«قلوب مبصرة» جمعية أسسها مقاتل معارض سابق لدعم المكفوفين

خلال درس لتدريب مكفوفين في شمال سوريا (أ.ف.ب)
خلال درس لتدريب مكفوفين في شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

«قلوب مبصرة» جمعية أسسها مقاتل معارض سابق لدعم المكفوفين

خلال درس لتدريب مكفوفين في شمال سوريا (أ.ف.ب)
خلال درس لتدريب مكفوفين في شمال سوريا (أ.ف.ب)

داخل قاعة متواضعة، يواكب أحمد طلحة (وهو مقاتل سابق في فصيل معارض فقد بصره خلال المعارك في شمال سوريا) كيف يتدرب زملاؤه على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، مستندين إلى إرشادات صوتية تنبثق من هواتفهم الخلوية، بعد تعريبه برنامجاً خاصاً بالمكفوفين، وذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
ولم تدفع الإصابة هذا الشاب إلى الاستسلام؛ بل شكلت حافزاً له لتطوير قدراته ومساعدة من يعانون من الحالة ذاتها، من خلال مشاركته في تأسيس جمعية «قلوب مبصرة» التي تُعنى بتدريب المكفوفين وتنمية مهاراتهم.
ويقول أحمد (24 عاماً) وهو أب لثلاثة أطفال: «كل كفيف يتمنى أن يكون لديه أفضل جهاز وأفضل كومبيوتر وأفضل أدوات». ويضيف: «لو اهتممنا بالكفيف ربع ما اهتممنا بالمبصر لأبدع، لا يوجد إنسان معاق، ولكن يوجد مجتمع يُعيق».
بمساعدة عدد من أصدقائه، تمكن أحمد من ترجمة برنامج ناطق مخصص لأجهزة «أندرويد» إلى اللغة العربية، وتحميله على هواتف المكفوفين الذين يرتادون الجمعية. ويمكنهم هذا البرنامج من استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، من خلال تحويل كل ما يظهر على الشاشة إلى صوت.
في إحدى قاعات الجمعية، يجلس 13 شاباً بينهم فتى، بعضهم على مقاعد بلاستيكية وآخرون على مقاعد دراسية، ويستمعون بعناية إلى إرشادات مدرب تقني يطلب منهم فتح تطبيق «واتساب» لاستخدامه وبعث رسائل صوتية.
ويتابع أحمد معهم كيفية تفاعلهم مع التطبيق الصوتي الذي وجد نسخته الإنجليزية على الإنترنت، مستفيداً من معرفته بهذا المجال، بعدما كان طالباً في اختصاص الهندسة المعلوماتية، قبل أن يندلع النزاع في سوريا عام 2011.
في العام اللاحق، انضم هذا الشاب إلى صفوف فصيل معارض خاض اشتباكات طويلة ضد قوات النظام في مدينة حلب. وبعد عامين، تسببت طلقة كلاشنيكوف دخلت رأسه خلال المعارك في فقدان بصره.
يقول أحمد الذي يرخي ذقناً خفيفة بينما يقف قرب نافذة إحدى غرف منزله: «لم أستسلم وتابعت حياتي»، مشيراً إلى أنه عاد ليكمل دراسته.
بعد خمسة أشهر من إصابته، تزوج أحمد لأول مرة من ابنة عمه التي تعمل وتساهم في إعالة العائلة، وأعاد الكَرَّة بعد عامين، وهو حالياً بصدد الارتباط بفتاة كفيفة.
ويأنس أحمد بالضوء الخفيف الذي يتمكن من رؤيته بعينه اليمنى. ويوضح: «أتسلى بالضوء حتى أشعر بالدفء داخلي. يساعدني ذلك كثيراً ويعطيني أملاً ويحركني أكثر». ويضيف: «أشعر بظلام مع القليل من الرومانسية، كأن (هناك) شمعة مضاءة في غرفة كبيرة».
في منزله، يهتم أحمد بعائلته. يساعد طفلته عائشة البالغة من العمر عاماً واحداً على مشي خطواتها الأولى، قبل أن يلاعب طفله حسن، ويطلب منه أن يفتح تطبيق «يوتيوب» على الهاتف الخلوي. ولا يتردد في مرافقة زوجته الأولى سامية إلى السوق لشراء حاجياتهم، قبل أن يخرج مع عدد من أصدقائه.
وتقول سامية التي ترتدي معطفاً بنياً، وتغطي وجهها بنقاب تظهر منه عيناها المزينتان بكحل أسود: «يساعد بعضنا بعضاً في كل شيء. الحمد لله نعيش حياة وكأننا لا ينقصنا شيء». وتضيف الشابة التي تزوجت أحمد بعد إصابته: «لا شيء يعيقه. صحيح أنه فقد بصره؛ لكن الحمد لله لديه بصيرة».
تعمل جمعية «قلوب مبصرة» منذ أشهر بفضل ثمانية متطوعين غير متفرغين بشكل كامل، وتمويل بسيط من مؤسسيها، وآخر من جهات محددة. وتتخذ لنفسها شعاراً عبارة عن يدين مفتوحتين داخل قلب، وبينهما عين، مع تعليق: «كن عيوني».
ويقول أحمد: «جمعية (قلوب مبصرة) هي بيت للمكفوفين. فيها نجتمع ونتحرك، ونخرج من عزلتنا»، مضيفاً: «تمكنت من تغيير نظرة مجتمعي وأسرتي (...) على الكفيف واجبات اجتماعية، وقد أنشأنا الجمعية لنندمج في المجتمع ونؤدي واجبنا».
ويومياً يصل المكفوفون تباعاً إلى الجمعية سيراً على الأقدام، أو على متن حافلة.
يستفيد حتى الآن 15 كفيفاً فقط من عمل الجمعية، من دعم نفسي وتدريب على الحاسوب ووسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن أنشطة أخرى، مثل مباريات الشطرنج وكرة القدم وكرة الجرس، وهي عبارة عن كرة اليد وقد وضع جرس داخل الكرة.
تواجه الجمعية صعوبات عدة في عملها، منها عدم توفر الدعم الكافي، ووسائل النقل للمكفوفين للمجيء من بلدات أخرى، والنقص في الأجهزة الإلكترونية.
ويقول مدير المكتب التنفيذي للجمعية، أحمد خليل، إن الهدف هو «إخراج الكفيف من عزلته (...) لينطلق نحو المجتمع بقدراته المتطورة».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.