عبد الواحد الحميد... مرفأ ثقافة وفنار جيل

د. عبد الواحد الحميد
د. عبد الواحد الحميد
TT

عبد الواحد الحميد... مرفأ ثقافة وفنار جيل

د. عبد الواحد الحميد
د. عبد الواحد الحميد

على مدى اثني عشر عاماً، يلتئم الملتقى الفكري سنة بعد أخرى، في سكاكا الجوف، المقرّ الرئيس لمركز عبد الرحمن السديري الثقافي، وفي دار الرحمانية فرعه بمحافظة الغاط، وتتحرّى هيئته من موضوعات التنمية ما يلامس احتياجات الوطن، كي يُؤدّي المنتدى وظيفته الثقافيّة بوصفه «خليّة تفكير» تضاف إلى مهماته الاجتماعيّة الأخرى، وفق نظام المركز الأساسي، الذي بدأ به قبل خمسة عقود ونيّف.
وعلى مدى سنوات، أنجبت الجوف عبر مسيرة تنميتها، جيلاً ناهضاً يُمثّل ثمار التنمية وقطاف التجربة، جمع بحسّ واعٍ، بين ضمير الوفاء لمحيطه ومسؤوليّة الولاء لوطنه، وصار بثقافة نوعيّة، مضيئاً في مجتمعه ووضيئاً لأمته، جيلاً شقّ طريقه رغم المعوّقات، فخرّج المعلّم والشرعي والشوري والمهندس والطبيب والزراعي، ووضع كل بحسب اجتهاده، هموم مجتمعه الداني في مصافّ تطلّعات المناطق الأخرى.
أثبت هذا الجيل «الجوفيّ» النابض، كما في المناطق الطرفيّة المقاربة في ظروفها المفتقرة إلى حظوظ متوازنة في التنمية، أن عائد الاستثمار في رأس المال البشري هو الأهمّ من بين أنواع الاستثمار على المدى الطويل.
واليوم، ومع استقبال منطقة الجوف عهداً واعداً يُبشِر بمستقبل أكثر إشراقاً، خصّصت هيئة المنتدى هذه الدورة السنويّة الثانية عشرة، للبحث في آفاق فرص الاستثمار فيها على النحو الذي ستتناوله محاور المنتدى، وأن تحتفي بهذه المناسبة بجيل الجوف المتوثّب من خلال تكريم رمزه المتألّق د. عبد الواحد الحميد.
عُرف المحتفى به في أثناء الخدمة العامة، أستاذاً في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فأميناً لمجلس القوى العاملة، ونائباً لوزير العمل، وعضواً في مجلس الشورى، وعُرفت له جهود واقعيّة في ترتيب حال سوق العمل، وتقنين أوضاعها وقطاعاتها، وزاده الترجل عن المنصب قبل ثماني سنوات، توقّداً بالإنتاج الفكري، واضعاً عيناً على المنطقة وأخرى على الوطن، متابعاً قضاياه، ومنشغلاً بحركته التنويريّة في كل اتّجاه، مسكوناً على وجه الخصوص بهاجس التوطين الذي شخّصه كتابه «السعودة أو الطوفان» ووقّعه د. غازي القصيبي بالقول «كتاب يجب أن يقرأه كل مواطن حريصٍ على مستقبل هذا الوطن، أمّا المعنيّون بشؤون العمل فيجب أن يقرأوه أكثر من مرّة».
وبذل الدكتور عبد الواحد وزملاؤه، من خلال عضويّته في مجلس إدارة هذا المركز ومجلسه الثقافي ورئاسته لهيئة النشر ودعم البحوث، جهوداً تطوّعيّة مشكورة، أفرزت دراسات فكريّة وتوثيقيّة متنوّعة، في مجالات التنمية الاجتماعيّة والثقافيّة والتاريخيّة والأثريّة والإنسانيّة في منطقة الجوف بخاصة، وفي المملكة بعامة، حتى صار المركز، بفضل الله، ثم بإصداراته وبندواته في الجوف والغاط، وفي الداخل والخارج، مُعزّزاً بجهود هيئة النشر، معلماً ثقافيّاً مشعّاً بين المراكز الثقافيّة المشهودة في المملكة العربيّة السعودية وفي المحيط العربي.
كان الدكتور عبد الواحد الأكاديمي المتخصّص في الاقتصاد، وعبر معرفته بمقوّمات البيئة الاستثماريّة في منطقته (الجوف) يتبنّى القضايا والمطالب التنموية والثقافية عبر الصحافة والندوات والملتقيات الفكرية ومن خلال العمل في اللجان الحكومية العليا، ومن صور تلك الاهتمامات اقتراحه موضوع المنتدى، مما جعله ينفث في محاوره الكثير من فِكَره واقتراحاته.
ولا يفوت في هذا السياق، الإشادة بفكره الرشيق، وبأسلوبه الإبداعي الأنيق، اللّذين تجلّت بهما سيرته الذاتيّة «سنوات الجوف»، وهي تتفرّد في ظنِي بأجمل وصف روائي لمجتمع سكاكا في منتصف القرن الميلادي المنصرم، وحاولت تسجيل التاريخ الإنثروبوجي والثقافي للمنطقة بسياق اجتماعي واعٍ، فأبرزت سيرته أن الثقافة تجري في عروقه من خلال متابعاته وقراءاته ونقده وتذوّقه وكتاباته الصحافية، ولولا أن تخصّصه الأساس في الاقتصاد من جامعة «ويسكانسون»، لظُن أنه متخرّج في جامعة نخبويّة للدراسات الأدبيّة.
أورَدَت سيرته ذكريات مع أرياف سكاكا وحاراتها وأسواقها ومزارعها ومساجدها ومدارسها الطينيّة والعلاقات بين الأُسر، وسردت مواقف واكبت تفتّح أعين أهل الجوف على القراءة، ومعايشتهم نوافذ مبكّرة شُرّعت للمعرفة والأدب، ومنها مكتبة الثقافة العامة، المبرّة التي أوقفها عام 1383هـ عبد الرحمن السديري أمير منطقة الجوف الأسبق، لتصبح نواة هذا الصرح الاجتماعي والثقافيّ، البالغ هذا العام الخامسة والخمسين من العمر.
تولّع أبو أريج منذ صغره ولا يزال، بجمع وثائق الجوف وما يُنشر عنها من قصص تطوّر هذه المنطقة، بما فيها مخاطبات وكتابات دأب على طرحها هو وشباب الجيل في الصحف المحليّة، للتعريف بالجوف والمطالبة باستكمال احتياجاتها التنمويّة، والتذكير بالفرص الاستثماريّة فيها، وبمخزونها الأثري وإمكاناتها الزراعيّة، وتلك وثائق تنتظر من المؤسسات الثقافيّة، تنظيم معرض يُعرّف بقيمتها التاريخيّة، التي يختص وأمثاله بالاحتفاظ بكميات منها.
ومع أن المحتفى به لم يتسنّم مناصب تنفيذيّة في وزارات خدميّة، فإنه وزملاءه ممن تسكن الجوف في أعماق جوفهم وأحشائهم، عملوا على إيصال صوت مجتمعها عبر الكتابات والتعليقات، أسوة بمجموعات التأثير في مجتمعات لم تحظ بقدر متوازن من برامج التنمية ومشروعاتها، فقال د. عبد الواحد عن نفسه في هذا الصدد لمجلة «اقرأ» عام 1417هـ: «لو أنني أكتب وفاءً مع مسقط الرأس فهي ضريبة صغيرة أدفعها بكل الحب والرضا للجوف، لكنني من أنصار التنمية المتوازنة التي تهتم بالأقاليم، ولا تقتصر فقط على المناطق الرئيسية...» انتهى كلامه. في هذا السياق، نستذكر رأياً للملك سلمان، عبّر عنه عام 1427هـ تعليقاً على مقال لأحد الصحافيين في جريدة «الوطن»، «إذا لم يكن الإنسانُ وفياً لمسقط رأسه لا يكون وفياً لوطنه».
هكذا ارتبط د. الحميد بوجدان لا يُلام عليه مع مسقط رأسه، ووجدناه منبعاً مخلصاً ونزيهاً، لأفكار التنمية المتوازنة والموضوعيّة، ورافداً لا يكلّ، للإبداع والتطوير، ومصدراً متفاعلاً مع رؤية الوطن وتحوّلاته الاقتصاديّة والثقافيّة، يُعبّر منتدانا اليوم عن تقدير مكنون له، حانت ساعة البوح بقليل منه لا يفِيه قدره، فما بقي عندنا أكثر، ويبقى أبو أريج مرفأً من مرافئ الثقافة، وفناراً يستنير الجيل بشعاعه.

(-) بمناسبة تكريم عبد الواحد الحميد في منتدى عبد الرحمن السديري للدراسات السعودية، الجوف 24 - 11 - 2018.



أحمد العوضي لـ«الشرق الأوسط»: الدراما الشعبية تشبهني

العوضي في كواليس تصوير مسلسله (حساب العوضي على فيسبوك)
العوضي في كواليس تصوير مسلسله (حساب العوضي على فيسبوك)
TT

أحمد العوضي لـ«الشرق الأوسط»: الدراما الشعبية تشبهني

العوضي في كواليس تصوير مسلسله (حساب العوضي على فيسبوك)
العوضي في كواليس تصوير مسلسله (حساب العوضي على فيسبوك)

قال الفنان المصري أحمد العوضي إن مسلسل «فهد البطل» الذي يجري عرضه في رمضان يتضمن توليفة منوعة تجمع بين الشعبي والأكشن والصعيدي عبر سياق درامي متشعب يطرح قضايا ومشكلات اجتماعية وحياتية منوعة.

وأكد العوضي في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» أن الشخصية التي يجسدها مختلفة، ولا تمت بِصِلة لما قدمه من قبل، موضحاً أنه يقدم شخصيتين يتنقل بينهما بأريحية وإتقان، خصوصاً أن العمل مكتوب بحرفية من المؤلف محمود حمدان، كما أن لكل شخصية منهما طريقة وسمات وشكلاً مختلفاً.

ويشاركه البطولة نخبة من النجوم من بينهم ميرنا نور الدين، وكارولين عزمي، وعايدة رياض، ولوسي، وأحمد عبد العزيز، وعصام السقا، ومن إخراج محمد عبد السلام.

أحمد العوضي في كواليس مسلسل «فهد البطل» (حساب العوضي على فيسبوك)

ووفق العوضي، فإنه حرص على تقديم مشاهد الأكشن بنفسه في المسلسل، ورفض الاستعانة بـ«دوبلير»، موضحاً أنه «يمارس الرياضة منذ الصغر، ولا تمثل له هذه المشاهد مشكلة، ولم يواجه في أدائها معوقات».

وقال العوضي إن «فكرة انتظار الناس للمسلسل قبل عرضه تشعره بالخوف والسعادة في آنٍ واحد، لكنه أكد اطمئنانه للحالة الإيجابية التي صنعها «فهد البطل» بين الناس حتى الآن.

ويوضح سبب تفضيله تقديم أعمال درامية شعبية قائلاً: «أنا أنتمي لمنطقة شعبية، وأحب تقديم هذا اللون عبر شخصيات مختلفة وأفكار تحمل في طياتها العديد من المواقف الحياتية التي تهم الناس ويعيشونها بالفعل، خصوصاً أن ما أقدمه يشبه إلى حد كبير طبيعة الناس الذين نشأت بينهم، وتعبر عني وعنهم».

أحمد العوضي في كواليس مسلسل «فهد البطل» (حساب العوضي على فيسبوك)

وبشأن الانتقادات التي وُجهت له في هذا الشأن قال: «أغلبية جمهوري يؤيدني ويتابعني وينتظر هذا اللون مني، لذا فأنا أخاطبهم وأحرص على تقديم ما يفضلون، ورغم ذلك فإن من لا يحب مشاهدة الدراما الشعبية بإمكانهم مشاهدة أعمال أخرى بعيدة عن هذا النوع».

ويضيف أن الانتقادات لن تؤثر في قناعاته، وأن من انتقده من قبل سيظل ينتقد، لذا سيقدم ما يطلبه الجمهور حتى لو طلب دراما شعبية أيضاً العام المقبل في موسم رمضان مع الحرص على الاختلاف، فمهمته مخاطبة جمهوره عبر أعمال فنية تتحدث عنهم وتنجح وتحقق مشاهدات عالية، وفق قوله.

العوضي يؤكد استمراره في تقديم اللون الشعبي (حساب العوضي على فيسبوك)

وحول الصراع على ثيمة «الأكثر مشاهدة» بين الفنانين عبر «السوشيال ميديا» يقول العوضي: «لا أرى أنه صراع، فكل فنان وصانع له مطلق الحرية في الترويج لعمله والاحتفاء بنجاحه بالشكل الذي يرضيه ولا أرى عيباً في ذلك، لكن الناجح يشار إليه حتى لو كان عمله بين مئات الأعمال الأخرى، والناس يعون ذلك جيداً».

مسلسل فهد البطل ينتمي للدراما الشعبية (حساب العوضي على فيسبوك)

ويفسر الفنان المصري تفاعله مع متابعيه عبر «السوشيال ميديا» بقوله إنه «يسعى لأن تكون السعادة متبادلة مع جمهوره لأنه يرى أنه شريك أساسي في ماله ونجوميته، وكان داعماً له، وصنع اسمه منذ بدايته؛ لذا فهو يحب الوجود معه في كل مكان ومساندته بالمثل»، موضحاً أنه لا يجيد اللعب على وتر المشاعر، بل يفعل ما يمليه عليه قلبه وعقله تجاه جمهوره، على حد تعبيره.

ويطمح العوضي لتجسيد شخصية «فاتح الأندلس» طارق بن زياد، مؤكداً أنه على استعداد لتخطي جميع الصعاب لتقديم هذه الشخصية الثرية في حال أتيح له ذلك، كما كشف العوضي أنه يستعد لبدء تصوير فيلم رومانسي أكشن.

أحمد العوضي في أحد مشاهد مسلسل «فهد البطل» (حساب العوضي على فيسبوك)

وتحدث عن رغبته في الوقوف على خشبة المسرح، لكن انشغاله بالسينما والدراما التلفزيونية يعوق ذلك راهناً. كما يرفض العوضي فكرة الغناء في أعماله حتى لو على سبيل الترويج للعمل.

ويفضل العوضي عرض أعماله في موسم دراما رمضان، مؤكداً أنه موسم النجوم والموسم الدرامي الأهم على مدار العام.

ورغم أن العوضي أبدى عدم اهتمامه بالألقاب الفنية، فإنه أكد أن من حق أي شخص إطلاق ما يحب على نفسه.