النمو الألماني يتراجع في الربع الثالث للمرة الأولى منذ 2015

تسبب تراجع الصادرات الألمانية في كبح سرعة النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث من العام الحالي (أ.ف.ب)
تسبب تراجع الصادرات الألمانية في كبح سرعة النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث من العام الحالي (أ.ف.ب)
TT

النمو الألماني يتراجع في الربع الثالث للمرة الأولى منذ 2015

تسبب تراجع الصادرات الألمانية في كبح سرعة النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث من العام الحالي (أ.ف.ب)
تسبب تراجع الصادرات الألمانية في كبح سرعة النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث من العام الحالي (أ.ف.ب)

تراجع إجمالي الناتج المحلي في ألمانيا بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالربع السنوي الثاني، وذلك للمرة الأولى منذ 3 سنوات ونصف السنة؛ حسبما أعلن مكتب الإحصاء الألماني، أمس، استنادا إلى تقديرات أولية. وكانت آخر مرة يسجل فيها الاقتصاد الألماني تراجعا خلال الربع الأول من عام 2015 عندما انخفض الناتج الإجمالي لألمانيا بواقع 0.1 في المائة.
وبذلك يكون الاقتصاد الألماني نما بنحو 1.1 في المائة خلال الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين، مقارنة بالربع نفسه من العام السابق. وكانت «رويترز» ترجح نموا لهذه الفترة بنحو 1.3 في المائة.
وتقول وكالة الأنباء الألمانية إن خبراء الاقتصاد يتوقعون أن يستمر الانتعاش الاقتصادي في ألمانيا رغم النتيجة السيئة التي حققها الاقتصاد في الربع الثالث.
وتسبب تراجع الصادرات الألمانية في كبح سرعة النمو الاقتصادي؛ حيث تشير البيانات الأولية إلى تراجع الصادرات في الربع الثالث لعام 2018 وازدياد الواردات مقارنة بالربع السنوي الثاني.
وتعاني ألمانيا التي يعتمد اقتصادها على التصدير من الصراعات التجارية التي تؤججها الولايات المتحدة بقيادة رئيسها دونالد ترمب. وعدّ مكتب الإحصاءات الألماني أن الانكماش الأخير يعزى بشكل رئيسي إلى تطورات التجارة الخارجية.
ويقول كارستين برزسكي، الاقتصادي في «آي إن جي»، إن الأداء الضعيف للصادرات رغم عدم قوة سعر صرف اليورو في الوقت الراهن، يرجح أن التوتر التجاري والضعف في الأسواق الناشئة يلقيان بثقليهما على النمو الألماني.
وأعلن اتحاد الصناعات الألماني BDI أمس عن تخفيض تقديراته لنمو صادرات البلاد في العام الراهن إلى 3 في المائة، مقابل توقعات سابقة بنمو نسبته 3.5 في المائة.
وكانت غرفة الصناعة والتجارة الألمانية DIHK خفضت الشهر الماضي توقعاتها للنمو الألماني في 2018 إلى 1.8 في المائة مقابل توقعات سابقة بنمو بـ2.2 في المائة، كما رجحت أن يتباطأ الاقتصاد في العام التالي إلى 1.7 في المائة في ظل المخاطر المحدقة بالبلاد.
ويرى خبراء الاقتصاد أن اعتماد ألمانيا معايير بيئية جديدة لحماية البيئة من عوادم السيارات كانت له آثار سلبية على تراجع النمو الاقتصادي حيث اضطرت شركات السيارات لخفض إنتاجها بسبب وجود صعوبة في تسجيل بعض علامات السيارات في الوقت المناسب جراء القيود القانونية الجديدة، وتسبب خفض الإنتاج في كبح النمو الاقتصادي، حسبما أوضح خبراء اقتصاد في البنك المركزي الألماني في آخر تقرير لهم بشأن حجم النمو الاقتصادي.
ونقلت وكالة «رويترز» عن آندريه شيورلي، الخبير في «ديكا بنك»، قوله إن «ألمانيا لا تواجه مشكلة اقتصادية... ولكن مشكلة في قطاع السيارات».
وبحسب وزارة الاقتصاد الألمانية، فإن المشكلات الناتجة عن «إجراء اختبار المركبات الخفيفة المنسق عالميا» قلصت من الناتج الإجمالي المتوقع في الربع الثالث بنحو 0.4 في المائة.
وتأثر الأداء الاقتصادي أيضا بغياب عنصر الاستهلاك الشخصي في دعم الاقتصاد؛ وذلك بسبب تراجع الاستهلاك على مستوى الأشخاص مقارنة بالربع السنوي السابق.
وتوقع وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتامير، أن يستعيد النمو وتيرة الصعود خلال الربع الرابع، معلقا بقوله إن «تراجعا بنسبة 0.2 في المائة ليس كارثة».
ولكن معهد الأبحاث «زد إي دبليو» قال الثلاثاء الماضي إن المستثمرين لا يتوقعون أن يتعافى الاقتصاد الألماني بسرعة من حالة الضعف الراهنة.
وتزداد المخاوف بشأن الاقتصاد الألماني، الذي يعيش في الوقت الراهن عامه التاسع من النمو، بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بجانب عدم استقرار الوضع السياسي محليا.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»