«المركزي الأوروبي» يلمّح لزيادة الفائدة بوتيرة أكثر بطئاً

في ظل ضعف التجارة العالمية

«المركزي الأوروبي» يلمّح  لزيادة الفائدة بوتيرة أكثر بطئاً
TT

«المركزي الأوروبي» يلمّح لزيادة الفائدة بوتيرة أكثر بطئاً

«المركزي الأوروبي» يلمّح  لزيادة الفائدة بوتيرة أكثر بطئاً

حذر البنك المركزي الأوروبي أمس من أن بطء التجارة العالمية أصبح عائقاً أمام اقتصاد منطقة اليورو، لكن معدلات النمو الحالية للتكتل الاقتصادي تظل مرنة في ظل رغبة المستهلكين في الإنفاق وانخفاض البطالة، بفضل الإصلاحات المنحازة لقطاع الأعمال.
وأكد رئيس البنك، ماريو دراغي، على أنه لن يغير مخططاته بالتخارج من برنامج شراء السندات للتحفيز، الذي بلغت قيمته 2.5 تريليون يورو (2.8 تريليون دولار)، في نهاية هذا العام. لكنه أشار إلى أن البنك المركزي يطبق الزيادة المتوقعة في أسعار الفائدة على مدى زمني أطول.
وأوضح دراغي، في كلمة ألقاها في فرانكفورت، أنه بجانب تأثير تباطؤ التجارة العالمية، فقد تأثر النمو الأوروبي بعوامل ذات طبيعة مؤقتة مثل الاحتجاجات وفشل مصنعي السيارات بجعل سياراتهم مؤهلة لاجتياز الاختبارات الجديدة للانبعاثات.
وأشار دراغي إلى أن أسعار الفائدة ستظل عند مستوياتها الحالية المنخفضة حتى صيف 2019 على الأقل، لكنه لمح إلى أن موجهات سياسات «المركزي» سترتبط بالتطورات الاقتصادية المقبلة.
وفي الوقت الراهن، يبلغ سعر الفائدة للمركزي الأوروبي للإقراض صفراً، ويضع البنك فائدة بسالب 0.4 في المائة على الودائع التي يأخذها من البنوك التجارية. وتهدف الفائدة السلبية إلى دفع البنوك لإقراض الأموال المودعة لديها بدلا من إيداعها لدى «المركزي».
وكان اقتصاد منطقة اليورو نما بأبطأ وتيرة في 4 أعوام خلال الربع الثالث من 2018؛ ليزيد الناتج الإجمالي بـ0.2 في المائة في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) مقارنة بالربع السابق.
وسجل الاقتصاد الألماني، الأكبر في منطقة اليورو، انكماشاً في الربع الثالث بنسبة 0.2 في المائة، بينما نما الاقتصاد الفرنسي بـ0.4 في المائة، وظل الناتج الإجمالي الإيطالي على نفس مستوياته في هذا الربع.
وبصفة سنوية نما اقتصاد منطقة اليورو في الربع الثالث بـ1.7 في المائة، وهي أبطأ وتيرة للنمو منذ الربع الرابع في 2014.
وبالرغم من التباطؤ الأوروبي، بدا دراغي متفائلا بآفاق النمو الأوروبي في كلمته، مشيرا إلى أن العام الحالي هو العام الخامس لنمو منطقة اليورو ولا يوجد سبب يدفع إلى التوقع بأن يتوقف النمو فجأة.
وذكر دراجي أنه سيتم رصد مخاطر التجارة «بعناية شديدة» في الأشهر القادمة، وقال إن هناك خطراً آخر ينتج عن سياسات الإنفاق في البلدان المثقلة بالديون، دون ذكر اسم إيطاليا التي وقعت في خلاف مع الاتحاد الأوروبي بسبب موازنتها للعام القادم، مضيفا: «يجب ألا تزيد الدول المثقلة بالديون ديونها أكثر، ويجب على جميع الدول احترام قواعد الاتحاد».
وقال دراغي إنه من المحتمل ألا يرتفع التضخم في منطقة اليورو بالوتيرة المتوقعة في ظل حالات عدم اليقينية التي تواجه شركات المنطقة.
وأعلن مكتب الإحصاءات التابع للاتحاد الأوروبي أمس أن التضخم في منطقة اليورو زاد خلال أكتوبر (تشرين الأول) بأسرع وتيرة في نحو 6 سنوات بدعم من أسعار الطاقة.
وقال يوروستات إن أسعار المستهلكين في دول منطقة اليورو البالغ عددها 19 دولة ارتفع 2.2 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر، مقارنة مع زيادة نسبتها 2.1 في المائة في سبتمبر، واثنين في المائة في أغسطس (آب). وهذه أكبر زيادة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2012. وعدل يوروستات قراءة التضخم الأساسي بالخفض إلى 1.2 في المائة على أساس سنوي من قراءة سابقة بلغت 1.3 في المائة، لكنه ما زال ينمو بوتيرة أسرع من التي سجلها في سبتمبر، والتي بلغت 1.1 في المائة.
وعلى أساس شهري، ارتفع التضخم الأساسي 0.2 في المائة في أكتوبر، بما يتوافق مع توقعات السوق، لكنه تباطأ من 0.5 في المائة في سبتمبر. وارتفع المؤشر الأساسي الأضيق نطاقاً، الذي يراقبه كثيرون في السوق، ويستثني أسعار الطاقة والغذاء والتبغ والكحول، إلى 1.1 في المائة على أساس سنوي.



تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
TT

تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)

من الصين إلى أوروبا، ومن كندا إلى المكسيك، بدأت الأسواق العالمية بالفعل الشعور بتأثير تهديدات دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بمجرد توليه الرئاسة في أقل من أسبوعين. فقد تعهّد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الواردات العالمية، و60 في المائة على السلع الصينية، بالإضافة إلى رسوم استيراد إضافية بنسبة 25 في المائة على المنتجات الكندية والمكسيكية، وهي تدابير يقول خبراء التجارة إنها ستعطّل تدفقات التجارة العالمية، وتؤدي إلى رفع التكاليف، وتستدعي ردود فعل انتقامية.

وعلى الرغم من أن نطاق هذه الرسوم وحجمها لا يزالان غير واضحَيْن، فإن الطريق يبدو شائكاً، وفق «رويترز».

فيما يلي نظرة على بعض الأسواق التي تثير الاهتمام:

1. الصين الهشّة

وفقاً لـ«غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تكون الصين الهدف الرئيسي لحروب ترمب التجارية الثانية. وبدأ المستثمرون بالفعل التحوط؛ مما أجبر البورصات والبنك المركزي في الصين على الدفاع عن اليوان المتراجع والأسواق المحلية. وقد بلغ اليوان أضعف مستوى له منذ 16 شهراً؛ إذ تمّ تداول الدولار فوق مستوى 7.3 يوان، وهو المستوى الذي دافعت عنه السلطات الصينية.

ويتوقع بنك «باركليز» أن يصل اليوان إلى 7.5 للدولار بحلول نهاية 2025، ثم يتراجع إلى 8.4 يوان إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 60 في المائة. وحتى دون هذه الرسوم، يعاني اليوان من ضعف الاقتصاد الصيني؛ مما دفع عوائد السندات الصينية إلى الانخفاض، وبالتالي اتساع الفجوة بين العوائد الصينية والأميركية. ويتوقع المحللون أن تسمح الصين لليوان بالضعف بشكل تدريجي لمساعدة المصدرين في التكيّف مع تأثير الرسوم الجمركية. إلا أن أي انخفاض مفاجئ قد يُثير مخاوف بشأن تدفقات رأس المال؛ مما قد يُعيد تسليط الضوء على هذه المخاوف ويؤدي إلى اهتزاز الثقة التي تضررت بالفعل، خصوصاً بعد أن شهدت الأسهم أكبر انخفاض أسبوعي لها في عامين. بالإضافة إلى ذلك، يشعر المستثمرون في الدول المصدرة الآسيوية الكبرى الأخرى، مثل: فيتنام وماليزيا، بالتوتر؛ حيث يعكف هؤلاء على تقييم المخاطر المحتملة على اقتصاداتهم نتيجة للتقلّبات الاقتصادية العالمية.

2. مزيج سام لليورو

منذ الانتخابات الأميركية، انخفض اليورو بأكثر من 5 في المائة، ليصل إلى أدنى مستوى له في عامين عند نحو 1.03 دولار. ويعتقد كل من «جيه بي مورغان» و«رابوبنك» أن اليورو قد يتراجع ليصل إلى مستوى الدولار الرئيسي هذا العام، بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التعريفات الجمركية. وتُعدّ الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبي، مع تجارة تُقدّر بـ1.7 تريليون دولار في السلع والخدمات. وتتوقع الأسواق أن يخفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا العام لدعم الاقتصاد الأوروبي الضعيف، في حين يتوقع المتداولون تخفيضاً محدوداً بنسبة 40 نقطة أساس من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يعزّز جاذبية الدولار مقارنة باليورو. كما أن تأثير ضعف الاقتصاد الصيني ينعكس على أوروبا، حيث يُعد فرض التعريفات على الصين والاتحاد الأوروبي معاً مزيجاً سلبياً لليورو.

3. مشكلات قطاع السيارات

في أوروبا، يُعدّ قطاع السيارات من القطاعات الحساسة بشكل خاص لأي تهديدات بفرض تعريفات جمركية. ويوم الاثنين، شهدت سلة من أسهم شركات السيارات ارتفاعاً مفاجئاً بنحو 5 في المائة، بعد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أفاد بأن مساعدي ترمب كانوا يستكشفون فرض رسوم جمركية على الواردات الحرجة فقط، لكن هذه الأسهم سرعان ما تراجعت بعد أن نفى ترمب ما ورد في التقرير. هذه التقلبات تسلّط الضوء على مدى حساسية المستثمرين تجاه القطاع الذي يعاني بالفعل من خسارة كبيرة في القيمة؛ إذ فقدت أسهمه ربع قيمتها منذ ذروتها في أبريل (نيسان) 2024، بالإضافة إلى تراجع تقييماتها النسبية.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «باركليز»، إيمانويل كاو، إن قطاع السيارات من بين القطاعات الاستهلاكية الأكثر تأثراً بالتجارة، وتجب مراقبته من كثب. ولفت إلى أن القطاعات الأخرى المعرّضة لهذه المخاطر تشمل السلع الأساسية، والسلع الفاخرة، والصناعات. وفي هذا السياق، انخفضت سلة «باركليز» من الأسهم الأوروبية الأكثر تعرضاً للتعريفات الجمركية بنحو 20 في المائة إلى 25 في المائة، مقارنة بالمؤشرات الرئيسية في الأشهر الستة الماضية. كما أن ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو قد يؤدي إلى تمديد ضعف أداء الأسهم الأوروبية، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600» بنسبة 6 في المائة في عام 2024، في حين سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 23 في المائة في العام نفسه.

4. ارتفاع الدولار الكندي

يقترب الدولار الكندي من أضعف مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات، بعد تراجع حاد إثر تهديد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على كندا والمكسيك؛ حتى تتخذا إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين. ومن المرجح أن يواصل الدولار الكندي انخفاضه؛ حيث يعتقد محللو «غولدمان» أن الأسواق لا تُسعّر سوى فرصة بنسبة 5 في المائة لفرض هذه الرسوم، ولكن المحادثات التجارية المطولة قد تُبقي المخاطر قائمة. وفي حال نشوب حرب تجارية شاملة، قد يضطر بنك «كندا» إلى تخفيض أسعار الفائدة أكثر، مما قد يدفع الدولار الكندي إلى مستوى 1.50 مقابل الدولار الأميركي، أي انخفاضاً إضافياً بنسبة 5 في المائة من نحو 1.44 الآن. وتزيد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من تعقيد التوقعات.

5. البيزو المكسيكي المتقلّب

كان البيزو المكسيكي قد شهد بالفعل انخفاضاً بنسبة 16 في المائة مقابل الدولار في عام 2024 عقب انتخاب ترمب، مما جعل الكثير من الأخبار المتعلقة بالعملة قد تمّ تسعيرها بالفعل، سواء كانت تصب في مصلحة الدولار أو تضر بالبيزو. وكان أداء البيزو في 2024 هو الأضعف منذ عام 2008؛ حيث تراجع بنسبة 18.6 في المائة، وذلك في وقت كان يشهد فيه تهديدات من الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، خصوصاً أن المكسيك تُعد الوجهة التي تذهب إليها 80 في المائة من صادراتها. بالإضافة إلى ذلك، أثر الإصلاح القضائي المثير للجدل في المكسيك أيضاً على العملة.

وبعد إعلان الرسوم الجمركية يوم الاثنين، التي نفى ترمب صحتها لاحقاً، ارتفع البيزو بنسبة 2 في المائة قبل أن يقلّص مكاسبه. ويسلّط هذا التقلب الضوء على احتمالية استمرار التقلبات في السوق، خصوصاً مع استمرار التجارة على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بصفتها هدفاً رئيسياً للرئيس المنتخب.