أنقرة تحض واشنطن على استكمال «خريطة» منبج بنهاية العام الحالي

الجيش التركي يدعو أهالي إدلب للتعاون في تنفيذ اتفاق سوتشي

TT

أنقرة تحض واشنطن على استكمال «خريطة» منبج بنهاية العام الحالي

طالبت تركيا بالعمل على الانتهاء من تنفيذ خريطة الطريق الموقعة مع الولايات المتحدة بشأن منبج قبل نهاية العام الجاري، في وقت قرر التحالف الدولي للحرب على «داعش» بقيادة واشنطن نشر نقاط مراقبة على الحدود السورية - التركية لتجنب التصعيد بين أنقرة و«وحدات حماية الشعب» الكردية في الشمال السوري.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه يتعين استكمال خارطة الطريق المتفق عليها بين بلاده والولايات المتحدة بشأن مدينة منبج السورية، قبل نهاية العام الجاري. وأضاف جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أمس أن تطبيق خريطة الطريق شرق نهر الفرات سيشهد إخراج «وحدات حماية الشعب» الكردية من المدن الواقعة هناك، في تلميح إلى توسيع اتفاق منبج إلى مناطق شرق الفرات.
ويقضي اتفاق خريطة الطريق في منبج الموقع من وزيري خارجية تركيا والولايات المتحدة في واشنطن في 4 يونيو (حزيران) الماضي، بانسحاب «وحدات حماية الشعب» الكردية من منبج والإشراف المشترك على الأمن والاستقرار في المدينة إلى حين تشكيل مجلس محلي من سكانها لإدارتها على أن ينفذ الاتفاق وفق جدول زمني مدته 90 يوما، لكن الاتفاق لم ينفذ كاملا في موعده واتهمت أنقرة واشنطن بالتباطؤ في تنفيذه لصالح «وحدات حماية الشعب» التي تشكل العمود الفقري لتحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيا في إطار الحرب على تنظيم داعش الإرهابي.
وكخطوة جاءت بعد إلحاح طويل من أنقرة، بدأ في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري تسيير دوريات مشتركة بين القوات الأميركية والتركية في منبج، لكن مسلحي الوحدات الكردية لم يخرجوا منها بعد.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد قال إن أنقرة عازمة على التركيز على مواجهة المسلحين الأكراد شرقي نهر الفرات. وتعتبر أنقرة حزب العمال الكردستاني والمسلحين المرتبطين به في سوريا والعراق تنظيمات إرهابية.
وكان وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس أعلن أن الجيش الأميركي سيقيم نقاط مراقبة على الحدود الشمالية لسوريا لتجنب التوتر بين تركيا والميليشيات الكردية الحليفة في الحرب على «داعش».
وقال ماتيس ليل أول من أمس: «نحن نشيد أبراج مراقبة في مناطق عدة على طول الحدود السورية، الحدود الشمالية لسوريا».
وكانت قوات قسد أعلنت في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري استئناف عملياتها العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي في شرق البلاد بعد عشرة أيام على تعليقها رداً على القصف التركي لمناطق سيطرة الأكراد في شرق الفرات.
وأدى التوتر بين تركيا وقسد إلى ارتباك لدى الولايات المتحدة التي تعتبر قسد شريكا أساسيا في الحرب على «داعش». فمنذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) طغى التوتر على الأجواء في شمال سوريا مع بدء القوات التركية استهداف مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية في شرق الفرات بالقصف المدفعي، وتهديد أنقرة بشن هجوم واسع في المنطقة. وسعى التحالف الدولي، بقيادة واشنطن طوال تلك الفترة إلى خفض التصعيد عبر التواصل مع كل من قسد وأنقرة.
وجاء قرار إقامة نقاط المراقبة على الحدود السورية - التركية نتيجة تفاهمات بين «قوات سوريا الديمقراطية» وأميركا وفرنسا وبريطانيا خلال الاجتماع الذي جمع بينهم في بلدة عين عيسى شمال مدينة الرقة. وسيطرت حالة من الارتباك والتوتر في صفوف قسد بعد تصاعد تهديدات تركيا الغاضبة من استمرار دعم واشنطن لوحدات الحماية الكردية بالقيام بعملية عسكرية موسعة في شرق الفرات. ولا يزال تنظيم داعش الإرهابي يحافظ على وجوده في شرق سوريا داخل جيب شرق نهر الفرات قرب الحدود مع العراق.
على صعيد آخر، أصدرت القيادة العسكرية التركية المسؤولة عن نقاط المراقبة في إدلب تعميما أكدت فيه وقوف الشعب والجيش التركيين مع أهالي إدلب، وأن ما يهمهم هو سلامة أرواحهم وممتلكاتهم، وأن اتفاق المنطقة منزوعة السلاح في إدلب الموقع في سوتشي بين الرئيسين التركي والروسي يخدم مصالح وأمن المدينة، ويساهم في إرساء الاستقرار الدائم في المنطقة. وأكد البيان الذي وزع مساء أول من أمس بحسب ما ذكرت وسائل إعلام تركية، أن إنشاء المنطقة منزوعة السلاح سيجنب إدلب أي هجوم أو عمل عسكري من قبل النظام السوري، وسيحول دون وقوع اشتباكات جديدة في المنطقة، لافتا إلى أن أي ادعاء مخالف لذلك هو شائعات هدفها زرع الفتنة والتفرقة.
ودعا البيان أهالي المنطقة إلى تحمل مسؤوليتهم «التاريخية والوجدانية» بدعم الاتفاق والوقوف مع من يدعمه من الذين يحملون هم السوريين ويهمهم أمنهم وطمأنينة بلادهم.
في السياق ذاته، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن تركيا تبذل جهودا كبيرة لتطبيق بنود اتفاق سوتشي المبرم بين الرئيسين التركي والروسي بشأن الأوضاع في محافظة إدلب السورية. وأوضحت زاخاروفا، في مؤتمر صحافي أول من أمس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يدرك مدى جدية تركيا في محاولات تطهير المنطقة منزوعة السلاح من الجماعات المتشددة ويقدر جهودها في هذا الشأن.
وأضافت زاخاروفا، أن موسكو تدرك جيدا أن تطهير المنطقة المحددة في محافظة إدلب من المجموعات المتطرفة ليس بالأمر السهل.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.