عودة «الحكومة» إلى الجنوب لم تحل مشاكل انتاج الزيتون

عودة «الحكومة» إلى الجنوب لم تحل مشاكل انتاج الزيتون
TT

عودة «الحكومة» إلى الجنوب لم تحل مشاكل انتاج الزيتون

عودة «الحكومة» إلى الجنوب لم تحل مشاكل انتاج الزيتون

في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) من كلّ عام، يبدأ الفلاحون في مناطق جنوب سوريا بقطف ثمار الزيتون، وجني محصولهم. لكن هذا الموسم، بدأ المزارعون بجمع محصول الزيتون وسط ضعف أجرة اليد العاملة وتراجع بالموسم عن العام الماضي، نتيجة لعدة أسباب أهمها شحّ الأمطار وتعرض حبّات الزيتون إلى الجفاف، وغلاء أجور نقل المحصول من مكانه إلى المعاصر أو السوق، ومنع دخول المواد المساعدة على تحسين الزراعة إلى مناطق جنوب سوريا قبل سيطرة النظام عليها، ما أدى إلى بقاء أسعار زيت الزيتون مرتفعة، إضافة إلى غلاء سعر الزيتون في السوق. يقول أبو أحمد من ريف درعا الغربي أنه اعتاد على موسم من الزيتون يصل إلى 2 ونصف طن من حقله سابقاً، ولم يتغير الحال في هذا الموسم عن السنوات السابقة التي شهدت أعمالا عسكرية في المنطقة.
وكان الموسم يتراجع تدريجياً خلال السنوات السابقة وهذه السنة أيضاً نتيجة غلاء أسعار الأسمدة والمبيدات الحشرية ونقل المياه إلى الحقل، ما أدى إلى تراجع الإنتاج أكثر من السابق، ما أنهك المُزارِع الذي اضطُّر إلى ترك مزرعته من دون رعاية، إضافة لما لحق من آثار سلبية على حيوية أشجار الزيتون وضمور الثمار وجفافها، بسبب قلة الاهتمام، وأصبحت معظم مزارع الزيتون مناسبة للتحطيب فقط، ويقتصر إنتاج الزيتون على الأشجار المزروعة ضمن المنازل فقط، ما أدى إلى تراجع إنتاج الزيتون والزيت.
وأضاف أن سعر صحيفة الزيت التي تحتوي على 16 ليترا يُقدّر بنحو 50 دولارا أميركيا، ووصل سعرها إلى هذا التضخم بعد تراجع إنتاج مزارع الزيتون في المنطقة وبدأ سعرها بالارتفاع منذ عامين، وما زال سعر صفيحة الزيت مرتفعا وقابلا للزيادة هذا العام؛ بسبب استمرار قلة الإنتاج في هذا الموسم، إضافة إلى تدخل التجار واستغلال حاجة المزارعين، حيث يعمد بعض التجار إلى شراء كميات كبيرة من الزيت بأسعار عادية، وتصديرها إلى أسواق المدن السورية أو إلى السياح الأردنيين وبيعها بأسعار مرتفعة؛ ما أدى لتنامي ظاهرة ارتفاع أسعار زيت الزيتون هذا العام، رغم أن التكلفة لم تختلف عن موسم العام الماضي.
وأشار إلى أن الغلاء شمل أسعار الزيتون المخصص للمونة، حيث وصل سعر كيلو الزيتون الأخضر في جنوب سوريا إلى 400 - 500 ليرة سورية، بينما وصل سعر الزيتون الأسود 500 – 600 ليرة سورية، ذلك نتيجة تصدير كميات كبيرة من السوق المحلية في جنوب سوريا إلى المدن السورية التي تفتقر للزيتون وبيعه بأسعار مرتفعة، ولتراجع الإنتاج بشكل عام في المنطقة.
وأوضح أحد مالكي مزرعة زيتون في القنيطرة جنوب سوريا أن كثيراً من مزارع الزيتون هجرها أصحابها منذ سنوات نتيجة الأعمال العسكرية في جنوب سوريا سابقاً، ونزوح أعداد كبيرة من أصحاب المزارع إلى مناطق أخرى أو خارج سوريا.
وأضاف أن انتهاء الأعمال العسكرية جنوب سوريا بعد سيطرة النظام السوري على المنطقة قبل أشهر، وتسهيل دخول المحروقات والمواد الضرورية للزراعة كالسماد والمبيدات الحشرية التي كانت محرمة سابقاً على المنطقة بسبب سيطرة المعارضة عليها، لن يغير شيئا في نقص إنتاج الزيتون جنوب سوريا فهنالك بساتين زيتون لم تتلق الرعاية الزراعية منذ سنوات كالتقليم أو الحراثة أو رش المبيدات الحشرية، وأصبحت مناسبة فقط للتحطيب، وأن كثيراً من المزارعين فضّل قطع أشجار الزيتون بعد عجزه عن سد احتياجاتها الزراعية، وخاصة عند كثير من العائلات التي عجزت عن توفير مادة الديزل للتدفئة خلال السنوات السابقة بسبب حرمان النظام السوري لدخول مادة المحروقات إلى المناطق الخارجة عن سيطرته في الجنوب، ولا يملك عملاً يؤمن ثمن المحروقات، فكان الحل قطع الأشجار وتوفير الحطب للتدفئة.
ويرى مزارعون في الجنوب، أن القطاع الزراعي «عانى كثيراً من الحظر والخطر خلال السنوات السابقة، ولا بد من تطوير هذا القطاع كونه أحد القطاعات الرئيسية للاقتصاد جنوب سوريا، وإدخال مستلزمات إنتاج حديثة وتقنيات زراعية جديدة، وتوفير المحروقات، والأسمدة بأسعار مقبولة، وتحديد أسعار زيت الزيتون كي لا يتلاعب التجار في أسعاره، وتشجيع المزارعين على إعادة استصلاح حقولهم؛ ما يساعد على النهوض بالإنتاج الزيتون والزراعة على حد سواء نحو المستوى الأفضل والتي حرمت منه خلال السنوات السابقة، ما يؤهل إلى توفر فرص العمل في المزارع والحقول والمعامل التي تعتمد الإنتاج الزراعي ما يساعد المجتمع على مواجهة ظاهرة البطالة المنتشرة جنوب سوريا».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.