يتابع سكان قطاع غزة، عن كثب الاتصالات العربية والدولية الحالية في عدد من العواصم في العالم لبحث الشروط التي تطالب بتحقيقها الفصائل الفلسطينية وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق تهدئة يوقف إطلاق النار ويلبي تطلعات الجانبين وفقا لرؤية كل منهما وحاجته لتلك التهدئة على الصعيد الأمني والسياسي وحتى الاقتصادي.
وانقسم الفلسطينيون الذين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم بشأن المقترحات والمبادرات التي قدمت من عدة جهات وأعربت غالبيتهم، بعيدا عن الجهات التي قدمت تلك المبادرات، عن أملهم في أن تحقق لهم مستقبلا جديدا بعيدا عن الحروب والدمار الذي لحق بهم بعد مرور 22 يوما من العدوان الإسرائيلي الذي تصاعدت حدته في الأيام الأخيرة وخلف أكثر من ألف قتيل ونحو ستة آلاف جريح.
ويقول المواطن فخري زيارة، من سكان حي التفاح، إنه يقف إلى جانب مطالب فصائل المقاومة في ضرورة رفع الحصار عن القطاع وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال والسماح للفلسطينيين بالتنقل بحرية عبر المعابر المختلفة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه يفضل وقف إطلاق النار اليوم قبل الغد لكن ليس من دون تحقيق إنجاز سياسي فلسطيني يحقق المطالب الوطنية التي أيدتها كل الفصائل بما فيها قيادة السلطة في رام الله.
وأشار زيارة إلى أن بيته دمر بشكل شبه كلي جراء القصف العنيف الذي استهدف الحي مع بدء التوغل البري شرق مدينة غزة، قائلا «نحن نريد اتفاقا يضمن إعادة بيوتنا كما كانت ويرفع الحصار لكي يتاح لنا فرصة للعمل من خلال تحسين الاقتصاد الفلسطيني بفتح المعابر وإدخال المواد الخام وما يحتاجه القطاع». وأضاف «بلغت من العمر 53 عاما، ومنذ 14 عاما لم أجد فرصة عمل واحدة بعد أن منعت من العمل داخل الخط الأخضر، فكيف سأعيد بناء منزلي المدمر وأنا لا أملك قرشا واحدا أبني فيه غرفة وليس منزلا. هناك آلاف المنازل المدمرة من يستطيع من أصحابها أن يعيدها إلى ما كانت عليه في ظل عدم توفر الإسمنت والحديد وغيره؟ لذلك نحن ضد أي اتفاق تهدئة لا ينص صراحة على إعادة الإعمار ويجب عدم القبول به رسميا وشعبيا».
وتتطلع غالبية مواطني غزة إلى وقف ما وصفوه بـ«الحرب المجنونة» ضدهم من خلال التوصل إلى اتفاق يضمن لهم الأمن والأمان وينهي هذه الحقبة الزمنية الممتدة لست سنوات كان عنوانها الحروب والقتل والدمار، من جهة، والحصار والمرض ونقص الطعام، من جهة أخرى.
وأعربت المواطنة أنعام الشلبي، 41 سنة، عن أملها في أن تعلن التهدئة سريعا وينسحب الاحتلال من المناطق التي توغل فيها وتتوقف الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع، مشيرة إلى الوضع الإنساني الكارثي الذي تعيشه العائلات النازحة من بيوتها في الأحياء الشرقية من قطاع غزة، إلى مدارس الأونروا وبعض الأماكن العامة التي لجأوا إليها ولا يجدون فيها أدنى مقومات الحياة. مضيفة «نحن نريد أن نعود لحياتنا وهؤلاء المشردون يريدون أن يبحثوا عما تبقى من تلك الحياة. آن الأوان لأن يتوقف نزيف الدم، لم تعد قلوبنا تتحمل كل ما يجري». وطالبت قيادة السلطة الفلسطينية بالتحرك الجاد دوليا من أجل حماية الفلسطينيين في غزة بعيدا عن المبادرات المقدمة للتهدئة. مشيرة إلى أن «التهدئة الإنسانية» التي تعلن من حين لآخر في غزة تظهر مدى الوضع الكارثي الذي هو بحاجة إلى تدخل سريع للضغط على كل الأطراف لوقف هذه الحرب المجنونة.
وقالت أنعام الشلبي «نحن لسنا ضد المقاومة وشروطها ولكن أيضا لسنا مع التشدد بشروطنا في هذه المرحلة التي ينزف فيها الدم كل ثانية ونفقد فيها عزيزا على قلوبنا، يجب أن يتوقف نزيف الدم قبل كل ذلك وثم مناقشة الشروط والمطالب بما يضمن أيضا لنا حرية الحياة قبل حرية الموت».
المواطنة سهيلة أبو عبيد تخالف، بدورها، الرأي الذي عبرت عنه أنعام الشلبي، وقالت إن «شروط الفصائل الفلسطينية هي مطالب شرعية بامتياز ويجب عدم وقف إطلاق النار بعد كل هذا النزف من الدماء من أجل الخروج دون أدنى المطالب التي قدمت من قبل الفصائل». وأضافت «الاحتلال يتعنت ويحاول صنع نصر وهمي له على المقاومة من خلال عدم الموافقة على تهدئة بهذه الشروط، وذلك يظهر للعيان من خلال ممارسات الاحتلال على الأرض بقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين للضغط على المقاومة للقبول بشروطه، في حين أن المقاومة تصر على شروطها وبالتأكيد نفضل وقف الحرب لكن ليس على حساب تلك الدماء».
وفي معرض رد المواطن شريف المصري على سؤال حول إمكانية تلاشي الآمال لدى سكان القطاع في تحقيق هدنة دائمة، قال «هذه المخاوف موجودة فعلا والجميع يريد لهذه الحرب أن تقف من دون التسليم والانتقاص من أي مطلب طلبته المقاومة خصوصا أنها مطالب عامة لنا كفلسطينيين. نريد أن نعود إلى حياتنا الطبيعية كما يعيشها جميع العالم، يجب ألا نحرم من هذه الحياة، نريد مستقبلا جميلا لأبنائنا وعائلاتنا بعيدا عن القتل والدمار والحروب التي تشنها إسرائيل كل عامين على غزة».
وأضاف «كل الذين يتنقلون من عاصمة إلى أخرى بحثا عن تهدئة توقف الحرب يجب أن يتذكروا أن هناك عائلات باتت بلا مأوى وعائلات أبيدت بأكملها وعليهم أن يتحملوا مسؤولية حماية الشعب لا أن يفرطوا في حقوقه».
مواطنون في غزة لـ {الشرق الأوسط}: نريد هدنة تضمن الأمن ورفع الحصار
دعوا أصحاب المبادرات إلى أن يتذكروا العائلات التي أبيدت بالكامل أو شردت
مواطنون في غزة لـ {الشرق الأوسط}: نريد هدنة تضمن الأمن ورفع الحصار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة