البرلمان السوداني يجيز قانون الانتخابات بأغلبية الحاضرين

انسحاب 60 نائباً يمثلون 34 حزباً من جلسة إجازته

TT

البرلمان السوداني يجيز قانون الانتخابات بأغلبية الحاضرين

أنهى البرلمان السوداني جدلاً تواصل طوال الأسبوع الماضي، بعد إجازة قانون الانتخابات بأغلبية أعضائه الحاضرين، وذلك بعد تعثر أدى إلى تأجيل إجازته لثلاث مرات خلال الأسبوع الماضي، وهو قانون تم تشريعه لتنظيم الانتخابات المقرر إجراؤها في عام 2020.
ونص القانون الجديد على تكوين «مفوضية قومية مستقلة للانتخابات» من رئيس وثمانية أعضاء، يتم اختيارها بالتشاور مع القوى السياسية، واعتمادها من البرلمان ليتم تعيينها بقرار رئاسي، وأن تستمر دورتها لست سنوات، ومنح رئيس الجمهورية سلطة عزل رئيس المفوضية أو نائبه، أو أي من أعضائها، بناء على شكوى خمسة أحزاب، وبقرار من المحكمة الدستورية. كما نص على زيادة عدد النواب في الدوائر الجغرافية من 300 نائب إلى 380 نائباً.
وانسحب عن جلسة إجازة القانون 60 نائباً برلمانياً يمثلون 34 حزبا سياسيا، من قوى سياسية مختلفة، محتجين على ما سموه «تمرير القانون بالأغلبية الميكانيكية للحزب الحاكم»، بدلا عن التوافق السياسي.
وتضمن القانون تعديلاً على اختيار ولاة «حكام» الولايات، وقرر انتخابهم مباشرة، بعد أن كان يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية، كما منح المجالس التشريعية الولائية «البرلمانات المحلية» سلطة حجب الثقة عن الوالي المنتخب، وحدد عدد أعضاء المجالس التشريعية لولايتي الخرطوم والجزيرة بـ(84) عضواً، كما حدد لبقية الولايات (48) عضواً في مجالسها التشريعية.
وشهد البرلمان السوداني جدلاً استمر طوال الأسبوع الماضي، بسبب خلافات بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ونواب مستقلين وممثلين لقوى سياسية شريكة في الحكم، ما اضطر رئيسه إبراهيم أحمد عمر إلى تأجيل جلسة الإجازة ثلاث مرات متتالية لعدم التوافق على بعض المواد.
وانحصرت الخلافات على عدد أيام الاقتراع. فالحزب الحاكم يصر على ثلاثة أيام، فيما رأى النواب المستقلون وممثلو الأحزاب السياسية أن يقتصر الاقتراع والفرز على يوم واحد، بغية محاصرة فرص التزوير، على حسب زعمهم، إلى جانب تصويت السودانيين في المهجر في جميع مراحل الانتخاب، في الوقت الذي كان فيه الحزب الحاكم يرى أن يشاركوا في الانتخابات الرئاسية دون الدوائر الجغرافية، واعتماد سجل الانتخابات التقليدي، بدلاً من السجل الوطني الذي يصر عليه الحزب الحاكم.
وأقر القانون الجديد ثلاثة أيام للانتخابات، واعتماد السجل المدني أساساً للسجل الانتخابي، وأعطى المهاجرين والمغتربين خارج البلاد حق التصويت. كما منح القوات النظامية حق التصويت داخل مقار عملها.
وتمسك عثمان نمر، رئيس لجنة العدل والتشريع في البرلمان، بأن إجازة القانون جاءت نتيجة لنقاش وتوافق بين الكتل السياسية، فيما أكد عبد الرحمن محمد سعيد، رئيس كتلة حزب المؤتمر الوطني الحاكم، أن القانون أجيز بتوافق بين القوى السياسية، وأن حزبه اتفق مع القوى السياسية على النقاط الخلافية كافة، باستثناء نقطة واحدة، تتعلق بعدد أيام الانتخابات.
كما انتقد سعيد المنادين بأن تقتصر عمليات الاقتراع والفرز على يوم واحد، ووصفهم بأنهم يسعون لتتم الانتخابات في يوم لتفشل، معتبرا إجراء انتخابات في يوم واحد «مستحيلا» بالنظر لأوضاع السودان الجغرافية المترامية.
من جهته، أوضح النائب المستقل أبو القاسم برطم، رئيس كتلة «التغيير»، في تصريحات أن القوى السياسية اعترضت على اعتماد السجل المدني، وعدم السماح للمستقلين بالتحالف مع الأحزاب السياسية، وكيفية تصويت القوات النظامية، وإصرار الحزب الحاكم على تحديد أيام الاقتراع بثلاثة أيام. وقال بهذا الخصوص: «حاولنا طوال الأيام الماضية التوصل إلى توافق مع حزب المؤتمر الوطني، لكن دون جدوى. لذلك قررت كتلة التغيير، بالإضافة إلى 34 حزبا سياسيا، الانسحاب من الجلسة».
من جهته، قال النائب حسن عثمان رزق عن «حركة الإصلاح الآن»، إن انسحابهم قبل إجازة القانون جاء لعدم توصلهم إلى توافق مع الحزب الحاكم حول عدد من المواد، وأضاف في تصريحات للصحافيين عقب انسحابه أمس «انسحب ممثلون عن 34 حزبا من جلسة إجازة قانون الانتخابات لأن المؤتمر الوطني يريد أن يملي علينا شروط إذعان. لكننا رفضنا ذلك... لقد طلبنا الحريات لارتباطها بالعملية الانتخابية، والسماح للأحزاب بممارسة أنشطتها داخل دورها، دون مضايقات».
ودخل أغلب النواب المنسحبين البرلمان عن طريق التعيين، بموجب توصيات ومخرجات الحوار الوطني بين الحزب الحاكم وأحزاب الحوار، التي قررت إجازة القوانين بالتوافق بين الأطراف كافة.
وتعد أحزاب «المؤتمر الشعبي، وحركة الإصلاح الآن، ومنبر دارفور، والسودان أنا، وحزب الحقيقة الفيدرالي، وحزب الأمة جناح مبارك الفاضل»، من أبرز الأحزاب البالغ عددها 34، التي انسحبت من جلسة إجازة القانون.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».