عملية أمنية في عفرين لفرض الاستقرار ووقف التجاوزات

تركيا تعتبر استمرار دعم أميركا لـ{الوحدات} الكردية «خطأ كبيراً»

نازح من مخيم اليرموك بدمشق في مخيم دير البلوط قرب عفرين شمال سوريا (أ.ف.ب)
نازح من مخيم اليرموك بدمشق في مخيم دير البلوط قرب عفرين شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

عملية أمنية في عفرين لفرض الاستقرار ووقف التجاوزات

نازح من مخيم اليرموك بدمشق في مخيم دير البلوط قرب عفرين شمال سوريا (أ.ف.ب)
نازح من مخيم اليرموك بدمشق في مخيم دير البلوط قرب عفرين شمال سوريا (أ.ف.ب)

كشفت تقارير إعلامية عن تحركات عسكرية لتركيا داخل مدينة عفرين شمال حلب، بهدف مكافحة فساد وتسلُّط الفصائل الموالية لها في المنطقة، وهي عملية كانت مقرَّرَة منذ نحو شهر على مناطق غصن الزيتون - درع الفرات، إلا أنه وفي كل مرّة كان يتمّ تأجيل الإعلان عنها لأسباب غير واضحة.
ولفتت التقارير إلى دخول عناصر من القوات الخاصة التركية (الكوماندوز)، أول من أمس، إلى مناطق غصن الزيتون، في عفرين، بمشاركة من قوّات الشرطة وبعض الفصائل العسكرية والمجموعات الخاصة لوقف التجاوزات التي وقعت أخيراً.
وأشارت التقارير إلى أن هدف التحركات العسكرية التركية في المنطقة هو جميع المتورطين بأعمال جنائية ولم يمتثلوا أمام القضاء في عفرين، بالإضافة إلى المتورطين في الفساد وأصحاب المشكلات السابقة من عناصر مسلحة ومدنيين على حد سواء، خصوصاً المجموعات العسكرية التي تمَّ فصلها من قبل القيادات العسكرية وبقيت تعمل بشكل منفصل مع احتفاظها بكامل السلاح والذخيرة، وذلك بعد فشل جهاز الشرطة العسكريّة المشكّل منذ نحو عام في مكافحة العسكريين الخارجين عن القانون.
في سياق متصل، قال نائب مسؤول المكتب السياسي لفصيل «لواء السلام» التابع لـ«الحر» هشام أسكيف في تصريح لـ«سمارت» إن الحملة ينفذها «الجيش الوطني» والشرطة العسكرية «لملاحقة مجموعة من العصابات الخارجة عن القانون» بطلب من القضاء العسكري.
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده ترى أن تعاون واشنطن مع الحزب الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية)، رغم إقرارها بأنه يشكل امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه كمنظمة إرهابية، في سوريا هو بمثابة «خطأ كبير».
وأضاف جاويش أوغلو أن تركيا تسعى إلى تطبيق خريطة الطريق الخاصة بإخراج الوحدات الكردية من منبج في شمال سوريا، التي تم التوصل إليها مع الجانب الأميركي في يونيو (حزيران) الماضي، مؤكداً أنها لا تقتصر على منبج فحسب، بل تشمل إرساء الاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الكردية في شرق نهر الفرات.
وقال الوزير التركي في لقاء عقده في ساعة مبكرة من صباح أمس (الأحد) في قنصلية بلاده بنيويورك، في مستهلّ زيارة للولايات المتحدة، إنه «في حال إحرازنا تقدماً في هذا الإطار، والقضاء على (الإرهابيين)، الذين يشكلون تهديداً لنا من هذه المنطقة، حينها يمكن أن تستقر علاقاتنا مع الولايات المتحدة على أرضية سليمة».
ولفت جاويش أوغلو إلى أن العلاقات التركية - الأميركية «شهدت أخيراً توتراً، والجميع حاول ربط ذلك مع قضية القس أندرو برانسون، الذي كان يحاكم في تركيا بتهمة دعم منظمات إرهابية، لكن الواقع أن هناك قضيتين توتران العلاقات مع واشنطن؛ إحداهما دعم الولايات المتحدة للوحدات الكردية في سوريا».
على الصعيد ذاته، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن أنقرة تتطلع لوقف واشنطن دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية. وأضاف أكار، خلال لقائه رئيس الأركان الأميركي جوزيف دانفورد، في كندا، أمس، أن تركيا حذَّرت الجانب الأميركي من تكرار مشاهد جنوده جالسين معاً مع الإرهابيين (في إشارة إلى ظهور جنود أميركيين في مأدبة عشاء مع بعض عناصر وحدات حماية الشعب الكردية في منبج) قائلاً: «لقد أبلغناهم رفضنا لتلك الصور المستفزة».
وكان أكار أبدى استياءه من صور تداولتها وسائل الإعلام، تظهر عسكريين أميركيين يجلسون جنباً إلى جنب أثناء مأدبة عشاء، مع مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، ويدعمها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.