الجمعية السعودية للمحافظة على التراث جسر الوصول إلى علامة «يونيسكو»

عقدت اجتماع مجلس إدارتها الجديد برئاسة وزير الثقافة

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان
TT

الجمعية السعودية للمحافظة على التراث جسر الوصول إلى علامة «يونيسكو»

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان

يشكل عقد الجمعية السعودية للمحافظة على التراث أول اجتماعات مجلس إدارتها الجديد، برئاسة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة السعودي، مرحلة جديدة للجمعية التي تعد أحد أوجه التميز على صعيد خدمة التراث في البلاد.
حيث أقر مجلس إدارة الجمعية إعداد استراتيجية جديدة، والتعاقد مع أحد بيوت الاستشارة المتخصصة لتحديد التوجهات الاستراتيجية الجديدة للجمعية ونطاق عملها بما يتواكب مع التطورات الحالية في منظومة التراث محلياً وعالمياً، بحيث تُنجز خلال فترة قصيرة.
وجاء الاجتماع الأول الذي عقده المجلس أول من أمس (الأربعاء)، متناولاً عدداً من البنود المطروحة في الاجتماع، واطلع على ما أُنجز خلال السنوات السابقة، كما اتخذ عدداً من القرارات. كما استعرض آخر المستجدات والتقارير المقدمة من إدارة الجمعية، وأكد أهمية استثمار الدورة الحالية للمجلس الجديد بتحقيق نقلات نوعية وتطوير منظومة البرامج والمبادرات والمشروعات التي تواكب وتحقق تطلعات القيادة الرشيدة في مجال تاريخ التراث السعودي والمحافظة عليه.
كما بحث المجلس أهمية تعزيز ونقل المعرفة بالتراث، وبناء علاقات استراتيجية مع المنظمات الدولية لنقل وتعزيز أفضل التجارب في التراث السعودي بأنواعه وأشكاله كافة.
وفتحت إنجازات الجمعية الجوانب التي تحتاج إلى المزيد من العناية والاهتمام، لتحقيق أهداف الجمعية ورؤيتها لتكون محركاً فاعلاً ومؤثراً في مجال حفظ التراث السعودي، والسعي لتسجيل المزيد من عناصر التراث المحلي في قائمة التراث العالمي من خلال منظمة يونيسكو، مستفيدة من النجاحات السابقة التي تحققت بتسجيل عناصر من التراث الثقافي التي تتميز بها السعودية.
وتعد الجمعية التي تتخذ من منطقة المربع التاريخية موقعاً لها في أحد قصور الملك عبد العزيز، ذات جهد تنموي على صعيد صون التراث، ولإبراز الإرث الحضاري في البلاد، وبخاصة مع تنوع الاهتمام واتجاه بوصلة العناية لآفاق تنموية في ملفات الثقافة السعودية، التي تعد قوة ناعمة تأمل منها الرياض أن تكون ذات حضور على منابر عالمية.
وتعنى الجمعية بمجالي: التراث المادي، المتمثل في المواقع الأثرية ومجمعات المباني التي لها قيمة استثنائية من وجهة النظر التاريخية أو الفنية أو العلمية والآثار بما في ذلك الأعمال المعمارية، وأعمال النحت والتصوير على المباني والنقوش، وغيرها من المعالم الأثرية التي لها قيمة استثنائية من وجهة النظر التاريخية أو الجمالية، والتراث غير المادي المتمثل في الممارسات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع، والمصنوعات والأماكن الثقافية التي تعتبر جزءاً من التراث الثقافي المتوارث جيلاً بعد جيل، الذي ينمّ عن الإحساس بالهوية لدى المجتمع والشعور بالاستمرارية، كما يعزز احترام التنوع الثقافي فيه والقدرة الإبداعية لديه، كالمهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية، والتقاليد وأشكال التعبير الشفهي بما في ذلك اللغة والفنون الأدائية وتقاليدها والممارسات الاجتماعية والاحتفالات. وللجمعية أهدافها في دعم الهيئات والمؤسسات والمراكز العلمية والبحثية المعنية بالتراث في المملكة، وتشجيع المواطنين والتعاون معهم من أجل المحافظة على التراث ليبقى رصيداً لتاريخ المملكة، ومورداً للعلم، ورافداً للسياحة الثقافية، ودعم المشروعات الفردية والجماعية للحرف اليدوية، وتشجيعها والعمل مع الجهات المعنية من أجل المحافظة عليها وتطويرها للمساهمة في تكوين منتج اقتصادي بجودة عالية.
تُعد الجمعية الممثل للاعتماد في منصات منظمة يونيسكو على صعيد التراث غير المادي، حيث توّجت أول إنجازاتها في القائمة التمثيلية لصون التراث لدى المنظمة عبر العرضة النجدية (فن أدائي في منطقة نجد) في 2015، تبعها لعبة المزمار (فن أدائي في منطقة الحجاز) 2016، والقط العسيري (حرفة تقليدية نسائية في منطقة عسير) 2017.
وفيما يتعلق بعناصر التراث الثقافي غير المادي التي تشترك فيها السعودية مع الدول الأخرى، فقد تم تسجيل ملفي: القهوة العربية، والمجلس ضمن القائمة التمثيلية لصون التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة يونيسكو في عام 2015، وتشترك السعودية مع الإمارات، وعمان، وقطر في هذين الملفين، ومن ضمن الملفات المشتركة جرى تسجيل ملف الصقارة ضمن القائمة التمثيلية لصون التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة يونيسكو في 2016، وتشترك السعودية مع الإمارات العربية المتحدة، وألمانيا، والنمسا، وبلجيكا، وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وكازاخستان، والمغرب، ومنغوليا، وباكستان، والبرتغال، وقطر، وسوريا، وكوريا، والتشيك في هذا الملف.
وتحفل الأنشطة والبرامج التي ترعاها الجمعية السعودية للمحافظة على التراث بالكثير من الفعاليات، وبخاصة ما يتعلق بشؤون التراث وربط الحضارة السعودية بالأجيال الحالية، علاوة على ريادتها في تكريم الرموز السعودية.
يُذكر أن مجلس الإدارة انتخب مؤخراً، بعد عقد الجمعية العمومية، برئاسة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وبدر العساكر (نائباً للرئيس)، وعضوية كل من: الأميرة نوف بنت فيصل، والأميرة سارة بنت بندر بن عبد العزيز، والدكتور أحمد الزيلعي، والدكتور سعد الراشد، وسلطان البازعي، والمهندس عادل المنديل، والدكتور عبد العزيز السبيل.



مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنّ جهود استعادة القطع الأثرية من آيرلندا استمرّت طوال عام ونصف العام، وأوضحت في بيان، الجمعة، أنّ «القطع الأثرية التي استُردَّت من جامعة (كورك) الآيرلندية، هي مومياء مصرية وعدد من الأواني الفخارية والقطع الأثرية الأخرى، والجامعة أبدت تعاوناً كبيراً في تسهيل إجراءات إعادتها».

وتمثّل القطع المُستعادة حقبة مهمّة من التاريخ المصري القديم، وجزءاً من التراث الثقافي المصري الذي يحظى باهتمام الجميع، ومن المقرَّر عرضها في المتاحف المصرية، وفق بيان «الخارجية».

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أنّ «استرداد هذه القطع جاء وفقاً للاتفاق الثنائي الموقَّع مؤخراً بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة (كورك) الآيرلندية»، مشيراً في بيان لوزارة السياحة والآثار، إلى أنّ الجامعة كانت قد حصلت عليها بين الأعوام 1920 و1930؛ ومن بينها تابوت خشبي ملوَّن بداخله بقايا مومياء ومجموعة من الأواني الكانوبية المصنوعة من الحجر الجيري بداخلها أحشاء المتوفّى.

القطع الأثرية المُستردّة تعود إلى حقب تاريخية مهمّة (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، كشف مدير الإدارة العامة لاسترداد الآثار، المُشرف على الإدارة المركزية للمنافذ الأثرية، شعبان عبد الجواد، عن أنّ «الأواني الكانوبية التي استُردَّت لكاهن يُدعى (با ور)، من الأسرة 22 من العصر المتأخر؛ كان يحمل ألقاباً من بينها (حارس حقول الإله). أما التابوت الخشبي فهو من العصر الصاوي لشخص يُدعى (حور)، وكان يحمل لقب (حامل اللوتس)؛ وتوجد بداخله بقايا مومياء وعدد من أسنانها»، وفق بيان الوزارة.

وأعلنت مصر، في وقت سابق، استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية من 2014 حتى أغسطس (آب) 2024، كما استُردَّت أخيراً 67 قطعة أثرية من ألمانيا. وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) 2023 استرداد 17 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية، أبرزها «التابوت الأخضر».

في هذا السياق، يرى عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير، أنّ «استعادة القطع الأثرية والمومياوات فرصة لإثراء بحثنا الأثري والتاريخي، إذ تساعدنا في الكشف عن جوانب جديدة من التاريخ المصري»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المقتنيات توفّر رؤى قيّمة حول أساليب الدفن والعادات الثقافية القديمة التي كانت جزءاً من الحياة اليومية للمصريين القدماء».

ويعدُّ عبد البصير هذه الاستردادات إسهاماً في تعزيز الهوية الوطنية، إذ تُساعد في الحفاظ على التراث الثقافي من أجل الأجيال القادمة، مؤكداً أنّ «وزارة الخارجية المصرية تلعب دوراً حيوياً في استرداد الآثار من خلال التفاوض مع الدول الأجنبية والتنسيق الدبلوماسي للوصول إلى حلول تفاوضية تُرضي الأطراف المعنيّة»، لافتاً إلى أنّ استرداد القطع يأتي بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى آيرلندا؛ مما يؤكد اهتمام الدولة على أعلى مستوياتها باسترداد آثار مصر المُهرَّبة من الخارج.

قطع متنوّعة من الآثار استردّتها مصر من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

«وتسهم الاتفاقات الثنائية التي تعقدها مصر مع الدول في استعادة الآثار؛ منها 5 اتفاقات لمكافحة تهريبها والاتجار في الآثار المسروقة مع سويسرا وكوبا وإيطاليا وبيرو وكينيا»، وفق عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، الخبير الآثاري الدكتور عبد الرحيم ريحان، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «العلاقات القوية بين مصر وآيرلندا منذ تولّي الرئيس السيسي الحُكم أسهمت في استعادة هذه الآثار»، مشيراً إلى أنّ «مصر استعادت نحو 30 ألف قطعة أثرية منذ تولّيه الرئاسة، من الولايات المتحدة الأميركية، وإنجلترا، وفرنسا، وإسبانيا، وهولندا، وكندا، وألمانيا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسويسرا، ونيوزيلندا، وقبرص، والإمارات، والكويت، والأردن».

ويتابع: «جاء ذلك بعد جهود حثيثة من إدارة الآثار المُستردة بالمجلس الأعلى للآثار، وبمتابعة مستمرّة لكل المزادات العلنية، وكل ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر وكالات الأنباء الدولية عن الآثار المصرية المنهوبة، وعن طريق مفاوضات مثمرة، بالتعاون بين وزارات السياحة والآثار والخارجية والداخلية في مصر».