دفعت حالة التباطؤ التي تعيشها سوق العقارات في السعودية المستثمرين إلى عرض المساحات الكبيرة للبيع، في ظل مخاوف من فرض الزكاة على الأراضي البيضاء، الأمر الذي يزيد من التكاليف الاستثمارية عليهم في حال رغبتهم في تطويرها وبيعها بصفتها مخططات تجارية.
ووفقا لخبراء عقاريين، فإن السوق تشهد حالة من التباطؤ وارتفاع العرض مقابل انخفاض الطلب، مرجعين ذلك إلى توقف حالة المضاربة التي كانت تسيطر على السوق، بعد الخطوات التي اتخذتها الحكومة السعودية لاحتواء تضخم الأسعار من خلال حل مشكلة الإسكان وتوفير الأراضي بأسعار معقولة، إلى جانب السعي إلى إقرار الأنظمة الجديدة المتعلقة بفرض الزكاة على الأراضي البيضاء، الأمر الذي زاد مخاوف المستثمرين ودفعهم إلى عرض المساحات الكبيرة للبيع بأسعار مخفضة.
من جانبه، أرجع عبد الله البلوي، رئيس العقاريين بجدة، لـ«الشرق الأوسط»، ظاهرة بيع الأراضي الخام إلى مشاكل تتعلق بالأمانات والتأخير في إيصال الخدمات، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف إنشاء البنية التحتية لتلك الأراضي في حال رغب المستثمر في تحويلها إلى مخطط تجاري مثل اشتراطات الأمانة بأن يتولى المستثمر تنفيذ البنية التحتية للمشروع كاملا بغض النظر عن موقعه من النطاق العمراني، مما يعد تكاليف كبيرة تنعكس على أسعار الأراضي التي تباع في المخطط بسعر مرتفع، ويؤدي إلى ضعف الإقبال من قبل المواطنين ومن ثم فشل المشروع الذي يعد من المشاريع الاستثمارية التي يتطلع إليها المستثمر بتحقيقها عائدا جيدا.
وأضاف أن ارتفاع حركة البيع على الأراضي الخام سوف يساهم في توفير الأراضي للمواطنين وفك الاحتكار الذي تواجهه السوق من قبل ملاك تلك المساحات، التي سوف تحدث أثرا كبيرا في السوق إذا جرى تطويرها من قبل الملاك الجدد الذين يمثلون في الغالب الشركات العقارية والمطورين، مشيرا إلى وجود مساحات كبيرة داخل النطاق العمراني لم يجر استغلالها من قبل أصحابها، مما انعكس على النمو الاقتصادي في المدن الرئيسة، حيث تحول تلك المساحات الفارغة دون اكتمال الخدمات.
وأوضح أن سوق العقار تعتمد على تطوير أراضي المنح في الوقت الحالي، مما يساعد المواطنين أصحاب المنح على بناء مساكنهم والخروج من أزمة الأسعار المرتفعة، مشيرا إلى أن الأراضي الواقعة في نطاق الخدمات ترتفع بشكل مستمر نظرا لارتفاع الطلب عليها في مقابل توقف تام في تداول العقارات التي تقع في أطراف المدن لعدم إيصال الخدمات الأساسية كاملة لها، مطالبا الأمانات بضرورة التعاون مع المستثمر العقاري والمطورين، خاصة في تحمل نفقات البنية التحتية للمخططات البعيدة، وعدم قصرها الأول، خاصة مع ارتفاع تكاليف الإنشاء.
وقال نواف الموسى الخبير العقاري، إن ظاهرة عرض الأراضي ذات المساحات الكبيرة في السعودية ارتفعت في الآونة الأخيرة بعد حالة الركود التي تسود السوق، الأمر الذي ساهم في بطء الحركة العقارية بالبلاد، إلى جانب أن هناك مخاوف من كبار العقاريين الذين يملكون مساحات كبيرة، سواء من عملية إقرار الزكاة أو ما يتعلق بطرح وزارة الإسكان برامج جديدة يتوقع أن تحد من الارتفاع الحاد في الأسعار، لافتا إلى أن هناك تداولا كبيرا بين العقارين للمساحات، إلا أن ارتفاع قيم العروض يعيق تداولها بشكل سريع، حيث تتجاوز قيمة المعروضات آلاف المليارات من الريالات، خاصة إذا علمنا أن هناك الكثير من الشركات الخليجية التي دخلت إلى السوق وتهدف إلى شراء تلك المساحات بالشراكة مع المستثمرين في السوق، مما سيحدث تغييرا في هيكلة السوق وظهور مسارات جديدة لتداول الأراضي في السوق.
وأضاف أن الأراضي الخام كانت في الماضي تعتمد على قيام المساهمات العقاري،ة إلا أن القرارات الأخيرة من قبل وزارة التجارة منعت تلك المساهمات، الأمر الذي أصبح ملاكها يرون أنها تشكل عبئا اقتصاديا عليهم، خاصة مع تأهب السوق لتطبيق الكثير من الأنظمة والإجراءات المتعلقة بتحسين البيئة المنظمة لآليات السوق.
وتأتي تلك التطورات في سوق العقار على خلفية موافقة مجلس الشورى على مشروع نظام جباية الزكاة في الأنشطة التجارية والمهنية، الذي يتكون من 34 مادة ينظم جني الزكاة من الأنشطة التجارية والمهنية، ويخضع له كل من يمارسها في المملكة وصناديق الاستثمار غير المفتوحة، والعقارات المعدة للبيع أو للإيجار بما في ذلك الأراضي الخام والمطورة، ويستثني النظام الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية، فيما يشمل النظام الأراضي المعدة للبيع بشرط إقرار مالكها أو عرضها للمساهمة بموجب قرائن ظاهرة أو أن تكون مساحتها زائدة بصورة ظاهرة على حاجة المكلف الخاصة وأسرته.
وبالعودة إلى الخبراء العقاريين، فإن خطوة الحكومة في فرض الرسوم على الأراضي سوف تساهم بشكل فاعل في كسر الاحتكار الذي أوصل أسعار الأراضي إلى مستويات عالية، حيث تشير بعض الدراسات المسحية التي أصدرتها وزارة الإسكان إلى أن نسبة احتجاز الأراضي داخل النطاق العمراني في المدن الكبرى بلغ 45 في المائة.
وكانت أسعار الأراضي الخام «غير المطورة عقاريا» شهدت ارتفاعات كبيرة خلال السنوات الماضية إلى الضعف، خاصة التي وصلت إليها بوادر النمو الحضري، حيث تشير الإحصاءات إلى أنها تشكل نسبة تتجاوز 70 في المائة داخل العاصمة السعودية (الرياض)، وتقدر مساحة الأراضي البيضاء بمدينة جدة بنحو 80 مليون متر مربع. إضافة إلى الرياض وجدة، تعد كل من مدن المدينة المنورة، والدمام، مكة المكرمة، والخبر أهم الأسواق السكنية في السعودية التي تعاني أزمة إسكان كبيرة نتيجة النمو المطرد للسكان، وتدفق العمال الأجانب الوافدين إلى البلاد.
تجدر الإشارة إلى أن سوق العقارات سجلت نموا في حجم السيولة بدعم من مبيعات الأراضي الخام التي ارتفعت أخيرا، حيث شهدت الكثير من المدن صفقات كبيرة في القيمة والحجم على أراض خام، خاصة الرياض وجدة والمنطقة الشرقية.
السعودية: مخاوف تباطؤ السوق تدفع المستثمرين إلى عرض مساحات كبيرة للبيع
فرض الزكاة على الأراضي البيضاء يزيد ثقل التكاليف عليهم
السعودية: مخاوف تباطؤ السوق تدفع المستثمرين إلى عرض مساحات كبيرة للبيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة