أطلقت السلطات التركية حملة اعتقالات جديدة طالت عشرات المدنيين والعسكريين وناشطي المجتمع المدني بزعم ارتباطهم بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن التي تتهمها الحكومة بتدبير محاولة انقلاب عسكري فاشلة وقعت في منتصف يوليو (تموز) من عام 2016، وأصدرت نيابة العاصمة أنقرة، أمس (الجمعة)، قرارا باعتقال 100 عسكري، و88 مدنيا في إطار التحقيقات الجارية بحق حركة غولن. وشملت قرارات الاعتقال أربعة ضباط برتبة ملازم و96 ضابط صف جميعهم بالخدمة في القوات الجوية، فضلا عن 88 مدنيا يشتبه بصلتهم بحركة غولن. وأطلقت شعبة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمديرية الأمن العام عقب صدور قرار الاعتقال، عملية أمنية بالعاصمة أنقرة و25 ولاية أخرى للقبض على المطلوبين.
في سياق متصل، اعتقلت الشرطة التركية 12 شخصا بينهم أكاديميان بارزان في إطار تحقيق بشأن الناشط الحقوقي ورجل الأعمال عثمان كافالا ومؤسسته الأناضول الثقافية المملوكة له. والأكاديميان هما تورجوت طرهانلي من جامعة بيلجي وبتول طنباي من جامعة بوغازيجي، وهما من الجامعات الكبرى المرموقة في إسطنبول وتركيا، والأربعة الآخرون موظفون في مؤسسة «الأناضول» الثقافية التي يملكها كافالا والمعنية بالترويج للثقافة والحقوق. واحتجز كافالا العام الماضي وسجن بعد ذلك تمهيدا لمحاكمته بتهمة السعي للإطاحة بالحكومة وتنفيذ محاولة انقلاب جديدة في إطار التحقيقات بشأن حركة غولن ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، التي ينفي غولن، المقيم في أميركا أي صلة له بها. ودعت منظمات حقوق الإنسان الدولية وأعضاء في البرلمان الأوروبي مرارا إلى إطلاق سراح كافالا المحبوس احتياطيا ولم تصدر بعد لائحة اتهام ضده. وأصدرت النيابة العامة في إسطنبول أمس أوامر اعتقال بحق 20 من المرتبطين بمؤسسة الأناضول الثقافية، وتنفذ الشرطة مداهمات متزامنة في مناطق مختلفة من مدينة إسطنبول للقبض على المطلوبين الثمانية الآخرين. وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي جددت منظمتا العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش الدعوات للإفراج عن كافالا فورا ومن دون شروط، وذلك بمناسبة مرور عام على احتجازه دون محاكمة. وقالت المنظمتان، في بيان، إن مدعي العموم لم يصدروا حتى الآن لائحة اتهام تحدد التهم ضده. ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة، التي فرضت الحكومة بعدها حالة الطوارئ لمدة عامين، نفذت السلطات التركية، ولا تزال، أوسع حملة اعتقالات أسفرت عن خضوع 402 ألف شخص لتحقيقات جنائية، واعتقال ما يقرب من 80 ألفا، بينهم 319 صحافيا، وإغلاق 189 مؤسسة إعلامية، وفصل 172 ألفا من وظائفهم، ومصادرة 3003 جامعات ومدارس خاصة ومساكن طلابية. وتوفي نحو 100 شخص في ظروف مشبوهة، أو تحت التعذيب، أو بسبب المرض جراء ظروف السجون السيئة، كما فر عشرات الآلاف من المواطنين إلى خارج البلاد، وفق التقارير الأخيرة التي نشرتها المنظمات الحقوقية الدولية. وتثير حملة الاعتقالات والإقالات الموسعة وغير المسبوقة، والتي تعتبرها الحكومة التركية مطلوبة من أجل تلافي أي خطر على أمن البلاد، انتقادات واسعة في الداخل ومن جانب حلفاء تركيا الغربيين الذين يرون أن الرئيس رجب طيب إردوغان يستغل المحاولة الانقلابية في سحق معارضيه وتأسيس نظام حكم فردي يقضي على الحقوق والحريات ودولة القانون. في سياق متصل، نفت وزارة الخارجية الأميركية تقارير إعلامية أميركية زعمت أن البيت الأبيض يدرس طلبات تركيا لتسليم الداعية فتح الله غولن. وقالت المتحدثة باسم الوزارة هيذر ناورت ردا على هذه التقارير: «تلقينا طلبات عدة من الحكومة التركية تتعلق بغولن، ونواصل تحليل العناصر التي تقدّمت بها الحكومة التركية من أجل دعم طلبها بتسليمه إليها». وشددت على أن البيت الأبيض «لم يشارك في أي محادثات تتعلق بتسليم غولن». وتثير مسألة تسليم غولن توتراً في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. وقالت ناورت: «تحدثنا مع زملائنا في البيت الأبيض، وأوضحوا أنه لم تجر مناقشة حول الموضوع هناك». ولفتت إلى أن وزارة العدل الأميركية ما زالت تدرس الأدلة التي قدمتها تركيا لاستعادة غولن، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، وأن هذا الملف يخص وزارة العدل بصورة تامة.
تركيا تعتقل عشرات الأكاديميين والعسكريين والمدنيين بتهمة الارتباط بغولن
واشنطن تقول إن تسليم الداعية المناهض لأردوغان شأن يخص وزارة العدل
تركيا تعتقل عشرات الأكاديميين والعسكريين والمدنيين بتهمة الارتباط بغولن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة