أول موطئ قدم لـ«داعش» جنوب بغداد

رغم أن السلطات العراقية لم تعترف بسقوط ناحية «جرف الصخر» شمالي محافظة بابل (جنوب غربي بغداد) بيد تنظيم «داعش»، فإن الحكومة المحلية هناك أكدت سيطرة المسلحين عليها بالكامل، محملة قائد عمليات بابل اللواء عبد الحسين البيضاني مسؤولية سقوط هذه الناحية المحاصرة منذ شهور.
وقال محافظ بابل صادق مدلول السلطاني في بيان أمس إن «القوات المشتركة تستعد لشن حملة عسكرية لتطهير ناحية جرف الصخر»، وأضاف أنه «سيجري الضرب بيد من حديد على المحاولات الإرهابية كافة التي يمكن أن تعيد (داعش) من خلالها إمدادات الخلايا النائمة والجيوب المتبقية لها».
وتعد محافظة بابل من أكثر محافظات الوسط اضطرابا، وتعترف حكومتها المحلية بأن مناطقها الشمالية، المحاذية لبغداد والأنبار، تشكل ملاذا لتنظيم «داعش» الذي يتخذ منها منطلقا لشن هجماته في أنحاء البلاد.
وفي هذا السياق، أكد مسؤول أمني لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى هويته، أن «ناحية جرف الصخر تعد نقطة انطلاق مهمة لـ(داعش) على الصعيدين الإعلامي والاستراتيجي، فعلى الصعيد الإعلامي، فإن هذا التنظيم يريد أن يبين للعالم أنه قادر على فتح أكثر من جبهة قتال في آن، بالإضافة إلى أنه يريد إيصال رسائل إلى مؤيديه بأنه موجود في أكثر من مكان». وأضاف أن «الجانب الاستراتيجي واضح لدينا؛ إذ إنه يهدف إلى إيجاد موطئ قدم له في مناطق شمالي بابل في محاولة للنفوذ إلى مناطق جنوب شرقي بغداد وبالذات منطقة المدائن، حيث توجد خلايا نائمة له هناك، وبذلك يطبق الخناق على بغداد من محورين؛ وهما شمال بابل (جرف الصخر) وجنوب شرقي بغداد (المدائن) فضلا عن وجود محور ثالث يعمل عليه، وهو شمالي بغداد من جهة التاجي ومدينة الكاظمية»، مؤكدا أن «القوات الأمنية تتخذ كل الاستعدادات لذلك، وهي تقوم بطرد هؤلاء من هذه المناطق وتأمين العاصمة تماما، ومناطق حزام بغداد تشهد على ذلك».
من جهته، أكد مكتب القائد العام للقوات المسلحة أن ناحية جرف الصخر تخضع لعمليات أمنية مستمرة. وقال المتحدث باسم المكتب، الفريق قاسم عطا، في مؤتمر صحافي أمس، إن «القطعات الأمنية موجودة وتقوم بعمليات تعرضية سريعة داخل المركز». وأوضح أن «حرب العصابات تتطلب المناورة خلال وجود العصابات في المدن».
وعلى صعيد المعارك في جبهتي الأنبار وتكريت، أكد عطا أن «القوات المشتركة تسيطر بشكل كامل على محيط مدينة تكريت»، مبينا أن «هناك عمليات تقوم بها القوات المشتركة بإسناد طيران الجيش يوميا في مركز قضاء تكريت لتضييق الخناق على مسلحي (داعش)».
في السياق نفسه، بدأت مساحة الرفض لممارسات «داعش»، لا سيما هدمه قبور الأنبياء في الموصل، تتسع في المحافظات الغربية. فبعد قيام أهالي الموصل بتشكيل كتائب مسلحة ضد «داعش»، شكلت قبيلة الجبور في صلاح الدين تنظيما مسلحا للغرض ذاته، بينما أعلنت قبيلة العبيد الممتدة بين محافظتي صلاح الدين وكركوك، هي الأخرى، عن عزمها تشكيل تنظيم مسلح لـ«التصدي للإرهابيين»، طبقا لما أعلنه وصفي العاصي شيخ قبيلة العبيد في مؤتمر صحافي ببغداد أمس. وأشار العاصي إلى أن «عددا كبيرا من شرفاء العراق وأبنائه الغيارى أبدوا استعدادهم للانضمام إلى هذا التشكيل، وأبوابه ستكون مشرعة لمن يجد في نفسه القدرة على الدفاع عن العراق».
وفي هذا السياق، أكد الشيخ منيف العبيدي، أحد شيوخ قبيلة العبيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «(داعش) وغيره من التنظيمات الإرهابية ما كان له أن يدخل إلى مناطق واسعة من البلاد واحتلالها لولا أن الحكومة لم تتعامل بجدية مع المطالب المشروعة للمحافظات الغربية التي احتجت على الظلم والإقصاء والتهميش، وكذلك بسبب عدم وجود قوات مسلحة مهنية ومدربة جيدا ولها عقيدة وطنية، وهو ما اتضح الآن بشكل واضح وجلي من خلال المعارك». وأضاف العبيدي أن «بدء العشائر الانتفاضة ضد (داعش) يأتي أيضا بسبب عدم قدرة الحكومة على حماية هذه المناطق، فضلا عن اتهاماتها لأبناء هذه المناطق بالوقوف مع (داعش)، وهو كلام غير صحيح، لأنه ينبغي عدم التركيز على (داعش) وترك المطالبين بالحقوق المشروعة».
من جهته، أكد القيادي في «المجلس التأسيسي لأبناء العراق» في الأنبار فارس إبراهيم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يحصل اليوم في محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك على صعيد تشكيل قوات عشائرية مسلحة، أمر جيد، وقد كنا في الأنبار قد سبقنا الجميع إلى ذلك، واليوم يتلقى تنظيم (داعش) في مناطق الأنبار ضربات قوية بعد أن كان قد تمكن من اتخاذ موطئ قدم له هنا أو هناك». وأضاف أنه «باستثناء الفلوجة، وهي محاصرة منذ عدة شهور من دون اقتحام من قبل الجيش لأسباب تتعلق بوجود كثافة سكانية فيها، فإن المناطق الأخرى لم تعد لـ(داعش) سيطرة عليها».