الحريري: حل موضوع الحكومة ليس لدي بل عند الآخرين

نائب رئيس البنك الدولي أكد أن لا مصلحة للبنان في إضاعة الفرص

الرئيس سعد الحريري في حفل العشاء الذي حضره رجال أعمال واقتصاديون وإلى اليمين الرئيس فؤاد السنيورة والوزير نهاد المشنوق (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري في حفل العشاء الذي حضره رجال أعمال واقتصاديون وإلى اليمين الرئيس فؤاد السنيورة والوزير نهاد المشنوق (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري: حل موضوع الحكومة ليس لدي بل عند الآخرين

الرئيس سعد الحريري في حفل العشاء الذي حضره رجال أعمال واقتصاديون وإلى اليمين الرئيس فؤاد السنيورة والوزير نهاد المشنوق (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري في حفل العشاء الذي حضره رجال أعمال واقتصاديون وإلى اليمين الرئيس فؤاد السنيورة والوزير نهاد المشنوق (دالاتي ونهرا)

تدور عقدة تشكيل الحكومة في نفس مربع التعطيل من دون أن تتزحزح خطوة واحدة باتجاه الحل، وسط تمسك كافة الأطراف بمواقفها حول تمثيل «سنة 8 آذار»، فيما لم ترشح أي أخبار مشجعة من مبادرة وزير الخارجية جبران باسيل لحل الأزمة، وسط دعوات من «المستقبل» لـ«حزب الله» بـ«التواضع».
وأكد الرئيس الحريري خلال رعايته ليل الجمعة حفل عشاء اقتصادي، أن «الحل في موضوع تأليف الحكومة ليس لديّ، بل لدى الآخرين»، مشيراً إلى أن هدفه الأساسي «كيفية تطوير البلد»، معتبراً أن لدينا فرصة ذهبية لتطوير لبنان، لا سيما بعد مؤتمر «سيدر». ولفت إلى أن «أي حكومة ستأتي قريباً، ستضع في بيانها الوزاري كل الإصلاحات والمشاريع الواردة في مؤتمر «سيدر»، وسبق أن وافق كل الفرقاء السياسيين على ذلك».
بدوره، أصرّ عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار على أن الحكومة جاهزة في انتظار ثلاثة أسماء من «حزب الله»، مستبعداً تشكيل حكومة من دون الحزب «لأن الرئيس سعد الحريري يصر حتى الساعة على حكومة وحدة وطنية». وقال في حديث إذاعي أمس، إن الحريري لم يصل بعد إلى قناعة الاعتذار عن تشكيل الحكومة، معتبرا «أنه في حال الاعتذار يكون البلد قد انتقل إلى مكان آخر».
وقال الحجار: حزب الله إما كان فعلاً يريد أن تكون هناك حكومة واستجدت قرارات أخرى من إيران، أو هو فعلاً منذ البداية لا يريد حكومة فيكون قد ضحك علينا، معتبرا «أن المشروع الإيراني الذي يريد السيطرة على أربع عواصم عربية من بينها بيروت مستمر وتيار المستقبل سيتصدى له».
وفيما لم يصدر أي موقف عن «حزب الله» أو مقربين منه يشير إلى أي ليونة في موضوع توزير النواب السنة المستقلين، دعا النائب عن كتلة «المستقبل» سمير الجسر الحزب إلى «التواضع قليلاً». وغرد الجسر على «تويتر» متوجهاً إلى نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم بالقول: «الرئيس الحريري لم يضع معايير للتأليف، ورفض الاعتراف بكل بدعة وبكل عرف ما خلا ما ارتبط منها بالرئاسات الثلاث. حيدوا أنفسكم عن طرح توزير واحد من النواب الستة الذي طرحتموه وستجدون كيف تتبدد العقد». وأضاف الجسر: «سماحة الشيخ آن أوان التواضع قليلاً والتعامل مع المخاطر المحدقة بالبلاد من باب المسؤولية المشتركة، وتقديم الوفاء للوطن عن الوفاء للأشخاص الذين تحضنون».
يأتي ذلك في وقت تستمر التحذيرات من مخاطر تأخير التشكيلة الحكومية على اقتصاد لبنان بعد تصريح نائب رئيس البنك الدولي فريد بلحاج. وفي هذا السياق، رأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي خلال استقباله وفوداً شعبية أمس، أن كل يوم تأخير في تشكيل الحكومة ندفع أضعافاً من الثمن الذي يسرق منا أي فرصة لتطوير البلد. وقال: نحن في حركة أمل كنا وما زلنا عاملاً مسهلاً منذ اللحظات الأولى لتشكيل الحكومة، ونحن بأمس الحاجة إليها للإجابة على كل التحديات والأسئلة المطروحة. ولفت إلى أنه سمع من نائب رئيس البنك الدولي أن «إضاعة الفرص ليست في مصلحة لبنان». ودعا إلى «التكاتف من أجل صناعة الخير العام في البلد والابتعاد عن سياسة النكد ووضع العصي في الدواليب»، متمنياً على أبواب الاستقلال أن «تتشكل حكومة وحدة وطنية تعكس اللوحة اللبنانية وفقاً لنتائج الانتخابات النيابية».
في غضون ذلك، شدد عضو كتلة المستقبل النائب وليد البعريني في تصريح على «أن الرئيس سعد الحريري يحرص في جميع مواقفه وكل أدائه السياسي على تجنيب لبنان أي أزمة سياسية وعلى المحافظة على الاستقرار، لأن للحريري أجندته السياسية لبنانية بامتياز، في حين أن البعض ممن يملكون أجندات خارجية، يصرون على تطبيقها حتى لو أدى ذلك إلى انهيار البلد والصيغة الوطنية برمتها. وأشار إلى «أن الحريري ومن منطلق كونه رجل دولة مؤتمنا ومسؤولا يتصرف بالسياسة على هذا الأساس والمطلوب من الجميع ملاقاة مواقفه السياسية الوطنية في منتصف الطريق لإنقاذ البلد الذي بات يئن تحت وطأة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي».
بدوره، رأى غرد عضو «كتلة المستقبل» النائب طارق المرعبي أن «مضاعفة الأزمات في لبنان مسؤول عنها حصريا من عطل تشكيل الحكومة التي كانت جاهزة للإعلان». وقال في تغريدة: «كفاكم تهربا من المسؤولية واتقوا الله في البلد الغارق بالمشاكل من أقصاه إلى أقصاه! الفرض والتهديد والتهويل لا يبني وطنا، ملاقاة الرئيس سعد الحريري هي خشبة الخلاص للوطن، لا تكسروها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.