محمد العبّاس: غادر المثقفون مواقعهم... فاجتاحنا «طوفان التفاهة»

الناقد السعودي قال لـ «الشرق الأوسط» إن {مشهدنا الثقافي احتله بهلوانات مواقع التواصل}

الناقد السعودي محمد العباس
الناقد السعودي محمد العباس
TT

محمد العبّاس: غادر المثقفون مواقعهم... فاجتاحنا «طوفان التفاهة»

الناقد السعودي محمد العباس
الناقد السعودي محمد العباس

لا يفتأ الناقد السعودي محمد العباس، يخوض المعارك من أجل فضاء ثقافي يقود لواقع أحسن، صارع عبر عقدين مضيا لتنقية المنجز الإبداعي من العناصر الدخيلة على الإبداع. لكنه في السنوات الأخيرة بات يصارع طواحين الهواء وهو يرصد ما يعتبره عبثاً في الوعي الثقافي يستخدم أحدث وسائل التواصل الحضارية لتحريف الوعي وتغليب طوفان التفاهة.
يرى العباس أن الثقافة باعتبارها خطوة باتجاه التحضُّر، أصبحت عاجزة أن تخلق تأثيرها الجمالي والفكري والسلوكي في المجتمعات. ووجدت نخبة مسكونة بوَهْم الاصطفاء والترفع عن المجتمع، وهو يقول: إننا ما زلنا نعاني من نقص حاد في مفهوم المواطنة ومن تفشي العنصرية والطائفية وغيرها من الأعراض التي تحتم وجود الخبير الثقافي المؤهل لمعالجة تلك المعضلات.
العباس كاتب وناقد أثرى المشهد الثقافي بحضوره الفكري على مدى ثلاثين عاماً، قدم خلالها عدداً من الدراسات النقدية، بينها: «قصيدتنا النثرية» عن دار «الكنوز الأدبية» - 1997، و«ضد الذاكرة: شعرية قصيدة النثر» عن «المركز الثقافي العربي» - 2000، و«سادنات القمر: سرانية النص الشعري الأنثوي» عن «دار نينوى» - 2003، و«نهاية التاريخ الشفوي» عن «مؤسسة الانتشار العربي» - 2008، و«كتابة الغياب: بطاقات مكابدة لوديع سعادة» عن «دار نينوى» - 2009، و«مدينة الحياة: جدل في الفضاء الثقافي للرواية في السعودية» عن «دار نينوى» - 2009، و«سقوط التابو: الرواية السياسية في السعودية» عن دار «جداول» - 2011، وكتاب «صنع في السعودية» عن دار «جداول» - 2013، وأخيراً «تويتر مسرح القسوة» عن دار «ميلاد» - 2018.
«الشرق الأوسط» التقت الناقد السعودي محمد العباس في الدمام، حيث يقيم، وأجرت معه الحوار التالي:
المشهد الثقافي
> كيف تقرأ المشهد الثقافي السعودي... ألا تلاحظ أن هناك حراكاً تجاوز المحلية مع قوة تأثير؟
- هذا هو سؤال الأسئلة منذ عقود. وهو سؤال يحتاج إلى ورشة مفتوحة على اتساعها في الإعلام والمنابر الثقافية مختلفة تماماً عن تلك الورش الشكلية التي تؤدي بشكل وظيفي ضمن نشاطات وزارة الثقافة بين آونة وأخرى بمشاركة ذوات معظمها لا تعرف الثقافة إلا كمنتجات إبداعية كمية أو مهرجانية. بمعنى أنها لا تعي أن الثقافة خطوة مستوجبة باتجاه التحضُّر. وهذا يعني أن كل ذلك الضجيج الذي نتوهم أنه قد تجاوز المحلية لا قيمة له ما لم يُحدث ذلك التأثير الجمالي والفكري والسلوكي فينا. لأننا كمجتمع ما زلنا نعاني من نقص حاد في مفهوم المواطنة ومن تفشي العنصرية والطائفية وغيرها من الأعراض التي تحتم وجود الخبير الثقافي المؤهل لمعالجة تلك المعضلات، وإعادة النظر فيما عُرف بالخطة الوطنية الاستراتيجية للتنمية الثقافية، كما يستلزم فحص المنجز قبل الفرح بتصديره إلى الخارج برافعة إعلامية وليس بمقتضى مواصفات إبداعية. وهذا يحتم أيضاً الانتباه إلى أن المنجز الإبداعي هو شكل من أشكال المنتجات الثقافية القابلة للتصدير. وهو الأمر الذي يطرح السؤال عن جدوائية هذا المنجز الذي لا أثر قيمي له على مستوى القارئ المحلي ونريد أن نحجز له مكاناً في وعي الآخر. نعم، الآخر الذي ما زلنا ننظر إليه بتوجس وهجائية، خصوصاً الآخر العربي، الذي نتعيّش على ترجماته ومنتجاته ونتوهم أننا أزحناه عن المركز إلى الهامش بذلك الإسهام الضئيل من منجزاتنا الثقافية. أما الأثر الحقيقي فلا أراه إلا في ذوات جادة قليلة معتمدة على فرادة خطابها وتواصلها الذاتي مع الآخر، لا على رافعات المؤسسة كما تتمثل في الأسابيع الثقافية مثلاً. أو في المعروض والمحمول إعلامياً من الأسماء. ولذلك أرى من المؤسف والمؤلم وجود فصيل من المثقفين والمبدعين المركونين على الهامش مقابل طابور من الأسماء المحنطين في «فترينة» العرض.
> مع دخول الفنون مسرح الحياة الثقافية، ماذا تضيف لهذا المشهد، ولتكوينه، لمحتواه، ولتأثيره؟
- حتى الآن، لا أثر لقرارات استدخال الفنون في الحياة الثقافية لأن ما حدث لا يعدو كونه شكلاً من أشكال الاستهلاك واستعادة ثقافة الصالون. الفن حالة إنتاجية في المقام الأول، وهذا هو ما يحتّم تفعيل وتحريك ثقافة الشارع، أي الإبداع الجماهيري وعدم الاكتفاء بالحفلات والمهرجانات. أو هذا ما أفترضه في خطط الهيئة العامة للترفيه، كما هو في وعي ووجدان المبدعين. لأن حصر الفن والمسرح والطرب في الصالات المغلقة يجعلها حكراً على فئة من المقتدرين مالياً أو المشتغلين بالفن فقط. وهو الأمر الذي يحد من تمدد الفرح وتحويل الفنون إلى جزء من يوميات إنسان هذه الأرض.
وحوش الفضاء
> قبل أيام من وفاته، قال الروائي والفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو إن «وسائل التواصل أتاحت لجحافل الأغبياء أن يتحدثوا وكأنهم علماء»، هل يصح أن وسائل التواصل أغرقت الفضاء بطوفان «التفاهة»؟
- مقولة أمبرتو إيكو ذائعة الصيت مجرد عبارة يومية منطلقة كزفرة غضب من أحد أكبر مثقفي اللحظة المعاصرة، مقارنة مع كتاب «نظام التفاهة» للكندي ألن دونو، حيث ارتقى بمفهوم التفاهة من شتات الفوضى اللامفهومة إلى مستوى النظام الذي أعلن انتصاره بمقتضى عوامل سوسيولوجية واقتصادية وسياسية، جعلت من المثقفين يتراجعون قبالة المسوقين الذين يحضرون المشهد بلبوسات تنكرية مختلفة، وذلك في سياق رثاء الإبداع والجدية.
كما عبر عنها أدبياً ميلان كونديرا بروايته «حفلة التفاهة». أو كما تساءل الفرنسي برنار بوليه في كتابه اللافت «نهاية الصحف ومستقبل الإعلام» عما إذا كان «غوغل» يصيب الإنسان بالغباء. وذلك ضمن «الفضاء الاجتماعي للمراهقة» حسب تعبير فرانسيس بيزاني، أو ما يسميه الأميركي مارك بيولين «الجيل الأغبى» في كتاب حمل العنوان ذاته، متهماً من هم دون الثلاثين اليوم بعدم الدراية بالتاريخ وعدم احتمالهم التَماس مع كتاب لأكثر من خمس دقائق. وكل ذلك الجدل الاستنفاري العالمي حول أثر مواقع التواصل الاجتماعي للأسف لا يوجد له أي مقابل عربي. إذ لا تنظيرات تُذكر في هذا المجال. ولذلك نلاحظ أن ارتدادات هباءات تلك الفضاءات تفرض ظلالها على مشهدنا الحياتي والثقافي. وأي نظرة متجردة ستقف على نتيجة مؤسفة، مفادها أن مشهدنا الثقافي قد احتل من قبل بهلوانات ومهرجي مواقع التواصل، أو بمعنى أدق تم تسليم دفة قيادته لهم.
> في كتابك الصادر حديثاً عن دار «ميلاد»، «تويتر مسرح القسوة» كتبتَ بـ«وحشية نقدية تحليلية جمالية» أشدّ من وحشية «تويتر» ذاتها، من المقالة الأولى «عتبة البيت التويتري» حتى المقالة الأخيرة... وحسبنا لمعرفة حجم إحباطك أن نقرأ بعض عناوين المقالات: «حفلة جنون تويترية»، «برابرة تويتر»، «استبيانات عدوانية»... وقِس على ذلك. والسؤال: لماذا استثنيت الجانب المضيء لـ«تويتر» من كتابك، خصوصاً أنك ملتزم التزاماً كاملاً بنيتشه في وصيته المجازية: «عندما تصارع الوحوش، تذكر ألا تتحول إلى وحش»؟
- الكتاب محاولة تشخيصية لواقع مرعب على كل المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية، وليس قراءة تحليلية لمجمل مركبات الموقع. وهذا هو سر النبرة الهجائية التي تحاول بدورها رصد تمثُّلات الذات في هذا الفضاء «التويتري». وفتل نسيجها الفاسد.
وبالتالي فضح عطالة الفرد في التعامل مع هذا المكتسب التكنو - ثقافي. أي قراءة التغريدات بمقتضى تحليل المفهوم، أي باعتبارها علامات طباعية. وهذا هو ما جعلني أتعامل مع كل ذلك التوحش «التويتري» الصادر عن أساتذة القبح، بمختلف مراتبهم العنصرية والطائفية، بمشرط معرفي وعازل شعوري. حيث صرت أتأمل التمثيلات اللسانية للمغرد البذيء والحضورات الاستعراضية للمثقف التأزيمي كأعراض مزمنة لذوات عدوانية لا تكتفي بنزعة قهر «الآخر» بل تتلذذ بدراما تدمير ذاتها. وذلك من أجل أن تتحول هي إلى سلطة داخل هذا الفضاء، كما يفصح عن ذلك التهتك الصريح معجم الغابة «التويترية»، حيث حاولت عرض عطالة النخبة التي بنت أساطيرها الشخصية من خلال أخدوعات وطنية ومآدب عقلانية ولافتات أخلاقية زائفة، وذلك عبر مقالات أشبه ما تكون بالمرايا الفاضحة التي تعري برابرة «تويتر» وهم يحاولون إعادتنا إلى بدائية الإنسان الهمجي، لنتقاتل بالشتائم والعصي والحجارة بدل أن نتحاور بالفكرة والكلمة. وهو أمر مشروع بل مستوجب، أي مساءلة وحوش «تويتر» الآخذة في التكاثر بأدوات مغايرة لأدوات توحشه.
> في كتابه «الجماعات المتخيلة» يرى بندكت أندرسن أن الرواية الحديثة، كما الصحافة، ساهمتا في تشكيل «قومية» متخيّلة في أوروبا، أو خلقت عوالم مشتركة عابرة لحدود الهويات والعصبيات، إلى أي مدى توافق هذا الرأي، ولماذا أخفقت هذه التجربة في المشرق؟
- يميل أندرسن إلى أن القومية «جماعة سياسية متخيلة»، وعلى هذا الأساس ابتنى تصوره، وأعتقد أنه استكمل هذا التصور من خلال رؤيته المدرسية لمفهوم الرواية الحديثة، وهو استنتاج يتقاطع مع رأي ميلان كونديرا القائل بأن الرواية أصلاً اختراع أوروبا الذي تباهي به. وذلك ضمن منطلق «المركزوية» الغربية. ولكن كيف يمكن تركيب هذه الرؤية على مفهوم الرواية المركزي باعتبارها ذاكرة لجماعات بشرية تتفاعل في بقعة جغرافية، مقارنة مع فكرة التخييل وتأكيد الأبعاد الإمبراطورية التي يضغط بها الكولونيالي على الأدبي، كالجرماني والأنجلو سكسوني والفرانكفوني، التي تدفع بها خارج تلك الأطر والجغرافيات. وما يتشعب عن ذلك الحاضن الحداثي من روايات التعددية الثقافية، والروايات المهاجرة، وروايات الأقليات، وحتى الرواية الإلكترونية وغيرها من التشظيات التي ولدتها الحداثة. وهو سؤال يمكن استجلابه كمسطرة لقياس الأبعاد القومية المتخيلة للرواية العربية. حيث تبدو الاستجابة ضعيفة في الموجة الثالثة من مد الرواية العربية مقارنة بالموجة الثانية، وذلك لأسباب تتجاوز الأدبي إلى السياسي، حيث تنبأ ألفن توفلر ذات يوم في كتابه «صدمة المستقبل» بتعزّز قيم القومية العربية مع وجود «الترانزستور»، ولكن العكس هو ما حدث حتى بعد ظهور الفضائيات. لأن توفلر مثله مثل أندرسن لم يتأملوا الخط الفاصل ما بين القومية الرسمية والقومية الجماهيرية. وهذا هو بالتحديد ما تنازلت عنه الرواية العربية إلى حد كبير، من حيث زهدها في طرح رواية شعبية قومية مضادة للمروية الرسمية.
النخبة الثقافية
> كانت لديك ورقة بحثية بعنوان: «الشباب كمشروع نخبة ثقافية»، هل يمكن للشباب أن يشكلوا نخبة ثقافية ما دمتَ تلاحظ كذلك أن النخبة الثقافية من شروطها ألا تمثل أي سلطة، وأن تكون قادرة على اكتشاف الذات «المستقلة القادرة على تحطيم قيود الوصايا» مقارنة بالنخب المقترنة بكل مفاعيل السلطة...
- نعم، وذلك بتحطيم وهم الاصطفاء والترفع عن المجتمع باتجاه فاعلية الإنتاج. أي اكتشاف الذات في طور التأهيل المعرفي والروحي كشرط للنخبوية الواعية. أي التماس مع التاريخ لا الارتهان إلى عناوين اليومي النيئة. مع التأكيد على اعتناق الديمقراطية بما هي حالة من التلازم البنيوي مع كل ما هو ثقافي. لأن الوعي الفردي ضمن هذا الإطار هو الدافع لصقل معنى وفاعلية وجدوى الحريات في مدار الحس الجمعي. وذلك هو بالتحديد ما يجعل الشباب في مقام لاعبي دور المنشطين للحياة الثقافية، المنذورين للتخفّف من الوظائف الذهنية صوب الممارسة والفاعلية والحضور بالمعنى النقدي لدور المثقف، المعاند للتقليدي من جهة وللمؤسساتي من جهة أخرى. بمعنى أن يمثل الشاب النخبوي دور المنتمي والمنشق في آن. وذلك هو ما يعصمه من أوهام السلطة ومن خضوعه للوصايا. لأنه خطابه الآخذ في التشكل ضمن نخبة شبابية متحررة يرفض الأحادية الثقافية بقدر اندفاعه في أفق الأنسنة.
دور المثقف
> تقول إنك معجب بالمثقف الذي «يُختلف به وعليه»، ولا تطيق «المثقف الذي يُؤتلف به ويُتفق عليه»... أين ذهب من تسميهم صانعي ما تسميه «التوتر الخلاق»؟
- بددتهم مفاعيل السلطة الدينية والاجتماعية وغيرها. وتحت هذا السقف المنخفض للتعبير عن الرأي لم نعد نصادف معظم المثقفين إلا في حضانات المؤسسات الثقافية. أما من يحاول تحريك المشهد بالاختلاف فمصيره النفي الاجتماعي والاضطهاد والتكفير الديني وما يتبع ذلك من الإقصاء. كما صار لكل مثقف أو أديب مشهور ما يشبه «اللوبي» الذي يدافع ويصد عنه هجمات المنتقدين. وكل ذلك بسبب تخلي النقد عن دوره وإيثار السلامة من قبل معظم المثقفين الذين قرروا الركون للدرس الأكاديمي أو الارتهان للمؤسسة أو الاستنقاع في الهامش ورثاء الذات والحال والمآل الثقافي.
> قدمت طروحات كثيرة عن قصيدة النثر، بيد أن الشاعر الوحيد الذي كتب «تفعيلة» وتعاطيت مع نصوصه هو الثبيتي... هل في تصورك لا يوجد شاعر سعودي يكتب قصائد موزونة ويستحق الكتابة عنه غير صاحب «التضاريس»؟
- يوجد بالتأكيد، وإن كان المميز من العموديين أقل من المأمول. وربما أكون هنا غافلاً عن أسماء ذات قيمة لم أتعرف على منجزها كما ينبغي. ولذلك أرى أن المؤهل للكتابة عن منجز العموديين يُفترض أن يكون أقرب إليها مني. وأتمنى بالفعل أن أطالع قراءات نقدية تعرفنا على فرادة بعض الأصوات. ولكن ليس على الطريقة التي يُختصر فيها النقد بإعراب الفاعل. تجربة شاعر كجاسم الصحيح - مثلاً - إذا ما تم تقطيرها واستخلاص رحيقها بمعزل عن القصائد المناسباتية والاستطرادات المعمارية في مطولاته، فسنكون قبالة شاعر تصويري من العيار الثقيل. وسنكتشف جماليات مدهشة ولكنها مطمورة وسط كم من المشتبهات الشعرية. وهذا هو جوهر الشعر الذي يستحق المقاربة. وهذا هو أيضاً ما حاولته في منجز الثبيتي لتأوين «الثبيتية» كظاهرة وكمدرسة شعرية بعد نزع اللاشعري من تجربته. ولذلك أعتقد أن تجربة الصحيح تستحق ما هو أكثر من قراءة، إذ آن الأوان لملتقى نجتمع فيه بأوراق نقدية لفحص وقراءة جماليات منجز هذا الشاعر الظاهرة.



بيروت تتخلّى عن عتمتها لتتألق من جديد

«كريسماس أون آيس» على الواجهة البحرية في بيروت (الشرق الأوسط)
«كريسماس أون آيس» على الواجهة البحرية في بيروت (الشرق الأوسط)
TT

بيروت تتخلّى عن عتمتها لتتألق من جديد

«كريسماس أون آيس» على الواجهة البحرية في بيروت (الشرق الأوسط)
«كريسماس أون آيس» على الواجهة البحرية في بيروت (الشرق الأوسط)

بين ليلة وضحاها، تغيّر مشهد العاصمة اللبنانية بيروت. وبعد تنفيذ قرار وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تراجع منظمو المعارض والعروض الفنية والترفيهية عن قرارهم إلغاء مشروعاتهم، مما جعل بيروت تتألّق من جديد خالعة عن نفسها أجواء العتمة والحرب.

بيروت تشهد عرض التزلج على الجليد (كريسماس أون آيس)

«كريسماس أون آيس»

للسنة الثانية على التوالي تشهد بيروت عرض التزلج على الجليد «كريسماس أون آيس». منظم العرض أنطوني أبو أنطون فكّر في إلغائه قبل أسبوعين؛ بيد أنه مع بداية تطبيق قرار وقف إطلاق النار، حزم أمره لإطلاقه من جديد.

تبدأ عروض «كريسماس أون آيس» في 26 ديسمبر (كانون الأول) الحالي حتى 5 يناير (كانون الثاني) 2025. تستضيفه صالة «سي سايد أرينا» على الواجهة البحرية لبيروت. ويمتد على مساحة ضخمة تتسّع لنحو 1400 شخص. والعرض قصة شيّقة تختلف عن قصة العام الماضي. وتتخلّلها 30 لوحة استعراضية من رقص وألعاب بهلوانية وتزلّج على حلبة من الجليد الاصطناعي. ويُشير مُنظم العرض أنطوني أبو أنطون لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عرض العام الحالي توسّعت آفاقه. ويتابع: «يُشارك فيه نحو 30 فناناً أجنبياً من دول أوروبية. وسيستمتع بمشاهدته الكبار والصغار».

وفي استطاعة رواد هذا العرض الترفيهي التوجه إلى مكان الحفل قبل موعد العرض. ويوضح أبو أنطون: «ستُتاح لهم الفرصة لتمضية أجمل الأوقات مع أولادهم. وقد بنينا قرية (ميلادية) ومصعدَ (سانتا كلوز). وبإمكانهم التزلج على الجليد الاصطناعي. واستقدمنا مؤدي شخصية (سانتا كلوز) خصيصاً من فنلندا ليجسدها ويكون شبيهاً لما يتخيله الأطفال حولها».

يذكر أن الشركتين المنظمتين للحفل «كريزي إيفنت»، و«آرتيست آند مور» قرّرتا التبرع بـ10 في المائة من مقاعد الصالة للأولاد المهمشين والفقراء. ويختم أنطوني أبو أنطون: «سيُلوّنون بحضورهم جميع الحفلات بعد أن اخترنا جمعيات خيرية عدّة تعتني بالأطفال»؛ من بينها «مركز سرطان الأطفال»، و«سيزوبيل»، و«تمنى»... وغيرها.

معرض «كريسماس إن آكشن» واحة من التسلية (الشرق الأوسط)

«كريسماس إن آكشن»

الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة في لبنان يختصره معرض «كريسماس إن آكشن» في مركز «فوروم دي بيروت» بالعاصمة. فمساحته الشاسعة التي تستقبل يومياً آلاف الزائرين تتلوّن بأسواقٍ ومنتجات لبنانية. وكذلك بعروضٍ ترفيهية خاصة بالأطفال على مساحة 10 آلاف متر مربع.

ويلتقي الأطفال في هذه العروض بشخصيتَي «لونا وغنوة»؛ ويتخلّلها عرضٌ حيٌّ لفرق وجوقات غنائية وموسيقية.

تُعلّق سينتيا وردة، منظمة المعرض، لـ«الشرق الأوسط»: «عندما أُعلنَ وقف إطلاق النار في لبنان قرّرنا تنظيم المعرض في بيروت. وخلال 10 أيام استطعنا إنجاز ذلك. هذه السنة لدينا نحو 150 عارضاً لبنانياً. وخصصنا ركناً لمؤسّسة الجيش اللبناني، هدفه توعية الزائرين بكيفية الحفاظ على سلامتهم، وتنبيههم إلى حوادث تتعلق بألغام وأجسام غريبة خلّفتها الحرب الأخيرة. وهو بمثابة تحية تكريمية لجيش بلادنا».

يستقبل «كريسماس إن آكشن» زائريه يومياً حتى 23 ديسمبر الحالي. ويتضمّن سوق الميلاد لمصممين وتجار لبنانيين ورواد أعمال طموحين. كما يخصّص ركناً لـ«سوق الأكل»، ويضمّ باقة من أصناف الطعام الغربية واللبنانية.

«خيال صحرا» على مسرح «كازينو لبنان»

مسرحية «خيال صحرا»

في شهر أغسطس (آب) الماضي، عُرضت مسرحية «خيال صحرا» في «كازينو لبنان». وأعلن منظّموها يومها أنها ستعود وتلتقي مع جمهورها من جديد، في فترة الأعياد. وبالفعل أُعلن مؤخراً انطلاق هذه العروض في 18 ديسمبر الحالي حتى 26 يناير 2025. وهي من بطولة جورج خباز وعادل كرم، وإنتاج «روف توب برودكشن» لطارق كرم. وتعكس المسرحية في مضمونها المشهد الثقافي والوجودي في البلد. وتقدّم، في حبكة مشوّقة ومؤثرة في آن، جرعة عالية من الكوميديا، فتعرض الهواجس والرسائل الوطنية بأسلوب ممتع. وهي من كتابة وإخراج جورج خباز الذي يتعاون لأول مرّة مع زميله عادل كرم في عمل مسرحي.

«حدث أمني صعب» مسرحية كوميدية في «بيروت هال»... (الشرق الأوسط)

مسرحية «حدث أمني صعب»

بمناسبة الأعياد، يعود الثُّنائي الكوميدي حسين قاووق ومحمد الدايخ في عمل مسرحي جديد بعنوان: «حدث أمني صعب». ينطلق في 25 ديسمبر الحالي حتى 27 منه على مسرح «بيروت هال» بمنطقة سن الفيل. والمسرحية من نوع «ستاند أب كوميدي» وتزخر بالكوميديا بأسلوب ساخر. والمعروف أن الثنائي قاووق ودايخ سبق أن تعاونا معاً في أكثر من عمل مسرحي. كما قدّما الفيلم السينمائي «هردبشت».

مسرحية «كتاب مريم» تتوجه للأطفال (الشرق الأوسط)

مسرحية «كتاب مريم»

ضمن موضوع يواكب العصر وعلاقة الأطفال بالهاتف الجوال، تدور مسرحية «كتاب مريم». وهي من تأليف الكاتبة جيزال هاشم زرد، وتُعرض على مسرحها «أوديون» في جل الديب. وتروي المسرحية قصة فتاة تقضي كل وقتها منشغلة بِجَوَّالها. وفي يوم من الأيام تجد نفسها مسجونة داخل المكتبة دون الجوال، فتشعر بالملل، وسرعان ما يحدث أمرٌ غير متوقع وتدرك أنها ليست وحدها، وتسمع أصواتاً تهمس من بين الرفوف والكتب وتتحرك وتنبعث منها شخصيات. فماذا يحدث معها؟

العمل من إخراج مارلين زرد، ويُقدَّم خلال أيام محددة متفرقة من شهر ديسمبر الحالي حتى 29 منه.