الأمم المتحدة تطالب دمشق بعدم المراوغة في ملف الكيماوي

TT

الأمم المتحدة تطالب دمشق بعدم المراوغة في ملف الكيماوي

صوتت غالبية الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة لمصلحة قرار قدمته المملكة العربية السعودية لمطالبة السلطات السورية بعدم المراوغة في تقاريرها حيال مخزونها من الأسلحة الكيماوية وبوقف تعذيب السجناء وسياسات التجويع والحصار التي تعتمدها ضد ملايين السوريين.
ففي إطار بند تعزيز حقوق الإنسان أمام اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، صوتت 106 دول لمصلحة القرار الذي «يندد بشدة» بـ«الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة المنهجية الواسعة النطاق للقانون الدولي لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي الإنساني المرتكبة»، فضلاً عن «الهجمات العشوائية وغير المتناسبة في المناطق المدنية وضد الهياكل الأساسية المدنية، ولا سيما الهجمات على المرافق الطبية والمدارس، التي لا تزال تُوقع قتلى في صفوف المدنيين»، مطالباً السلطات السورية بأن «تضع على الفور حداً لجميع الهجمات على مواطنيها وأن تتخذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب أي خسائر عرضية في أرواح المدنيين وإصابتهم وإلحاق أضرار في الممتلكات المدنية، وفي أي حال، للتقليل من ذلك إلى أدنى حد ممكن، وأن تضطلع بمسؤولياتها عن حماية السكان السوريين، وتنفذ فورا قرارات مجلس الأمن 2254 و2258 و2286». ويحض كل الدول الأعضاء، ولا سيما أعضاء الفريق الدولي لدعم سوريا، على «تهيئة الظروف لمواصلة المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري، تحت رعاية الأمم المتحدة».
وعارضت القرار 16 دولة فقط، بينما امتنعت 58 دولة عن التصويت على القرار الذي يندد بشدة أيضاً بـ«أي استخدام من أي طرف في النزاع الدائر في الجمهورية العربية السورية لأي أسلحة كيماوية، مثل الكلور والسارين وخردل الكبريت»، مشدداً على أن «تطوير الأسلحة الكيماوية أو إنتاجها أو حيازتها أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو نقلها أو استخدامها في أي مكان وفي أي وقت من قبل أي شخص وفي أي ظرف من الظروف هو أمر غير مقبول ويشكل واحدة من أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي، وهو انتهاك لاتفاقية حظر تطوير وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيماوية وتدمير تلك الأسلحة ولقرار مجلس الأمن 2118»، مؤكداً «حتمية ووجوب محاسبة الأفراد المسؤولين عن استحداث الأسلحة الكيماوية أو إنتاجها أو حيازتها أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو نقلها أو استخدامها».
وعبرت اللجنة الثالثة في قرارها الذي يتوقع أن تصوت الجمعية العامة عليه قريباً، عن «قلقها البالغ» من الهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي أبلغ عن وقوعه في دوما في 7 أبريل (نيسان) 2018. ونقلت عن لجنة التحقيق أن «مجموعة كبيرة من الأدلة تشير إلى أن الكلور أُسقط بواسطة طائرة هليكوبتر على مبنى سكني»، معبرة عن تطلعها إلى الاستنتاجات النهائية لبعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في شأن ذلك الهجوم. ودعت إلى «إحراز تحسن مهم في تدابير التحقق الخاصة بمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية»، مرحبة بـ«الترتيبات التي ستضعها المنظمة لتحديد مرتكبي الهجمات باستخدام هذه الأسلحة». وطالبت النظام السوري بأن «يتقيد بصورة تامة بالتزاماته الدولية، بما في ذلك واجب الإعلان عن كامل برنامجه المتعلق بالأسلحة الكيماوية، مع التركيز بوجه خاص على ضرورة قيام الجمهورية العربية السورية على وجه السرعة بمعالجة ما تم التحقق منه من ثغرات وتناقضات واختلافات تتعلق بإعلانها».
وندد القرار بشدة أيضاً بـ«الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة المنهجية الواسعة النطاق لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وجميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني من جانب السلطات السورية والميليشيات التابعة للحكومة ومن يقاتلون باسمهما، بما فيها الانتهاكات التي تستهدف المدنيين أو الأماكن المدنية عمداً، ومنها شن الهجمات على المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة باستخدام الأسلحة الثقيلة والقصف الجوي والذخائر العنقودية والصواريخ الباليستية والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية أو غيرها من الأسلحة وأشكال القوة الأخرى ضد المدنيين، وكذلك تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، وشن هجمات على المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة، والمذابح وعمليات الإعدام التعسفي والقتل خارج نطاق القضاء، وقتل واضطهاد المحتجين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والأفراد وأعضاء الطوائف بسبب دينهم أو معتقدهم، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، وانتهاكات حقوق الإنسان للمرأة والطفل، والتشريد القسري لأفراد الأقليات ومعارضي النظام السوري».
ويندد بشدة بـ«تدخل جميع المقاتلين الإرهابيين الأجانب والتنظيمات الأجنبية والقوات الأجنبية التي تقاتل باسم النظام السوري في الجمهورية العربية السورية»، معبراً عن «القلق البالغ من أن ضلوعهم في النزاع يفاقم تدهور الحالة في الجهورية العربية السورية، بما في ذلك حالة حقوق الإنسان والحالة الإنسانية، الأمر الذي يؤدي إلى آثار سلبية خطيرة في المنطقة». ويشدد على «ضرورة المساءلة عما ارتكب في الجمهورية العربية السورية منذ مارس (آذار) 2011 من جرائم تنطوي على خرق للقانون الدولي، ولا سيما القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد يشكل بعضها جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وذلك من خلال تحقيقات وملاحقات قضائية نزيهة ومستقلة على المستوى الوطني أو الدولي». ويحض كل الدول وأطراف النزاع على «التعاون التام مع الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساعدة في التحقيق بشأن الأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة بموجب القانون الدولي المرتكبة في الجمهورية العربية السورية منذ مارس 2011 وملاحقتهم قضائياً».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».