الصين تتذكر ماو رغم انقسامها حول إرثه

رجل وامرأة يستعدان لوضع باقتي ورد أمام تمثال برونزي لماو في مسقط رأسه بمدينة شاوشان أمس (أ.ف.ب)
رجل وامرأة يستعدان لوضع باقتي ورد أمام تمثال برونزي لماو في مسقط رأسه بمدينة شاوشان أمس (أ.ف.ب)
TT

الصين تتذكر ماو رغم انقسامها حول إرثه

رجل وامرأة يستعدان لوضع باقتي ورد أمام تمثال برونزي لماو في مسقط رأسه بمدينة شاوشان أمس (أ.ف.ب)
رجل وامرأة يستعدان لوضع باقتي ورد أمام تمثال برونزي لماو في مسقط رأسه بمدينة شاوشان أمس (أ.ف.ب)

يحيي المعجبون بماو تسي تونغ، والذين يحنون إلى عهده، غدا الخميس عيد الميلاد العشرين بعد المائة لقائد الثورة الذي أسس الصين الشيوعية لكنه كلفها ملايين من أبنائها في هذا البلد الذي ما زال منقسما حول إرثه. ويتوقع أن يصل أنصار ماو، الذي قاد الصين لأكثر من ربع قرن حتى وفاته في عام 1976، بالآلاف إلى مسقط رأسه في شاوشان حيث أنفقت السلطات المليارات لإحياء هذه الذكرى.
وقال شن يانغ رجل الأعمال البالغ 48 عاما الذي سيشارك في شاوشان بمحافظة هونان، حيث أمضى ماو فترة شبابه، في هذه الاحتفالات: «عيد ميلاد ماو يوم عظيم بالنسبة إلى الشعب الصيني. إنه أجمل تاريخ لنعبر عن إيماننا بماو تسي تونغ والاحترام الذي نكنه له. أعتقد أن الصين الجديدة التي أنشأها ماو عظيمة، ولهذا السبب علينا أن نكرمه وأن نؤمن به»، موضحا أنه سيضع باقة زهور أمام منزل ماو.
لكن ماو الذي قاد الحزب الشيوعي الصيني إلى النصر في عام 1949 بعد حرب أهلية دامية، يبقى للكثير من الصينيين قبل كل شيء طاغية أسفرت حملاته السياسية الكارثية إلى سقوط ملايين القتلى في البلاد. ويرى المؤرخون أن مليون صيني على الأقل قتلوا في عملية إعادة توزيع الأراضي في خمسينات القرن الماضي، إضافة إلى عمليات تصفية المعارضين الحقيقيين أو المفترضين لبسط سلطته.
وكانت سياسة «القفز إلى الأمام» التي أطلقت في 1958 للحاق بموكب الاقتصادات الغربية، أكثر دموية وخلفت في عام 1962 أكثر من 40 مليون قتيل معظمهم من المجاعة. واعتبارا من عام 1996 ولـ10 سنوات أتت «الثورة الثقافية» التي أطلقها ماو لاستعادة زمام السلطة والقضاء على خصومه، ما أغرق البلاد في شبه حرب أهلية أوقعت نصف مليون قتيل خلال عام 1967 وحده.
وقال المؤرخ زهان ليفان في تعليق على الإنترنت لهذه المناسبة: «الخطأ الأكبر لماو كان وقف تقدم الصين نحو نظام دستوري وديمقراطي. لقد زج بالصين في حرب طبقات ونهج نظام الحزب الواحد».
من جهته قال كرك دنتون الأستاذ في الجامعة الأميركية في أوهايو الذي قام بأبحاث في شاوشان إن الحزب الشيوعي الصيني لا يزال «يستخدم صورة ماو كأب الثورة»، مصدرا «لشرعيته وخطابه حول التحرر الوطني».
لكن إذا احتفظ الحزب الشيوعي الصيني بالسلطة بعد وفاة ماو في عام 1976، فذلك بفضل ممارسة سياسة اقتصادية على عكس تلك التي طبقها ماو مقرا بأنه ارتكب «30 في المائة من الأخطاء» أي «أداء إيجابي» بنسبة 70 في المائة.
يذكر أن ضريح ماو موجود في ساحة تيانانمين حيث لا تزال ترفع صورة عملاقة له، وتحظر إلى هذا اليوم أي نقاشات أو كتب مقالات عنه خارج النهج الرسمي. وأكد دنتون أن الاحتفالات في شاوشان «سترسم صورة مثالية لماو الزعيم الثوري العظيم». لكن المعلومات التي نشرتها الصحف الصينية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن كلفة هذه الاحتفالات والتي توازي 2.5 مليار دولار، أثارت فضيحة على الإنترنت إلى أن طلب الرئيس تشي جيبينغ تكريما «بسيطا ورسميا».
وبعد ثلاثة عقود من الإصلاحات التي أدخلت مجددا الرأسمالية إلى الصين، أصبح ماو أيضا مرجعا لأولئك الذين ينددون بالهوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء والفساد المتفشي مصدر القلق الرئيس للحزب الشيوعي الصيني الذي يحاول قمع أي حركة احتجاج.
وكان الزعيم الصيني السابق بو تشيلاي الذي حكم عليه في الخريف بالسجن المؤبد، استغل صورة ماو. لكن القادة الحاليين وبينهم الرئيس تشي الذي كان والده قريبا من ماو أعادوا العمل بالأسلوب الماوي «للنقد الذاتي» للكوادر. وقال جيفري فاسرستروم الإخصائي في شؤون الصين في جامعة ارفن بكاليفورنيا إن «الأمر حساس جدا بالنسبة للحكومة التي تريد تكريمه لكن جزئيا». وفي تلك الأثناء فان فنادق شاوشان مكتظة. وقال شين رجل الأعمال إن «الذين يؤمنون مثلنا بماو يجب أن يعبروا بشجاعة عن آرائهم».



تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش»، وفق ما أفاد صحافيون في «وكالة الصحافة الفرنسية».

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة بينما يحضر الناس جنازة خليل الرحمن حقاني بمقاطعة غردا راوا في أفغانستان 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وقتل حقاني، الأربعاء، في مقر وزارته، حين فجّر انتحاري نفسه في أول عملية من نوعها تستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى السلطة عام 2021.

وشارك آلاف الرجال، يحمل عدد منهم أسلحة، في تشييعه بقرية شرنة، مسقط رأسه في منطقة جبلية بولاية باكتيا إلى جنوب العاصمة الأفغانية.

وجرى نشر قوات أمنية كثيرة في المنطقة، في ظل مشاركة عدد من مسؤولي «طالبان» في التشييع، وبينهم رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، فصيح الدين فطرت، والمساعد السياسي في مكتب رئيس الوزراء، مولوي عبد الكبير، وفق فريق من صحافيي «وكالة الصحافة الفرنسية» في الموقع.

وقال هدية الله (22 عاماً) أحد سكان ولاية باكتيا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم كشف اسمه كاملاً: «إنها خسارة كبيرة لنا، للنظام وللأمة».

من جانبه ندّد بستان (53 عاماً) بقوله: «هجوم جبان».

أشخاص يحضرون جنازة خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين والعودة في نظام «طالبان» غير المعترف به دولياً العضو البارز في شبكة «حقاني» (إ.ب.أ)

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم، إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان، إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان»، وكذلك أقلية الهزارة الشيعية.

وخليل الرحمن حقاني، الذي كان خاضعاً لعقوبات أميركية وأممية، هو عمّ وزير الداخلية، واسع النفوذ سراج الدين حقاني. وهو شقيق جلال الدين حقاني، المؤسس الراحل لشبكة «حقاني»، التي تنسب إليها أعنف هجمات شهدتها أفغانستان خلال الفترة الممتدة ما بين سقوط حكم «طالبان»، إبان الغزو الأميركي عام 2001، وعودة الحركة إلى الحكم في 2021.