يجب على الجماهير الإنجليزية أن ترحب بالمدير الفني الإيطالي كلاوديو رانييري وبعودته للعمل في الدوري الممتاز الذي يحبه ويحظى فيه بكل الحب والاحترام ويُنظر إليه على أنه رجل نبيل وصاحب خبرات هائلة وصانع للمعجزات وقادر على الحفاظ على رباطة جأشه في أصعب الظروف وحتى عندما يكون قريبا من الإقالة.
ويمتلك رانييري خبرات هائلة بفضل عمله على مدار 32 عاماً في مجال التدريب في خمسة بلدان مختلفة، وهي الخبرات التي تمكنه من تحمل الضغوط والعمل في أصعب الظروف والمواقف.
ويشعر مجلس إدارة نادي فولهام بالتفاؤل بعد التعاقد مع رانييري لقيادة الفريق خلفا لسلافيسا يوكانوفيتش، وهذا أمر مفهوم تماما، لكن لا يعني هذا أن نتوقع أن يحقق المدير الفني الإيطالي نفس النجاح الذي حققه مع ليستر سيتي.
وقبل 18 شهراً تقريباً، تولى رانييري تدريب نادي نانت الفرنسي وسط ضجة إعلامية كبيرة، وكان رئيس النادي، فالديمار كيتا المولود في بولندا، هو من يتبنى فكرة التعاقد معه. وكان نانت يقدم مستويات مثيرة للإعجاب تحت قيادة مديره الفني السابق سيرجيو كونسيساو، وعندما رحل المدير الفني البرتغالي عن النادي لتولي تدريب نادي بورتو، اقترح كيتا التعاقد مع رانييري، الذي أصبح مطمعا لأي ناد صغير يحلم بتحقيق نتائج عظيمة، بعد نجاحه في قيادة ليستر سيتي للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز في مفاجأة مدوية.
وكان الجميع في نانت متحمسين لهذه التجربة، وبدا وكأن الأمور ستكون وردية مع المدير الفني الإيطالي، وحظي رانييري بشعبية طاغية بين أنصار النادي ونجح في قيادة الفريق لاحتلال المركز الثالث في جدول ترتيب الدوري الفرنسي الممتاز. وظل الفريق في المراكز الخمسة الأولى لبعض الوقت بعد العطلة الشتوية، لكن بدأ شهر العسل بين رانييري والنادي في الانتهاء بحلول فبراير (شباط)، حيث بدأت التقارير تشير إلى أن المدير الفني الإيطالي مرشح بقوة لتولي تدريب منتخب بلاده، وبدأت نتائج نانت تتراجع بشكل ملحوظ.
وعلى مدار الموسم، لم يسجل نانت سوى 36 هدفاً في 38 مباراة في الدوري الفرنس الممتاز، وتراجعت النتائج بعدما هدأت الشرارة الأولى لتولي رانييري مقاليد الأمور.
وأصبح رانييري يواجه صعوبة في العمل في ظل تدخلات رئيس نانت، الذي لا يتوقف عن التصريحات ويحب أن يكون صديقا للاعبين ولا يخفي تفضيله لبعض اللاعبين ويهتم بشؤون الفريق للدرجة التي تجعله يريد أن يتدخل في كل شيء.
ولم يشتك رانييري أبدا على الملأ، لكن كان من الواضح أن هذه ليست البيئة والظروف المناسبة للعمل. ولم يحقق نانت سوى ثلاثة انتصارات في النصف الثاني من الموسم، ورحل رانييري عن النادي بعد موسم واحد، وهو ما لم يكن متوقعا. وقد ظل رانييري أنيقاً ومحبوباً دائما، لكنه لم يترك نتائج مثيرة وذكريات جيدة في تلك التجربة، التي قال عنها: «الجزء الأول من الموسم كان رائعا، ثم شعرنا بخيبة أمل كبيرة: أنا ورئيس النادي واللاعبون والمشجعون».
وربما كانت المشكلة تتمثل في أنه كان هناك تصور دائما بأن رانييري بإمكانه أن يحقق مع نانت ما حققه مع ليستر سيتي في إنجلترا، لكن يجب أن يدرك الجميع أن ما حققه رانييري مع ليستر سيتي كان شيئا استثنائيا لم يتوقعه أحد على الإطلاق ومن غير المحتمل أن يحدث مرة أخرى في وقت قريب.
وهناك سبب آخر لفشل تجربة رانييري مع نانت وهو أن المنافسة على لقب الدوري الفرنسي الممتاز خلال السنوات الخمس الماضية باتت حكرا على عدد من الأندية التي يأتي في مقدمتها باريس سان جيرمان، ثم موناكو وليون على فترات بعيدة، وإن كان نيس قد احتل المركز الثالث في عام 2017 وحقق ليل نفس الأمر في عام 2014.
وحتى خلال تلك المغامرة التي لا تنسى مع ليستر سيتي، كان رانييري يركز في المقام الأول على الوصول إلى النقطة رقم 40 التي تضمن له البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز. وقال رانييري عندما كان ليستر سيتي يحتل المركز الثالث في ذلك الموسم: «هدفنا في الوقت الحالي هو البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز وأن نقف بقدمين ثابتتين على الأرض».
ويعد هذا هو هدف رانييري أيضا وهو يبدأ مهمته الثامنة عشرة في مجال التدريب مع نادي فولهام الذي يتذيل جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، في لحظة يبدو أن الفريق قد نسي كيفية تحقيق الفوز، وهو ما يستدعي قيام رانييري بإحداث تغيير إيجابي في مستوى ونتائج الفريق إذا كان يريد الهروب من شبح الهبوط لدوري الدرجة الأولى.
ويمكن القول إن رانييري متخصص في إحداث تأثير فوري على الأندية التي يتولى تدريبها عن طريق تحليل عناصر الفريق جيدا وإجراء تعديلات ومنح اللاعبين الدوافع والحوافز التي تمكنهم من تحقيق نتائج إيجابية.
وسوف تؤدي تجربة فولهام إلى إعادة رانييري إلى الدوري الإنجليزي الممتاز وإلى جزء من العالم يعشقه ويستمتع بالعمل به. لقد كان المدير الفني الإيطالي سعيداً للغاية بالعيش في غرب لندن خلال فترة عمله مع تشيلسي في الفترة التي سبقت وصول مالك النادي رومان أبراموفيتش.
إن الخبرات المتنوعة التي اكتسبها رانييري خلال مسيرته التدريبية، سواء عن طريق العمل مع الأندية الكبرى التي تبحث عن تحقيق البطولات أو الأندية الصغيرة التي تبحث عن الهروب من القاع، تمكنه من تحقيق نتائج جيدة.
وقال رانييري ذات مرة عن فلسفته: «يتعين علينا أن نلعب كما لو أننا لا نملك شيئا نبكي من أجله، ليس في كل مباراة بل في كل ثانية. إنني أشعر بالجنون في اليوم الذي يشعر فيه لاعبو فريقي بالاسترخاء والراحة، وهم يعرفون هذا الأمر جيدا. أعتقد أني شخص لطيف، لكنني أطلب الكثير من لاعبي فريقي». وفي الحقيقة، فإن فرص فولهام في التعافي خلال هذا الموسم تتوقف على قدرة اللاعبين على الاستجابة لهذه المطالب.
وطالب رانييري في أول جلسة مع اللاعبين بالتركيز على «القتال مثل القراصنة» من أجل البقاء في الدوري الممتاز.
وقال المدرب الإيطالي البالغ عمره 67 عاما، الذي قاد ليستر سيتي إلى لقب الدوري الممتاز في 2016 إن تركيزه حاليا منصب على سد الثغرات في دفاع الفريق وتأمينه.
ويتذيل فولهام ترتيب المسابقة بخمس نقاط من 12 مباراة وبفارق أهداف ناقص 20 هدفا حيث سكن شباكه 31 هدفا.
وقال رانييري، الذي يعرف فولهام جيدا منذ أن كان مدربا لتشيلسي اللندني بين عامي 2000 و2004.
وأضاف المدرب الإيطالي «عندما شاهدت بعض المباريات قلت إن هذا الفريق يملك ما يكفي من الكفاءة للبقاء في الدوري الممتاز. الآن أكرر ذلك حيث نحتاج لروح قتالية عالية. يمكن أن نؤدي مهمتنا بنجاح عبر الكفاءة والروح القتالية. لو كانت هناك كفاءة فقط من دون تنظيم وتخطيط دفاعي من الصعب مساعدة اللاعبين للحفاظ على الشباك دون أن تهتز. بالنسبة لي من المهم وضع هذه الفلسفة في أذهان اللاعبين. لعب كرة القدم بشكل جيد لكن عندما نفقد الكرة أريد أن أراهم مثل القراصنة لاستعادتها».
وأوضح رانييري، أنه «يتعين علينا نسيان الماضي والتركيز على المستقبل، يجب التركيز على ما يمكن أن نحققه وعدم التفكير بشأن المعجزات».
هل يكرر رانييري مع فولهام ما حققه لليستر سيتي؟
المدير الفني الإيطالي لا يؤمن بالمعجزات لكنه يتطلع لتحسين الأداء والنتائج سريعاً
هل يكرر رانييري مع فولهام ما حققه لليستر سيتي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة