مصر تبحث مطالبات بتعديل مشروع قانون الجمعيات الأهلية

23 منظمة ناشدت محلب وقف «محاربة المجتمع المدني»

مصر تبحث مطالبات بتعديل مشروع قانون الجمعيات الأهلية
TT

مصر تبحث مطالبات بتعديل مشروع قانون الجمعيات الأهلية

مصر تبحث مطالبات بتعديل مشروع قانون الجمعيات الأهلية

قال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب استمع إلى اعتراضات عدد من منظمات المجتمع المدني على مشروع قانون الجمعيات الأهلية، الذي يواجه بانتقادات حقوقية محلية ودولية كبيرة، لكنه محلب لم يعدهم بتعديل المشروع، حيث قرر عقد جلسة موسعة مع جميع المنظمات الحقوقية في وقت لاحق للمزيد من النقاش حوله.
وكان محلب قد عقد اجتماعا بمقر رئاسة الوزراء، أول من أمس، مع ممثلي عدد من منظمات المجتمع المدني في مصر، حيث تسلم مذكرة من 23 منظمة باعتراضاتهم على مشروع قانون الجمعيات الأهلية، كما استعرض حالة حقوق الإنسان في البلاد بشكل عام.
وطرحت وزارة التضامن الاجتماعي، الشهر الماضي، على عدد من المنظمات الحقوقية مشروع قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية. وينص المشروع الجديد على أن للحكومة وأجهزة الأمن السلطة في حل الجمعيات القائمة، في انتظار صدور حكم قضائي، أو رفض الترخيص لجمعيات جديدة إذا ارتأت أن أنشطتها تهدد الوحدة الوطنية.
وفي المذكرة التي تسلمها محلب، أمس، وصفت 23 منظمة حقوقية المشروع بـ«القمعي الذي يؤدي لتأميم المجتمع المدني، وتحويله لقطاع شبه حكومي، خاضع للسلطات المطلقة للأجهزة الأمنية»، مؤكدة أن المشروع «يمثل انتهاكا صارخا للدستور».
ودعت المنظمات الحقوقية الموقعة على المذكرة الحكومة لاتخاذ عدد من التدابير الجادة والفورية، التي من شأنها إيقاف التدهور المستمر في حالة حقوق الإنسان، وإعطاء مؤشر إيجابي على صدق نياتها لإرساء دولة القانون واحترام الدستور.
كما طالبت بعودة وزارة التضامن الاجتماعي للحوار حول مشروع القانون، الذي أعدته لجنة وزير التضامن السابق الدكتور أحمد البرعي في نهاية عام 2013. وعرضته الحكومة على المفوضية السامية للأمم المتحدة، ليكون هذا المشروع هو أساس الحوار المجتمعي حول القانون، بهدف تحسينه، ليكون أكثر اتساقا مع المعايير الدولية، تمهيدا لتقديمه للبرلمان الجديد فور انتخابه، مؤكدة على أهمية طلب المشورة الفنية من المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، عند صياغة قانون الجمعيات الأهلية، لضمان توافقه مع التزامات مصر الدولية بموجب المادة 22 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه مصر.
وقال مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، إحدى الجهات الموقعة على المذكرة: «إن مشروع القانون يجعل منظمات العمل الأهلي مكاتب خاصة لوزارة التضامن الاجتماعي، لا يمكن لها المبادرة أو العمل إلا بموافقتها.. ويعكس تصورا بأن دور المجتمع المدني يقتصر على تقديم خدمات ذات طابع خيري، وعدم فهم دوره كمدافع عن الحقوق والحريات وذي دور حقوقي وتنموي». وأضاف: «موقف رئيس الوزراء حتى الآن ليس سلبيا أو إيجابيا.. هو استمع إلى مطالبنا، ونحن ننتظر الفعل حتى يتم الحكم».
ومن بين المنظمات الـ23 (مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية).
وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» انتقدت قبل ذلك مشروع قانون الجمعيات الأهلية أيضا. وقالت في بيان لها، قبل أسبوعين، إنه يمنح الحكومة وأجهزة الأمن سلطة الاعتراض على كل أنشطة الجمعيات في مصر، وإنه بمثابة إعلان عن نهاية الاستقلال الذي ناضلت الجمعيات للحفاظ عليه. وطالبت المنظمة الحكومة المصرية باستبعاد المسودة الحالية للقانون وإصدار تشريعات لتعزيز حق المصريين في حرية تكوين الجمعيات كما كرسها الدستور والقانون الدولي.
في السياق ذاته، اجتمع السفير هشام بدر، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي، مع ممثلي عشر منظمات أجنبية غير حكومية مصرح لها بالعمل في مصر، في بداية سلسلة من الاجتماعات المشابهة، وذلك بناء على تكليف من الوزير سامح شكري، وفي مبادرة جديدة من نوعها، باعتبار ممثلي المنظمات سفراء لشعوبهم ولديهم القدرة على نقل الصورة السليمة والصحيحة عما يحدث في مصر.
وأكد بدر خلال الاجتماع الذي جرى، أول من أمس (الخميس) على تقدير الجانب المصري للجهود التي تقوم بها المنظمات الأجنبية غير الحكومية العاملة في مصر من أجل دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى حرص الحكومة المصرية على تعزيز التعاون القائم مع تلك المنظمات طالما تقوم باحترام اللوائح والقوانين المصرية، وتعمل في إطار من الشفافية ودعم الأولويات الوطنية.
واستعرض بدر خلال اللقاء قرب انتهاء استحقاقات خارطة الطريق والمتمثلة في انتخاب مجلس النواب الجديد، موضحا التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه مصر، وعلى رأسها الإرهاب وعدم الاستقرار في عدد من دول الجوار، الأمر الذي يؤكد أن تعامل مصر مع التغيير والانفتاح نحو الديمقراطية قد اتسم بالحكمة الشديدة، بما جنب البلاد مصيرا غير واضح المعالم، وأن مصر تدخل مرحلة جديدة من تاريخها الحديث يجري خلاله إرساء المؤسسات الديمقراطية التي تدعم احترام الحقوق والحريات والحفاظ على الأمن والاستقرار والنهوض بالاقتصاد، كما أكد مساعد وزير الخارجية أن الحكومة المصرية تثمن دور المجتمع المدني في هذا الصدد.
ومن جانبهم، أعرب ممثلو المنظمات التي حضرت الاجتماع وهي «أطباء بلا حدود»، «كيور إنترناشيونال»، «الأقباط الأيتام»، «هابيتات فور هيومانيتي»، «أطباء العالم»، «بلان إنترناشيونال»، «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، مؤسسة «درسوس»، اتحاد المستثمرين العرب، معهد التعليم الدولي، عن بالغ شكرهم وتقديرهم لوزارة الخارجية لقيامها بهذه المبادرة.
وأكدوا استعدادهم للتعاون مع الحكومة المصرية من أجل التعامل مع التحديات الاجتماعية والتعليمية والإنسانية والاقتصادية، بالإضافة للتفاعل بشكل بنّاء مع المجتمع المدني المصري، كما استعرضت الأنشطة التي تقوم بها مبرزة أهم النتائج التي حققتها في مختلف المجالات، والتي شملت علاج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في المجتمع، وتوفير السكن الملائم للأسر الفقيرة، وتقديم منح دراسية ثانوية وجامعية لمحدودي الدخل، وتوفير التعليم الأساسي لأطفال الشوارع.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.