نباتات موفرة للماء وبذور «ملحية» لمواجهة نقصه

«الإستيفيا» و«الساليكورنيا» الأبرز بينها

المركز الدولي للزراعات الملحية نجح في زراعة نبات الساليكورنيا بالإمارات ويطمح لتكرار التجربة في مصر
المركز الدولي للزراعات الملحية نجح في زراعة نبات الساليكورنيا بالإمارات ويطمح لتكرار التجربة في مصر
TT

نباتات موفرة للماء وبذور «ملحية» لمواجهة نقصه

المركز الدولي للزراعات الملحية نجح في زراعة نبات الساليكورنيا بالإمارات ويطمح لتكرار التجربة في مصر
المركز الدولي للزراعات الملحية نجح في زراعة نبات الساليكورنيا بالإمارات ويطمح لتكرار التجربة في مصر

بينما تعاني مصر من الزيادة المضطردة في أعداد السكان، بدأت ظاهرة التغيرات المناخية تلقي بظلالها متمثلة في موارد مائية أقل، وأراض زراعية يحتمل أن تصبح غير صالحة، وهو ما جعل محاولات البحث عن حلول جذرية.
ويظهر ذلك جليا في المحاولات الحالية التي تبذل في اتجاه زراعة نباتات ملحية وأخرى موفرة للمياه.

اقتصاد المياه

وأعلن في مصر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن استراتيجية وضعتها الحكومة لإدارة موارد المياه، الاتجاه لزراعة المحاصيل الموفرة للمياه، وتقليص المساحات المزروعة من النباتات المستهلكة للمياه مثل الأرز وقصب السكر.
وطرح في هذا الإطار زرع نبات «الإستيفيا» كبديل عن قصب السكر، حيث وقعت الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة اتفاقية مع شركة كورية، لزراعة 300 ألف فدان من الإستيفيا. ويقول الدكتور خالد زكي، أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة جنوب الوادي لـ«الشرق الأوسط»: «عندما طرح هذا المحصول بديلا لقصب السكر في التسعينات كانت النظرة السائدة عنه أنه لا يمكن زراعته في الأراضي الصحراوية، غير أنه ثبت من خلال أبحاث أجريت على النبات أنه صالح للاستزراع في أنواع مختلفة من التربة».
وتفضل زراعة هذا النبات في المناطق المشمسة، حيث تعمل الحرارة العالية والإضاءة الطويلة على زيادة النمو الخضري، ويحتاج إلى توافر رطوبة دائما دون إغراق، وهو ما يميزه عن القصب والبنجر، حيث تقدر الأبحاث أنه لا يحتاج سوى لـ 1 – 5 الأرض المطلوبة لإنتاج القصب ومياه أقل بنسبة 90 في المائة، لذلك فهو الخيار المثالي للدول التي تعاني من شح المياه.
ويوضح زكي أن الفدان الواحد من الإستيفيا يعادل زراعة 80 فدانا كاملة من بنجر السكر، حيث يعادل الغرام الواحد من المسحوق المعد من أوراق هذا النبات، 250 غراما من السكر من الناتج عن بنجر السكر أو قصب السكر.
وإضافة للنباتات الموفرة للمياه، فإن هناك أنواعا أخرى يمكن أن يتم زراعتها باستخدام مياه البحار، مثل نبات الساليكورنيا، والذي بدأت مصر في أكتوبر الماضي تجربة لزراعته في محافظة البحر الأحمر، بالتعاون بين المركز الدولي للزراعات الملحية والجهاز التنفيذي لمشروعات التنمية الشاملة بوزارة الزراعة المصرية.
والساليكورنيا نبات حولي مزهر ثنائي الفلقة، يتكاثر بالبذور وتحوي الثمرة العصارية في هذا النبات على بذرة واحدة تنبت في بداية الربيع أي تقريباً في مارس (آذار)، وتنمو بشكل طبيعي على شواطئ البحار، حيث تعد من أكثر النباتات تحملا للملوحة، ويمكن أن تنمو بعيداً عن المياه في المناطق التي يزيد معدل الأمطار فيها عن 1000 مليمتر.

بذور التربة المالحة

وتخطط محافظة البحر الأحمر، من خلال 4 أفدنة مخصصة، لإنتاج الساليكورنيا لأول مرة لتكون محصولا للعلف يستخدم في تغذية الماشية. ويتمنى الخبير الزراعي الدكتور وائل الشيمي، نجاح تجربة زراعة هذا المحصول حتى يتم تعميمه في كل المحافظات الساحلية، ليوفر بديلا طبيعيا للبرسيم الذي يضطر المزارع إلى زراعته لتغذية الحيوانات، بالخصم من المساحة المفترض زراعتها بمحصول القمح، وهذه من أهم المشكلات التي تعوق تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وقد تزيد مستقبلا مع خروج بعض الأراضي من الخدمة بسبب تأثير التغيرات المناخية.
ويزرع في مصر شتاء 2.5 مليون فدان من القمح، في حين يتم زراعة 3.5 مليون فدان بالبرسيم، لتلبية احتياجات الثروة الحيوانية، بحسب الشيمي.
وإضافة لهذا المشروع، نفذت وزارة الزراعة ممثلة في مركز التميز للزراعات الملحية بمركز بحوث الصحراء، مشروعا بالتعاون مع المركز الدولي للزراعات الملحية بدولة الإمارات العربية المتحدة، لإنتاج بذور المحاصيل المتحملة للملوحة والمتأقلمة مع الظروف المناخية الزراعية في مصر.
بدأ هذا المشروع في عام 2015 وهو ممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية «USAID»، والمركز الدولي للزراعة الملحية بدبي»ICBA»، وتم خلاله تقييم أكثر من 500 سلالة وراثية تتبع أكثر من 15 نوعا من المحاصيل العلفية والمحاصيل الحقلية في ظل ظروف الإجهاد في سيناء، ومناطق غرب القناة وفي الوادي الجديد.
يقول الدكتور حسين الشاعر مدير مركز التميز للزراعات الملحية لـ«الشرق الأوسط»: «اختارنا من خلال المشروع سلالات وأصنافا أكثر إنتاجية وتحملا للملوحة مثل الشعير والتريتيكال والمحاصيل العلفية مثل الدخن اللؤلؤي والذرة الرفيعة وغير ذلك من المحاصيل ذات القيمة العالية مثل الكركم والكينوا والكثير من المحاصيل غير التقليدية».
ويضيف: «هذه المحاصيل أظهرت قدرتها على تعزيز إنتاجية الأراضي والثروة الحيوانية بنسبة تزيد على 30 في المائة فضلاً عن توفيرها للمياه، وهو ما يشجع على التوسع في زراعتها بأكثر من منطقة، حيث يعد هذا التوجه ضرورة لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري وتراجع كميات المياه العذبة».



آفاق توظيف الذكاء الاصطناعي في مجالس إدارة الشركات

آفاق توظيف الذكاء الاصطناعي في مجالس إدارة الشركات
TT

آفاق توظيف الذكاء الاصطناعي في مجالس إدارة الشركات

آفاق توظيف الذكاء الاصطناعي في مجالس إدارة الشركات

يوضح أحد المسؤولين التنفيذيين في «غولدمان ساكس»، من أشهر المؤسسات المصرفيَّة في الولايات المتَّحدة والعالم، كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالس إدارة الشركات.

لقد شهدنا مع تطور ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي ظهور تطبيقاته المتنوعة مثل «مساعد الذكاء الاصطناعي AIcopilot»، و«زملاء فريق الذكاء الاصطناعي AI teammates»، بل وحتى مساعد ذكي أطلق عليه «الرؤساء التنفيذيون بدوام جزئي في مجال الذكاء الاصطناعي» part - time AI CEOs!.

الذكاء الاصطناعي يخترق نسيج المؤسسات

إن هذا الاختراق المتزايد للذكاء الاصطناعي في نسيج مؤسساتنا التجارية يثير التساؤل حول متى سنرى الذكاء الاصطناعي يؤسس وجوداً في مجالس إدارة الشركات. وفي حين أنه من الصعب تخيل عالم يحل فيه الذكاء الاصطناعي محل أعضاء مجلس الإدارة من البشر بشكل كامل، يبدو من الواضح أن الأدوات التي يدعمها الذكاء الاصطناعي ستؤثر على مستقبل مجالس إدارة الشركات.

«متفرج محايد غير عاطفي»

وكتب جورج سي لي (*) الرئيس المشارك لمعهد غولدمان ساكس العالمي أنه يعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تنمية ثقافة المساءلة والصراحة والحوكمة الفعالة. وهنا السبب:

* الذكاء الاصطناعي كمتفرج محايد. زعم زميلي ماركو أرجنتي أخيراً أن المزيد من الطلاب في عصر الذكاء الاصطناعي يحتاجون إلى دراسة الفلسفة. ومن بين الأعمال التي ينبغي لهم أن يطلعوا عليها كتاب آدم سميث الأقل شهرة «نظرية المشاعر الأخلاقية». وكان سميث كتب عن مفهوم «المتفرج المحايد»، وهو مراقب افتراضي مطلع يصفه بأنه «العقل والمبدأ والضمير... الرجل الداخلي، القاضي العظيم والمحكم لسلوكنا»... إنه مراقب موثوق به وموضوعي، ومحامي الشيطان، وصوت العقل.

قد يكون الذكاء الاصطناعي قادراً بشكل فريد على الوفاء بهذا الدور المنطقي غير العاطفي، بما في ذلك داخل قاعات مجالس إدارة الشركات. يفكر في مسؤوليات أعضاء مجلس إدارة الشركات - الإشراف الواسع، وضمان الحوكمة السليمة، والولاء.

شراكة ذكية لوزن الأدلة المتضاربة

إن هذه الالتزامات تتطلب تجميع كميات هائلة من المعلومات، والقدرة على وزن الأدلة المتضاربة، وطرح أسئلة صعبة، وتقديم التوجيه في بيئات معقدة. وقد أصبحت الأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي اليوم قادرة بشكل متزايد على الوفاء بهذه الأدوار وإضافة «صوتها» إلى مداولات مجلس الإدارة. ويضيف جورج سي لي أنه يدرك أن فكرة إدخال الأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلى قاعة مجلس إدارة الشركة قد تبدو متناقضة، حيث تتألف المجالس من أفراد من ذوي الخبرة والخبرة المحددة ذات الصلة – أي نوع الأشخاص الذين قد تعتقد أنهم لا يمكن استبدال الآلات بهم.

ولكن، قد يكون من الأفضل التفكير في الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً لهذه القدرات، ولكن أداة لتعزيزها، وتمكين المجالس من أداء مسؤولياتها بمساعدة شريك لا يعرف الكلل وحريص وغير عاطفي.

يمكن أن تتخذ هذه الشراكة أشكالاً عديدة. تخيل تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقبلية تجاه بعض التحديات الأكثر صعوبة التي تواجهها مجالس الإدارة اليوم، أولاً من خلال تنويع الرؤى التي يمكن لأي مجلس الوصول إليها. قد يستلزم هذا نظاماً يعمل بالذكاء الاصطناعي ويستند إلى الحقائق البارزة المحيطة بأي مسألة معينة تتعلق بالمجلس أو قرار تجاري، والذي يمكنه تحليل اتجاهات السوق ومراجعات العملاء والديناميكيات التنافسية في دقائق.

إن مثل هذه الأداة قادرة على توسيع سياق أي مناقشة، وتقديم رؤى جديدة، وربط النقاط عبر تحليلات السيناريوهات المعقدة - والقيام بذلك دون قيود بشرية من التذكر المحدود. يمكن لهذه القدرة أن تزود أعضاء مجلس الإدارة برؤى مدفوعة بالبيانات من شأنها أن تساعد في اتخاذ قرارات أكثر موضوعية تستند إلى الأدلة، بدلاً من الحدس أو وجهات النظر الجزئية.

طرح أسئلة جديدة يثري المؤسسات

* طرح أسئلة جديدة. يمكن للأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أيضاً توسيع محيط وعي مجالس الإدارة، وطرح أسئلة لم تكن تعلم أنها بحاجة إلى طرحها. يمكن أن يعمل اتساع ونطاق الذكاء الاصطناعي المضبوط جيداً على إثراء مناقشات مجلس الإدارة من خلال طرح مجموعة واسعة من الأسئلة التي تساعد في تعزيز الرقابة واختبار القرارات.

وبينما يجلب أعضاء مجلس الإدارة من البشر مجموعة من الخبرات والرؤى، فإن تعقيدات بيئة اليوم تتطلب خبرة واسعة وعميقة. وهنا يمكن للذكاء الاصطناعي دمج مجموعة واسعة من المعرفة وطرح أسئلة مهمة تساعد في تحديد المخاطر الجديدة وتوسيع نطاق القضايا التي يجب مراعاتها.

تحدي الميول والحساسيات البشرية

هناك أيضاً ميول بشرية طبيعية، مثل ديناميكيات القوة الشخصية، والتي تمنع أحياناً ظهور رؤى جديدة أو طرح أسئلة جديدة. بالنسبة لمجالس الإدارات، يمكن لديناميكيات القوة هذه أن تخنق المناقشة، حيث غالباً ما تتحدى طبيعة بعض العلاقات الإنسانية غير المريحة أعضاء مجلس الإدارة في أداء واجباتهم في الصراحة.

كما يمكن للحساسيات الشخصية، والممارسات الدقيقة للسلطة، ودرجات متفاوتة من الحيازة والخبرة أن تمنع المناقشة المباشرة والموضوعية. يمكن للذكاء الاصطناعي، غير المثقل بهذه التأثيرات الطبيعية، أن يساعد في ضمان التعبير عن «المخاوف غير المعلنة».

تخطيط لأحوال غير متوقعة

* التخطيط للأمور غير المتوقعة. يمكن للأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أن تساعد مجالس الإدارات في التخطيط للأمور غير المتوقعة.

عندما سُئل هارولد ماكميلان (رئيس الوزراء البريطاني الأسبق - المحرر) عن أصعب جزء في كونه رئيساً للوزراء، أجاب، «الأحداث، يا عزيزي، الأحداث».

في هذا العقد، واجهت الشركات سلسلة من الأحداث التي كان من الصعب تخيلها ذات يوم. على سبيل المثال، جائحة وظهور الذكاء الاصطناعي. ولمساعدتهم في الاستعداد لمستقبل غير مؤكد، يمكن لمجالس الإدارة أن تفكر في استخدام أدوات تخطيط السيناريوهات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لمساعدتهم على اجتياز تعقيدات العمليات العالمية.

يمكن للنظام المدعوم بالذكاء الاصطناعي محاكاة تأثير التغيرات السياسية، أو اضطرابات سلسلة التوريد، أو الابتكارات التكنولوجية على عمليات الشركة. من خلال طرح أسئلة حاسمة مثل «إذا حدث هذا، فماذا بعد؟»، أو «ما هي المخاطر التي لم نفكر فيها بعد؟»، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة مجالس الإدارة في إجراء تقييمات ديناميكية للمخاطر وإنشاء استراتيجيات بديلة.

قيود الهلوسة

* حدود التطور وآفاقه. الذكاء الاصطناعي اليوم بعيد كل البعد عن الكمال، ولا بد من مراعاة مجموعة واسعة من الاعتبارات قبل تقديم نظام مدعوم بالذكاء الاصطناعي إلى مجلس الإدارة. فهناك قيود على هذه التكنولوجيا، بما في ذلك الهلوسة، والافتقار إلى القدرة على التفسير، والميل إلى تقليد التحيزات البشرية الأخرى المعبر عنها في بيانات التدريب.

رفيق وليس عضواً كاملاً في المجلس

وينبغي لهذه العوامل أن تدفع أعضاء مجلس الإدارة إلى النظر إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره رفيقاً لمجلس الإدارة، وليس كأعضاء مصوتين أو مفكرين مستقلين، وكذلك معالجة مدخلات ومخرجات الذكاء الاصطناعي بفهم صحي لحدودها الحالية والحاجة إلى التحسينات المستمرة.

ويقع على عاتق مجالس الإدارة التأكد من تقييم وتنفيذ الحواجز والآليات المناسبة حتى تتمكن من الاستفادة بأمان من قدرات الذكاء الاصطناعي. ولا ​​تغير هذه العيوب حقيقة مفادها بأن جزءاً من واجب مجلس الإدارة هو تسخير الابتكار لصالح الشركة ومساهميها.

وتتمثل مسؤولية أخرى بالغة الأهمية تقع على عاتق مجالس الإدارة في التعرف على السياق الذي تعمل فيه شركاتهم والتكيف مع التغيرات. ففي الشركات الأميركية، هناك حاجة إلى مثل هذه القدرة على التكيف الآن أكثر من أي وقت مضى، حيث تتعامل مجالس الإدارة مع بيئة الأعمال المعقدة والمتغيرة اليوم، وتتنقل بين الحقائق الاقتصادية والجيوسياسية والاجتماعية والتكنولوجية المتطورة.

إن مهمة أفراد مجالس الإدارة هي رسم طريق للمضي قدماً لشركاتهم. وقد توفر الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي نفس النوع من المتفرج المحايد ووجهات النظر الجديدة التي كتب عنها سميث منذ أكثر من 200 عام.

وبذا يمكن للبشر والآلات، بالعمل معاً، تحويل المفهوم الفلسفي إلى حقيقة.

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»