منافس نتنياهو يطالب بـ«ضربة استباقية» ضد «حزب الله»

بدعوى امتلاكه ترسانة هائلة من الصواريخ المدعومة إيرانياً والأكثر فتكاً من «حماس»

فلسطينيون يقفون أمام ركام مبنى دمّرته الغارات الإسرائيلية في غزة (رويترز)
فلسطينيون يقفون أمام ركام مبنى دمّرته الغارات الإسرائيلية في غزة (رويترز)
TT

منافس نتنياهو يطالب بـ«ضربة استباقية» ضد «حزب الله»

فلسطينيون يقفون أمام ركام مبنى دمّرته الغارات الإسرائيلية في غزة (رويترز)
فلسطينيون يقفون أمام ركام مبنى دمّرته الغارات الإسرائيلية في غزة (رويترز)

في محاولة للالتفاف عليه من اليمين، توجه المنافس على رئاسة حزب «ليكود» الحاكم، الوزير السابق جدعون ساعر، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مطالبا بتوجيه «ضربة استباقية» لـ«حزب الله» اللبناني «تشل قدرته على إطلاق صواريخ ثقيلة باتجاه إسرائيل في الحرب القادمة».
واستغل ساعر الانتقادات الواسعة لنتنياهو، بسبب إخفاقاته في المواجهة الأخيرة مع «حماس»، ليقول إن «حزب الله يملك ترسانة هائلة من الصواريخ والإيرانيون يدعمونه لإنتاج مزيد من هذه الصواريخ ويقيمون له مصانع لتحديث الصواريخ القديمة وزيادة دقتها. وبما أن المعركة مع حزب الله قادمة حتما وتقترب أكثر فأكثر، توجد حاجة لاستباقه بضربة تشل حركته وتدمر أكبر قدر من ترسانته».
وساعر هو من الشخصيات البارزة في الليكود وحظي في معركتين انتخابيتين متتاليتين على أكبر عدد من الأصوات بعد نتنياهو. وهو يعد نفسه ليكون وريثا في رئاسة «ليكود» والحكومة، في حال تخلي نتنياهو عن منصبه. وهو اعتزل الحياة السياسية قبل أربع سنوات، بعدما شعر بأن جماعة نتنياهو بدأت تحاربه، ويعمل اليوم باحثا في معهد أبحاث الأمن القومي، ولكنه في السنة الأخيرة يحرث البلاد طولا وعرضا للقاء الناخبين ويحظى بشعبية متنامية.
ويرى فيه نتنياهو خطراً جدياً، لذلك هاجمه في الشهر الماضي واتهمه علناً بالإعداد لمؤامرة للانقلاب عليه. وقال يومها: «هناك وزير سابق يستعد للإطاحة بي بواسطة انقلاب سياسي». وأضاف رجاله أن ساعر يتآمر مع رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، كي يكلفه بتشكيل الحكومة القادمة. وفسروا هذا الاتهام قائلين: «ساعر ينتظر أن يخوض نتنياهو الانتخابات ويحقق لنا النصر فيأتي هو ليقطف الثمار. فحسب القانون يستطيع رئيس الدولة أن يكلف تشكيل الحكومة لأي نائب في الليكود. وهو يستطيع أن يقول إن نتنياهو لا يستطيع أن يصير رئيس حكومة بسبب صدور لوائح اتهام ضده بتهمة الفساد، وعندها يتم تكليف ساعر وتتم الإطاحة بنتنياهو».
وقد صدم ساعر من هذا الاتهام في حينه، لكنه لم يستسلم. وواصل حملته الانتخابية لاسترداد مكانته، وبالمقابل واصل نتنياهو ورجاله تحطيم شخصية وهيبة ساعر. واتهموه بأنه يتقرب من اليسار ليهزم نتنياهو. ويبدو أن ساعر وجد في مهاجمة نتنياهو من اليمين المتطرف أفضل وسيلة لصد الهجمة عليه. فانضم إلى منتقدي نتنياهو على إخفاقاته في المعركة الأخيرة مع حماس وراح يتحدث عن ضرورة ضرب حزب الله.
وقال ساعر، خلال مؤتمر السياسيين الذي نظمته صحيفة «جيروزاليم بوست» الصادرة بالإنجليزية، الليلة قبل الماضية: «من حرب إلى حرب ومنذ الانفصال عن قطاع غزة، نرى أن حماس تعزز قوتها باستمرار ولكن التهديد الأكبر لإسرائيل موجود في الشمال. فإذا لم نستبق الأحداث ونوجه ضربة إلى حزب الله سندفع ثمنا باهظا في المستقبل. صحيح أن هجوما كهذا أيضا لن يكون سهلا وسيكلفنا ثمنا غير قليل ولكن أي ثمن ندفعه اليوم، في الوقت الذي يعاني فيه حزب الله من الضعف ويكرس جهوده للحرب في سوريا، سيكون أقل بكثير من الثمن الذي سندفعه في حال أعاد حزب الله قواته إلى لبنان وأقام ضدنا جبهتين في سوريا ولبنان».
وقال ساعر إن إيران تعد «حزب الله» للمعركة القادمة بصورة جلية وعلى إسرائيل أن لا تنتظر حتى يكتمل إعدادهم لهذه المهمة. وذكر ساعر نتنياهو بتصريحاته هو عن هذا الخطر خلال خطابه الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال: «علينا أن لا نكتفي بالكلام. فالخطر محدق بنا. وجاء وقت العمل. فالإيرانيون يتجاوزون الخطوط الحمر وعلينا تغيير نهجنا إزاءهم وإزاء عملائهم العرب».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.