر عنا، وأجدني أفكر فيما سنترك للأجيال الجديدة؟ فكل جيل من واجبه ترك إبداعاته وأعماله للجيل الذي يليه، ماذا سنترك نحن؟ في المتاحف في بلدان مجاورة وفي أوروبا نرى دائماً المعروضات التي تركتها أجيال قديمة، وفي أوروبا هناك دائماً الجديد الذي يُضاف لما تركه الأقدمون».
رحلات الاستكشاف في الأسواق الشعبية غذَّت هواية للفنانة في جمع الأشياء: «بدأتُ في جمع تلك القطع التي أراها وأضعها عندي في الاستوديو الخاص بي، وقد تمر أعوام قبل أن أقرر الطريقة التي أريد أن أتعامل معها فنياً. (قدور) الطبخ جمعتها على أساس أن أستخدمها كحاويات لنباتات الزينة في منزلي، أكثر شيء جذبني لها هو الجزء الأسفل المتفحم بفعل نار الطهي. وضعتها عندي في الاستوديو ثم علقتها على الحائط، ووجدت أنها حركت شعوري، وأن بها دراما، وقررت عرضها بعد ذلك». أما لماذا أطلقت على العمل عنوان «المعلقات»، فتشرح: «كنت أعمل بحثاً حول المعلقات والأماكن التي تقع في نجد وتغنى بها الشعراء، الذين ذكروا في قصائدهم الجبال السوداء. ذكّرتني القدور بهذه الجبال، وأحسستُ أنها تحكي قصصاً من المجتمع، سواء أكانت قصص البدو في البادية أو في البيوت، عندما كنا نستخدمها، منها ما كان يستخدم لطهي الجمال، وكانت تُستخدم في مجالس الرجال للطبخ، ورأيت أنها (القدور) معبِّرة جداً، وقررت تعليقها كما هي، وعندما طُلب مني عمل للعرض في معرض (21.39) بجدة عام 2014 قررت المشاركة به».
دعوة من بينالي البندقية
في عام 2017 تلقَّت ملوح دعوة من إدارة بينالي البندقية للمشاركة ضمن المعرض العام الذي يُقام تحت إشراف البينالي، تقول: «كنتُ أول فنانة سعودية تتلقى مثل هذه الدعوة، بالنسبة لي كان شيئاً كبيراً، وأرى كل مشاركة دولية لي تعد تحدياً جديداً وتزيد معها المسؤولية».
في آخر مشاركة لها بمعرض في السعودية لجأت ملوح مرة أخرى للأسواق الشعبية لتجد ضالتها في أجهزة التكييف التي تعمل بالماء، ويُطلق عليها في السعودية «مكيفات صحراوية». تشرح أكثر: «آخر مشاركة لي في السعودية كانت من خلال معرض (21.39) بجدة عام 2015. كان الموضوع العام عن الأرض وعن البيئة وعندما طُلِب مني تقديم عمل، فكرتُ في حياتي بالرياض حيث أعيش، وهي منطقة صحراوية، ولمقاومة الحر نستهلك طاقة كبيرة من الكهرباء في أجهزة التكييف. من هنا جاءت فكرة المكيِّفات الصحراوية التي استُخدِمت في البيوت قديماً، وأصبحت تُستخدَم بصورة موسمية في موسم الحج ثم تباع بأسعار رخيصة في الأسواق الشعبية». فكرة ملوح كانت أن تجمع عدداً من تلك المكيفات التي تم الاستغناء عنها، وتشكّلها على هيئة «مكعب روبيك» الشهير، في إشارة إلى أن هناك معضلة بيئية تحتاج إلى الحل تماماً مثل محاولات حل لغز «مكعب روبيك».
تقول: «ابتعتُ 27 مكيفاً، وحاولتُ أن ألوِّنها بألوان صحراوية، وبعضها كان لا يزال يعملُ، وسمّيت العمل (لتظلَّ بارداً). أعتقد أنه من الأعمال التي تمس الكثيرين؛ كل منا يتفاعل معها بشكل ما، هي أشياء نراها دائماً إلى درجة أن أصبحنا لا نراها، وغابت عن أعيننا، ولكن دور الفنان أن يظهر للناس أشياء قد لا يلحظونها، رغم أنهم قد يفكرون بها طوال الوقت».
ألاحظ أنها تستخدم في أعمالها عناصر ترتبط بحياتنا في الماضي، وأتساءل إن كانت تلك مجرد حالة من الحنين للماضي (نوستالجيا)؟! أو أنها تفعل ذلك مدفوعة بتصور للمستقبل؟
تجيبني: «الاثنين معاً، عندما أرى هذه الأشياء، وأتذكرها، أبدأ بالتفكير في الاستفادة منها في شيء جديد للمستقبل. مثل الأشرطة الكاسيت؛ كنتُ أجدها مهملة في أكياس بلاستيك سوداء، كان الناس لا يحبذون إلقاءها في المهملات، ولهذا كانت تُترَك جانباً. كنتُ أجمعها دائماً، وأفكِّر في طريقة لاستخدامها؛ فهي تذكِّرنا بمرحلة من حياتنا، في البيت كان عندي (صواني) الخبز الكبيرة، نظفتُها واستخدمتها لوضع الأشرطة بها». ومن هنا وُلِدت فكرة عملها الأشهر «غذاء للفكر».
تستمتع ملوح بمرحلة البحث والتجميع التي تقوم بها في الأسواق: «قررتُ أن أبحث عن مجموعة من (الصواني) مماثلة لعمر الأشرطة ذاته، وبدأتُ جولة في الرياض للبحث عنها من مخبز لمخبز، تلك الرحلات للبحث كانت ممتعة جداً بالنسبة لي أكثر من نهاية العمل».
أجدني مدفوعة بفضول لأعرف ما ردة الفعل لدى أصحاب المخابز الذين طلبت منهم تزويدها بـ«صواني» الخبز القديمة، تقول: «بعضهم وافق وبعضهم استغرب، قررتُ أن أقدِّم للمخابز صواني جديدة لأستطيع الحصول على المستخدَمة من عندهم، أحدهم قال لي: لماذا لا تأخذين أنت الجديدة بدلاً من أن تعطيني؟ نجحتُ عموماً في الحصول على مجموعة من (الصواني) أخذتُها للمنزل ونظفتُها من الدهون المتراكمة فيها، وبدأت برصِّ الأشرطة فيها، وهنا برقت فكرة العنوان (غذاء للفكر)» وتضيف أن أشرطة الكاسيت كانت «تعكس مرحلة ما مررنا بها، يجب أن تستفيد الأجيال الحديثة من تجربتنا، عموماً هي من زمن ماضٍ، حتى أشكالها غريبة للأجيال الجديدة؛ فهي خارج الاستخدام... تذكرنا بالتغيير».
تؤكد ملوح خلال الحوار أكثر من مرة على أن فنها ينبع من الأشياء البسيطة في حياتها، وتتذكر عند دراستها للتصوير الفوتوغرافي قررت أن تصور أغراضها الخاصة: «وضعتُها تحت المكبر لألتقط صوراً لها للحفاظ عليها كذكريات، العملية كانت ممتعة بالنسبة لي، وأعجبتُ بالنتيجة وقررت إقامة معرض بالأعمال الناتجة، وبالفعل أقمت معرضاً فردياً في الرياض عام 2007، وكانت نظريتي أن الأشياء البسيطة في حياتنا لها قيمة معنوية أكثر بكثير من الأشياء المادية غالية الثمن».



اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
TT

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)

حظي الفنان المصري نبيل الحلفاوي باهتمام واسع على «السوشيال ميديا» إثر مرضه، وانتقاله للعلاج بأحد مستشفيات القاهرة، وتصدر اسم الفنان «الترند» على «إكس» في مصر، الجمعة، بعد تعليقات كثيرة من أصدقائه ومتابعيه على منصة «إكس»، داعين له بالسلامة، ومتمنين له سرعة الشفاء والعودة لكتابة «التغريدات».

صورة للفنان نبيل الحلفاوي (متداولة على إكس)

واشتهر الحلفاوي بنشاط تفاعلي على منصة «إكس»، معلقاً على العديد من القضايا؛ سواء العامة أو السياسية أو الفنية، أو الرياضية بالتحديد، بوصفه واحداً من أبرز مشجعي النادي الأهلي المصري.

وكتب عدد من الفنانين داعين للحلفاوي بالسلامة والتعافي من الوعكة الصحية التي أصابته والعودة لـ«التغريد»؛ من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي كتب على صفحته على «إكس»: «تويتر X ما لوش طعم من غيرك يا بلبل»، داعياً الله أن يشفيه.

وكتب العديد من المتابعين دعوات بالشفاء للفنان المصري.

وكان بعض المتابعين قد كتبوا أن أسرة الفنان نبيل الحلفاوي تطلب من محبيه ومتابعيه الدعاء له، بعد إصابته بأزمة صحية ونقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

ويعد نبيل الحلفاوي، المولود في القاهرة عام 1947، من الفنانين المصريين أصحاب الأعمال المميزة؛ إذ قدم أدواراً تركت بصمتها في السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أعماله السينمائية الشهيرة: «الطريق إلى إيلات»، و«العميل رقم 13»، ومن أعماله التلفزيونية: «رأفت الهجان»، و«لا إله إلا الله»، و«الزيني بركات»، و«غوايش»، وفق موقع «السينما دوت كوم». كما قدم في المسرح: «الزير سالم»، و«عفريت لكل مواطن»، و«أنطونيو وكليوباترا».

نبيل الحلفاوي وعبد الله غيث في لقطة من مسلسل «لا إله إلا الله» (يوتيوب)

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «نبيل الحلفاوي نجم كبير، وله بطولات مميزة، وهو ممثل مهم لكن معظم بطولاته كانت في قطاع الإنتاج»، مستدركاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكنه في الفترة الأخيرة لم يكن يعمل كثيراً، شارك فقط مع يحيى الفخراني الذي قدّر موهبته وقيمته، كما شارك مع نيللي كريم في أحد المسلسلات، فهو ممثل من طراز فريد إلا أنه للأسف ليس اجتماعياً، وليس متاحاً كثيراً على (السوشيال ميديا). هو يحب أن يشارك بالتغريد فقط، ولكن لا يتفاعل كثيراً مع المغردين أو مع الصحافيين. وفي الوقت نفسه، حين مر بأزمة صحية، وطلب المخرج عمرو عرفة من الناس أن تدعو له بالشفاء، ظهرت مدى محبة الناس له من أصدقائه ومن الجمهور العام، وهذا يمكن أن يكون فرصة لمعرفة قدر محبة الناس للفنان نبيل الحلفاوي».