مجلس الوزراء التونسي يناقش قانونَي المساواة في الإرث والطوارئ

إشراف رئيس الجمهورية على الاجتماع يؤكد استمرار الخلاف بين رأسي السلطة التنفيذية

رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في جلسة للبرلمان (إ. ب. أ)
رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في جلسة للبرلمان (إ. ب. أ)
TT

مجلس الوزراء التونسي يناقش قانونَي المساواة في الإرث والطوارئ

رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في جلسة للبرلمان (إ. ب. أ)
رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في جلسة للبرلمان (إ. ب. أ)

ترأس الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية التونسية، أمس، في قصر قرطاج، مجلساً للوزراء خصص لمناقشة مشروع قانون تنظيم حالة الطوارئ، والمبادرة الرئاسية المتعلقة بقانون المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.
وفسر مراقبون للوضع السياسي في تونس، إشراف الرئيس على هذا الاجتماع، بأنه خطوة محسوبة تخفي مؤشرات على استمرار الخلاف السياسي الحاد بين رأسي السلطة التنفيذية، بعد أن اعتمد رئيس الحكومة يوسف الشاهد على الفصل 92 من الدستور، لإقرار تعديل وزاري عارضه الرئيس علانية، غير أن رئيس الحكومة أكد أنه تصرف وفق ما يمنحه له الدستور من صلاحيات.
ويعد الاجتماع الوزاري أمس، الأول من نوعه منذ تولي الرئيس السلطة، إثر انتخابات 2014، التي فاز فيها على منافسه المنصف المرزوقي. وقد اعتمد في إشرافه على هذا الاجتماع على ما ورد في الفصل 93 من دستور 2014، الذي يمنحه صلاحيات الإشراف على مجلس الوزراء، في حال مناقشة ملفات تتعلق بالأمن العام وحماية الدولة من المخاطر. وينص هذا الفصل على أن رئيس الجمهورية يرأس مجلس الوزراء وجوباً في مجالات الدفاع، والعلاقات الخارجية، والأمن القومي المتعلق بحماية الدولة والتراب الوطني من التهديدات الداخلية والخارجية، وأن يحضر ما عداها من مجالس وزراء، وعند حضوره يرأس المجلس.
وبخصوص مشروع القانون الجديد، المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ المعلنة في البلاد بصفة متواصلة منذ 24 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، إثر الهجوم الإرهابي على حافلة للأمن الرئاسي قرب وسط العاصمة، أوضحت سعيدة قراش، المتحدثة باسم رئاسة الجمهورية، أن محتوى هذا التنقيح ينحو نحو تعميق احترام الحريات الفردية، والرجوع إلى القضاء في حال وجود تهديد لأمن البلاد، مبرزة أنه سيطلق عليه «قانون اليقظة أو الحذر»، بدل قانون الطوارئ، على غرار النموذج الفرنسي.
كما أكدت قراش أن القانون الجديد اقترح مدة أقصاها ثلاثة أشهر، وذلك بعد استشارة مجلس الأمن القومي، الذي يضم في تركيبته رئيس الحكومة والبرلمان، ووزراء العدل والدفاع والداخلية، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية العليا.
ويتضمن مشروع القانون المنظم لحالة الطوارئ ضرورة إشراف القضاء على كل القرارات، التي تتخذها وزارة الداخلية بصفة استثنائية، وهي ضمانات لم تكن متوفرة في السابق؛ حيث اتخذ يوسف الشاهد أثناء حملة الحكومة ضد الفساد في سنة 2017، قرارات تقضي بالإقامة الإجبارية، والسجن، ضد عدد من المهربين والمهددين للأمن الوطني، دون الرجوع إلى القضاء، وهو ما كان موضع انتقادات كثيرة من قبل منظمات حقوقية معروفة، وفي مقدمتها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ومنظمات دولية، من بينها «هيومن رايتس ووتش» ومنظمة العفو الدولية.
كما منح القانون الجديد إمكانية اللجوء إلى المحكمة الإدارية (المحكمة التي تنظر في قضايا تجاوز السلطة وخرق القانون) للطعن في القرارات التي تتخذها وزارة الداخلية.
كما اعتمد الشاهد على محتوى قانون الطوارئ لاعتقال عدد من رجال الأعمال والمهربين، وذلك بمقتضى ما يوفره هذا القانون من إمكانية اتخاذ إجراءات استثنائية، من بينها الاعتقال والإقامة الإجبارية، والمنع من السفر.
وخلال هذا الاجتماع ناقش مجلس الوزراء أيضاً مشروع قانون المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة المثير للجدل، وهو مقترح تقدم به رئيس الجمهورية. ومن المنتظر عرضه ضمن جلسة برلمانية، والمصادقة عليه، في ظل خلافات متعددة بين الأطراف اليسارية والتيارات الإسلامية.
وكانت حركة النهضة قد رفضت هذه المبادرة عبر بيان أصدره مجلس الشورى التابع للحزب، والذي أكد من خلاله رفضه لأي مبادرة تتعارض مع ما ورد في الشريعة الإسلامية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».