اختتام مؤتمر باليرمو حول ليبيا من دون نتائج واضحة

حفتر يلتزم الخطة الأممية... والسراج يعوّل على الاستحقاق الدستوري

صورة جماعية للمشاركين في قمة باليرمو أمس (إ.ب.أ)
صورة جماعية للمشاركين في قمة باليرمو أمس (إ.ب.أ)
TT

اختتام مؤتمر باليرمو حول ليبيا من دون نتائج واضحة

صورة جماعية للمشاركين في قمة باليرمو أمس (إ.ب.أ)
صورة جماعية للمشاركين في قمة باليرمو أمس (إ.ب.أ)

«نصف فشل ونصف نجاح... هذا ما جرى في أحسن الأحوال».
هكذا وصفت مصادر عربية نتائج المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي احتضنته مدينة باليرمو الإيطالية، في محاولة جديدة لحل الأزمة الليبية، في وقت نأى فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، بنفسه عن نتائج المؤتمر، الذي انتهى أمس بانسحاب مفاجئ من تركيا بعد أن أعلن نائب رئيسها فؤاد أقطاي ورئيس وفدها أن بلاده تغادر بسبب ما وصفه بأنه «خيبة أمل كبيرة».
وقالت مصادر مصرية وليبية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والمشير حفتر، رفضا بإصرار مشاركة تركيا في اجتماع قمة مصغرة على هامش المؤتمر، ما دفع وفدها إلى الانسحاب، احتجاجا على ما وصفه باستبعاد أنقرة من بعض المحادثات. وكان لافتا أيضا غياب السيسي وحفتر عن الصورة الجماعية في ختام المؤتمر، بينما غاب ممثلو قطر وتركيا، بالإضافة إلى رئيسي مجلسي النواب عقيلة صالح والدولة خالد المشري عن الاجتماع، الذي ناقش الملف الأمني.
واعتبر أقطاي، رئيس الوفد التركي، لدى انسحابه أن «أي اجتماع يستثني تركيا سيكون غير مثمر من أجل التوصل لحل لهذه المشكلة»، قبل أن يعلن لاحقا في تصريحات لقناة ليبية محلية أن ليبيا لا تحتاج إلى المزيد من التدخل الأجنبي، ولن يتم حل الأزمة إذا استمرت بعض الدول في اختطاف العملية من أجل مصالحها.
من جانبه، أكد السيسي، حسب بيان الناطق باسم الرئاسة المصرية، خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي، ما وصفه بثوابت الموقف المصري، القائم على ضرورة التوصل لتسوية سياسية شاملة في ليبيا بدعم من الأمم المتحدة، يكون قوامها تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي، بالشكل الذي يحافظ على وحدة ليبيا وسلامتها الإقليمية، ويُساعد على استعادة دور مؤسسات الدولة الوطنية فيها، وعلى رأسها الجيش الوطني والبرلمان والحكومة، ويتيح الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات في ليبيا، بما يمكن من تحقيق مصالح الشعب الليبي في عودة الاستقرار والأمن.
واصطدم المؤتمر برفض المشير حفتر المشاركة في أعماله، فيما أكدت مصادر مقربة منه لـ«الشرق الأوسط» أنه «رفض الوجود في قاعة واحدة مع ممثلين عن دولتي قطر وتركيا، اللتين يتهمهما بالتدخل في الشؤون الداخلية الليبية، ودعم الجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى رفضه فكرة إمكانية مصافحة أو لقاء قيادات من جماعة الإخوان، باعتبارهم عدوه اللدود. بالإضافة إلى الإرهابيين».
وبعدما نفت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي في بيان رسمي مقتضب ما أشيع حول مشاركة حفتر في أعمال المؤتمر، واعتبرت أن حفتر وصل إلى إيطاليا فقط من أجل عقد سلسلة لقاءات مع رؤساء دول الجوار والطوق، قصد مناقشة آخر المستجدات على الساحة المحلية والدولية، قال حفتر في تصريحات له أمس، نقلتها قناة «ليبيا الحدث»، إن علاقته «مقطوعة» بمؤتمر باليرمو، لافتا إلى أنه شارك فقط في الاجتماع، الذي دعت إيطاليا رؤساء الدول والحكومات المعنية لحضوره. كما أوضح أنه سينتهز الاجتماع كفرصة للوجود والحديث مع المشاركين في المواضيع التي تهم دول المنطقة.
وتابع حفتر موضحا: «لقد تم استقبالي هناك فقط من قبل رئيس الوزراء الإيطالي وبعدها خرجت. لن أشارك في مؤتمر باليرمو حتى لو جلست 100 ساعة هنا. ليس لي علاقة به».
في غضون ذلك، دعا حفتر الدول التي تعتبر مصدرا للهجرة غير الشرعية، مثل تونس والجزائر والسودان وتشاد، إلى مراقبة حدودها لمنع هذه الهجرة، التي قال إنها «ساهمت في انتشار الميليشيات والتنظيمات المتطرفة مثل (القاعدة) و(داعش)».
ولم يحضر حفتر العشاء مع المسؤولين الليبيين والغربيين والعرب المشاركين في القمة، علما بأنه وصل بعد فترة من وصول المسؤولين الليبيين الآخرين، وغادر مقر الفندق الذي تنعقد فيه القمة بعد حوار وجيز مع كونتي. كما رفض حفتر الجلوس على طاولة واحدة مع بعض المشاركين الذين يعتبرهم «إسلاميين» متطرفين في المؤتمر.
في المقابل، التقى حفتر، فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، فيما نقلت مصادر إيطالية عن حفتر قوله، عقب اللقاء الذي تم بوساطة رئيس الوزراء الإيطالي على هامش المؤتمر، إنه «لا داعي لتغيير الحصان أثناء عبور النهر»، تعليقا على إمكانية بقاء السراج في منصبه إلى حين إجراء الانتخابات المقبلة في البلاد.
وفيما قال غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة الخاص بليبيا، أمس، إن حفتر التزم خطة عمل للأمم المتحدة، وعقد مؤتمر وطني في مطلع 2019 قبيل إجراء الانتخابات، قال رئيس الوزراء الإيطالي إنه «من المأمول» أن يتم إجراء الانتخابات المقبلة في ليبيا في الربع الثاني من عام 2019، في ظل احترام الظروف الأمنية والتشريعية والدستورية الضرورية، وفي إطار جدول زمني، «نأمل أن يكون في ربيع عام 2019».
ويعد اجتماع حفتر والسراج أمس هو الأول بينهما منذ آخر لقاء بينهما قبل خمسة أشهر، وذلك خلال اجتماعهما بباريس في مايو (أيار) الماضي، بوساطة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقالت مصادر دبلوماسية إيطالية إنّ حفتر رحّب بالسراج في منصبه حتى موعد الانتخابات المقبلة، بينما قالت وكالة «آكي» الإيطالية إن اجتماعا استمر على هامش المؤتمر جمع كونتي والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي، والتونسي الباجي قائد السبسي، والسراج وحفتر، والمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة. بالإضافة إلى رئيسي الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، والجزائري أحمد أويحيى، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ووزير الخارجية الفرنسي إيف لو دريان.
بدوره، دعا السراج إلى إنهاء المرحلة الانتقالية وإتمام إجراءات الاستحقاق الدستوري، الذي ستبنى عليه الانتخابات، المزمع عقدها في ربيع العام المقبل.
في سياق ذلك، أفادت مصادر قريبة من اللقاء الذي جمع المشير خليفة حفتر ورئيس الحكومة فائز السراج، بأن الأول أوحى باستعداده للقبول ببقاء الأخير على رأس الحكومة حتى إجراء الانتخابات. لكن لم يتضّح ما إذا كان حفتر قد حصل على تعهد من السراج بعدم التحالف مع الإخوان المسلمين، الذين يرى المشير أنهم يسعون عن طريق الانتخابات إلى استعادة ما خسروه في المعارك العسكرية.
وفي تصريحات كان أدلى بها ليلة وصوله إلى باليرمو، قال حفتر: «ما زالت بلادنا في حالة حرب، وعلينا أن نحمي حدودنا مع البلدان المجاورة، من تونس إلى الجزائر والنيجر وتشاد ومصر والسودان، لأن العناصر الإرهابية تتسلل عبر هذه الحدود مع موجات الهجرة المتدفقة عبر الأراضي الليبية». وأضاف حفتر في حديث إلى التلفزيون الإيطالي، ظهر أمس، أن الهدف من حضوره إلى صقلية هو الاجتماع بممثلي الدول التي يمكن أن تساعد على وقف دخول العناصر الإرهابية إلى ليبيا.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.