صعود وسقوط كارلوس غصن: أنقذ «نيسان» من الإفلاس وجاءته الطعنة من الخلف

تهدد الأنباء الصادمة الآتية من اليابان بالقبض على كارلوس غصن، رئيس مجلس إدارة تحالف «(رينو) – (نيسان) – (ميتسوبيشي)»، الإرث المتألق والإنجازات الفريدة التي حققها غصن خلال تاريخه العملي الطويل. ومن المتوقع أن تتم إقالة غصن من جميع مناصبه بعد اجتماع مجلس إدارة «نيسان» هذا الأسبوع. وتبدو قصة غصن كأنها مسلسل درامي صعد بالرجل إلى أعلى مستويات النجاح ثم هوى به إلى منحدر سحيق لا نجاة منه. ولكن تبقى في القضية شبهة مؤامرة ضد غصن طعنته من الخلف.
الاتهامات الموجهة إلى غصن جاءت بفعل فاعل مجهول حتى الآن قدم مستندات تدل على أن غصن لم يفصح عن كل مداخيله المالية من وظيفته، أي التهرب من الضرائب، وأنه استخدم موارد الشركة من أجل استعماله الشخصي. وتقول شركة «نيسان» إنها أجرت تحقيقات داخلية لعدة أشهر من دون علم غصن.
وتهدد هذه الفضيحة التحالف القائم بين شركات التحالف، وهبطت على أثرها أسهم الشركات الثلاث في التحالف بمعدلات بلغت في المتوسط نحو 7 في المائة. ولا يجد غصن أي تعاطف حتى من الأشخاص الذي اختارهم بنفسه لكي يتبعوه في الإدارة مثل المدير التنفيذي لشركة «نيسان» هيروتو سايكاوا الذي علق على القضية بالقول: «أشعر باليأس والإحباط والغضب». وأشار سايكاوا إلى أن مخالفات غصن «استمرت لفترة طويلة».
وبعد كشف أحد المصادر عن مخالفات غصن، استمر التحقيق الداخلي في الشركة عدة أشهر قبل إبلاغ مكتب المدعي العام الياباني.
وبلغت مداخيل غصن الرسمية في العام المالي الأخير ما يعادل 6.6 مليون دولار من «نيسان»، ومليوني دولار من «ميتسوبيشي»، و8.5 مليون دولار من «رينو»؛ أي ما يقدر مجموعه بنحو 17.1 مليون دولار.
ومن المقرر أن يفقد غصن وظائفه التنفيذية كافة في التحالف وفي الشركات الثلاث بعد القبض عليه، ويأتي القرار بعد اجتماعات لمجالس إدارات الشركات في الأيام المقبلة ومع كشف مزيد من المعلومات عن المخالفات وسماع دفاع غصن.
وخرجت بعض التقارير الإعلامية من اليابان تشير إلى بعض المخالفات، منها من محطة إذاعة «إن إتش كي» التي ذكرت أن شركة «نيسان» دفعت مبالغ طائلة في عقارات فاخرة لسكن غصن في 4 مدن حول العالم ليس فيها نشاطات تذكر لشركة «نيسان». هذه المدن هي بيروت وريو دي جانيرو وأمستردام وباريس. ولكن المعروف أن أمستردام هي المقر الرئيسي للشركة المشرفة على التحالف، كما أن باريس هي مركز إدارة شركة «رينو».
كما أعلن مكتب المدعي العام أنه تم إلقاء القبض على غصن ومساعده غريغ كيلي لعدم الإفصاح عن مبلغ 5 مليارات ين (44 مليون دولار) من الدخل الذي حصل عليه غصن في 5 سنوات بداية من عام 2011. كما سربت مصادر لم تعلن وكالة أنباء «بلومبيرغ» عن أسمائها أن غصن حوّل أموالاً مخصصة للاستثمار وتكاليف السفر والإقامة لشراء عقارات باسمه عبر وحدات استثمار خارج اليابان. ويمكن احتجاز غصن لمدة 23 يوما قيد التحقيقات وفقا للقانون الياباني.

- مؤامرة وانقلاب
يتساءل كثيرون من الإعلام ومصادر الصناعة عما إذا كان كارلوس غصن قد تعرض إلى مؤامرة وانقلاب لإزاحته من المناصب التي احتلها طويلا ومنع كثيرين من الارتقاء إليها. وتقول وكالة «بلومبيرغ» إن المدير التنفيذي لشركة «نيسان» هيروتو سايكاوا نفى أن يكون في القضية مؤامرة، ولكنه اعترف بأن التحقيقات الداخلية (من دون علم غصن) استمرت لعدة أشهر.
وفي مؤتمر صحافي عقده سايكاوا (65 عاما) في يوكوهاما لم يقل كلمة دفاع واحدة عن غصن؛ بل ركز على خطورة التهم الموجهة إليه.
ولاحظ الإعلام أن سايكاوا لم يبد أي شعور بالأسف على الرجل الذي قضى 20 عاما في خدمة «نيسان» وأنقذها من حافة الافلاس ورفعها إلى مصاف ثاني أكبر تحالف عالمي؛ بل إن سايكاوا أشار إلى «تركيز كثير من الصلاحيات في يد شخص واحد» كما أن تطلعاته إلى المستقبل كانت تعنى أولا «بإزالة الجوانب السلبية من عهد غصن الطويل».
ووصفت وكالة «بلومبيرغ» الأمر بأنه يبدو كأنه انقلاب ضد غصن، وأن التوتر القائم تحت السطح في التحالف انفجر أخيرا بشكل درامي. وكان غصن في السنوات الأخيرة يحاول أن يقترب من أهداف التحالف حتى يظل قويا بعد رحيله. والآن يبدو الوضع أكثر توترا مع إزاحة غصن من المشهد. ووفقا لوكالة «بلومبيرغ»، فإن الانقلابات من هذا النوع نادرا ما تقود إلى مستقبل أفضل وغالبا ما تؤدي إلى حرب أهلية.