تسونامي في سوق العملات الرقمية

«بتكوين» تخسر 30% في أسبوع... و77.5% تراكمياً منذ ذروتها

شهدت سوق العملات الرقمية تراجعاً بالغاً خلال الأسبوع الأخير  وسط عوامل ضغط واسعة وتوقعات باقتراب «انفجار الفقاعة» (رويترز)
شهدت سوق العملات الرقمية تراجعاً بالغاً خلال الأسبوع الأخير وسط عوامل ضغط واسعة وتوقعات باقتراب «انفجار الفقاعة» (رويترز)
TT

تسونامي في سوق العملات الرقمية

شهدت سوق العملات الرقمية تراجعاً بالغاً خلال الأسبوع الأخير  وسط عوامل ضغط واسعة وتوقعات باقتراب «انفجار الفقاعة» (رويترز)
شهدت سوق العملات الرقمية تراجعاً بالغاً خلال الأسبوع الأخير وسط عوامل ضغط واسعة وتوقعات باقتراب «انفجار الفقاعة» (رويترز)

شهدت العملات الرقمية المشفرة أسبوعاً عاصفاً، مع تزايد التوقعات باقتراب «انفجار فقاعتها»، حيث توالت خسائرها بشكل بالغ بقيادة العملة الأشهر «بتكوين»، التي فقدت نحو 30% من قيمتها خلال الأسبوع الماضي وحده، بينما فاقت خسائرها التراكمية نحو 77.5%، منذ بلغت ذروتها في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حين حامت حول مستوى 20 ألف دولار.
وانخفضت عملة «بتكوين» ما يزيد على 7.5% صباح أمس (الثلاثاء)، إلى ما يقل عن 4500 دولار، لتخسر أشهر عملة مشفرة في العالم نحو ثلث قيمتها خلال أسبوع مع تزايد عمليات بيع العملات الرقمية على نطاق واسع. وجرى تداول «بتكوين» ظُهر أمس بمستوى قياسي منخفض عند 4340.96 دولار، وهو أدنى مستوياتها في بورصة بتستامب منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2017.
وكانت العملات الرقمية قد شهدت ازدهاراً بالغاً العام الماضي، حين وصلت أرباح «بتكوين» في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) إلى 1300% بعد أن بلغت ذروتها التاريخية المسجلة عند 19.511 ألف دولار. لكن منذ بداية هذا العام تراجعت هذه العملات تدريجياً لتفقد نحو 60% من مستوياتها، وجرى تداول «بتكوين» منذ أبريل (نيسان) الماضي عند مستويات تتراوح بين 6.2 و7 آلاف دولار، عدا ذروة واحدة في مطلع مايو (أيار) حين بلغت 9800 دولار.
لكن التداولات شهدت عمليات بيع مكثفة منذ عصر يوم الأربعاء 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، لتهبط متوسطات أسعار التداولات إلى 5.5 ألف دولار، قبل أن تبدأ عملية انحدار سريع من يوم الاثنين، تواصلت صباح الثلاثاء.
وعلقت كبرى المنصات الإعلامية الاقتصادية على التراجع البالغ للعملات الرقمية بأنه «انهيار» للسوق، كما وصفته «بلومبيرغ»، بينما وصفت «فوربس» تدهور «بتكوين» بـ«تحطم العملة الرقمية الأشهر»، وقالت «فاينانشيال تايمز» إن التراجع «الهائل» في سعر «بتكوين» يؤكد أن تجربة العملات الرقمية «محكوم عليها بالفشل في النهاية».
وخلال الفترة القليلة الماضية، تعرضت العملات الرقمية لضغط مزدوج، كان مصدره الأول تشديد الهيئات التنظيمية -وعلى رأسها السلطات الأميركية- رقابتها على عمليات الطرح الأولى للعملات الرقمية... بينما كان العامل الثاني متمثلاً في إعلان انقسام عملية «بتكوين كاش»، وهي رابع أكبر العملات الرقمية من حيث القيمة السوقية، إلى رمزين جديدين، هما ««بتكوين ساتوشي فيجن» و«بتكوين إيه بي سي».
وقبل أيام، وفي أحدث حلقات التشديد، أجبرت لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية شركتي عملات رقمية ناشئتين، وهما «إيرفوكس» و«باراغون كوين»، على تسجيل مبيعات الرموز كعروض أوراق مالية، ورد أموال المستثمرين، ودفع غرامات قدرها 250 ألف دولار، وتقديم بيانات دورية مع المنظم على الأقل في العام المقبل.
أيضاً وصفت بيونيت كورير، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي العملات الرقمية، بأنها «نتاج شرير للأزمة المالية»، كما قالت وكالة الخدمات المالية اليابانية إنها تخطط لتنظيم محافظ العملات الافتراضية. وتقول الوكالة إن المحافظ هي بمثابة حسابات مصرفية، ويجب أن تقع تحت اختصاصها.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، دعت كريتسين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، المصارف المركزية إلى النظر في إصدار عملات رقمية، وذلك في مواجهة العملات المشفرة مجهولة الهوية ومصادر التحكم.
وقالت لاغارد على هامش قمة «آسيان»: «أعتقد أنه يجب علينا النظر في إمكانية إصدار عملة رقمية... ربما يكون هناك دور على الدولة لتزويد الاقتصاد الرقمي بالمال». وأضافت أن «هناك بنوكاً مركزية كثيرة في جميع أنحاء العالم تأخذ على محمل الجد النظر في هذه الأفكار، ومن بينها كندا والصين والسويد وأوروغواي... في حين أن قضية العملة الرقمية ليست عالمية، يجب أن نتحرى بشأنها بشكل أكبر وبجدية وبدقة».
وأشعلت تلك الخطوات موجة تحذيرات متصاعدة بين البنوك المركزية حول العام، كما أيقظت كل المخاوف التي كانت هدأت قليلاً، والتي اعتبرت أن ««بتكوين» وأخواتها من العملات الرقمية هي عملية نصب وفقاعة من شأنها الانفجار، وهو التعليق الذي سبق أن قاله جامي ديمون رئيس «جي بي مورغان» قبل أكثر من عام.
وحسب بعض البيانات المتخصصة، فإن عدد العملات الرقمية المتداولة زاد بنسبة نحو 56% منذ بداية العام الجاري، إلا أن قيمتها السوقية هوت من مستوى حول 580 مليار دولار إلى 160 ملياراً فقط صباح أمس، وبنسبة خسائر نحو 72.5%... فيما كان المستوى القياسي المسجل للقيمة السوقية للعملات الرقمية يبلغ نحو 830 مليار دولار في منتصف ديسمبر الماضي.
وعلى المستوى الفردي للعملات الرقمية ومنذ بداية العام الجاري، هوت أسعار «بتكوين» بنسبة 63%، وفقدت قيمتها السوقية نحو 136 مليار دولار بنسبة تراجع تقدر بنحو 61.5%، بعدما هوت من مستوى 220.9 مليار دولار. وتراجعت أسعار عملة «ريبل» بنسبة 77%، وانخفضت قيمتها السوقية بنسبة 76%، فاقدة نحو 62.5 مليار دولار. وهوت أسعار عملة «إيثريوم» بنسبة 79%، وانخفضت قيمتها السوقية بنسبة 78%، خاسرةً نحو 54.4 مليار دولار. وكانت أكبر الخسائر في ««بتكوين كاش»، التي تراجعت أسعارها بنسبة 90.8%، وتراجعت قيمتها السوقية بنسبة 90.6%، فاقدة نحو 37.6 مليار دولار.



الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.