إثيوبيا تستبعد «مخاوف مصرية» حول انهيار «سد النهضة»

مدير المشروع قال إن تصميمه يراعي المعايير العالمية

TT

إثيوبيا تستبعد «مخاوف مصرية» حول انهيار «سد النهضة»

استبعدت إثيوبيا مخاوف مصرية تتعلق بانهيار «سد النهضة»، الجاري تدشينه على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، بولاية بنيشنقول قماز بالقرب من الحدود الإثيوبية - السودانية. وقال مدير مشروع السد المهندس كيفلي هورو، أمس، إنه «تم إعداد تصميم السد بعناية، وتم التأكيد من فريق خبراء دوليين ومصريين».
وتخوض مصر وإثيوبيا، بمشاركة السودان، منذ سنوات، سلسلة مفاوضات مكوكية؛ على أمل إيجاد حلول لأضرار متوقعة للسد الإثيوبي على حصة مصر من مياه نهر النيل، المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب.
وتخشى مصر أن يؤدي بناء السد، وما يتبعه من خطوة تخزين المياه في البحيرة الخاصة به، إلى نقص مياه الشرب وتأثر الأراضي الزراعية لديها. في حين ترى إثيوبيا أنه ضرورة لتزويدها بالكهرباء، وتنفي أي أضرار على القاهرة.
وقال كيفلي، نقلاً عن وكالة الأنباء الإثيوبية: إن التقارير الإعلامية المصرية التي تتحدث عن احتمالية حدوث الزلازل في موقع سد النهضة «عارية من الصحة ولا أساس لها»، مشيراً إلى أن السد «يقع على بعد 800 كيلومتر من الوادي المتصدع؛ لذلك لا يوجد خطر من حدوث أي زلزال، ولم توجد أي علامات على وقوع حوادث سابقاً ولاحقاً».
وأشار إلى تقارير في الإعلام المصري تتحدث عن انهيار أجزاء من السد مرتين في الماضي، لكنه أكد أنها «تقارير كاذبة وعارية من الصحة»، وتستهدف «خلق حالة إعلامية مربكة، لخلق صورة مشوهة عن المشروع».
وعُين كفلي مديراً جديداً لمشروع سد النهضة، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد وفاة المهندس سمنجاو بيكيلي.
وفي أغسطس (آب) الماضي، اعترف رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، بأن السد، الذي وضع حجر الأساس له في 2 أبريل (نيسان) 2011، يواجه مشكلات تصميمية قد تؤدي إلى عرقلة إتمامه في الوقت المحدد. وحمّل المسؤولية عن الأخطاء التي أدت إلى عدم إكمال المشروع لشركة «ميتيك» التابعة لقوات الدفاع الإثيوبية (الجيش الإثيوبي)، وقال: إن «أخطاءها أسهمت في تأخير إكمال المشروع».
وأنجزت إثيوبيا 66 في المائة من مراحل بناء السد حتى الآن، حسبما أعلنت في وقت سابق هذا العام.
ومن المقرر أن يجري مكتب استشاري فرنسي دراسات خاصة بتقييم تأثيرات سد النهضة على دولتي المصب (مصر والسودان)، وفقاً لاتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث عام 2015.
وفي آخر اجتماع للجنة الوطنية، المشكّلة من خبراء من مصر وإثيوبيا والسودان، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تمت مناقشة الأمور التعاقدية والمالية مع المكتب الفرنسي، وأهم المعوقات التي جابهت المكتب نتيجة فترات التوقف الناجمة عن عدم توافق الدول الثلاث حول بعض الأمور، وعلى رأسها التقرير الاستهلالي مع مناقشة سبل الحلول المقترحة لتلك المشكلات.
واتفقت الدول الثلاث على قيام المكتب الاستشاري بدراسة الحلول المقدمة من اللجنة الثلاثية الوطنية لوضع رؤية واضحة لكيفية التعامل مع الموقف خلال الفترة المقبلة، في إطار ما صدر من توصيات حول تلك الأمور خلال الاجتماع.
في السياق ذاته، يتوجه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى إثيوبيا للمشاركة في الدورة الاستثنائية العشرين للمجلس التنفيذي، والدورة الاستثنائية الحادية عشرة لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، المنعقدة خلال الفترة من 14 إلى 18 نوفمبر الحالي، حيث تنقسم أعمال القمة لاجتماعات المجلس التنفيذي التي تنعقد على المستوى الوزاري يومي 14 و15، واجتماعات القمة على مستوى رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي التي تنعقد يومي 17 و18.
وقال المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، في بيان أمس: إن القمة الاستثنائية تنعقد لبحث الموقف الراهن لعملية الإصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد الأفريقي، التي بدأت بقمة كيجالي في شهر يوليو (تموز) 2016، عندما قرر الاتحاد تكليف الرئيس الرواندي بمهمة الإصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد الأفريقي.
وأضاف المتحدث: إنه من المقرر أن يشارك الوزير شكري في جلسات تتناول عدداً من التقارير حول موضوعات الإصلاح للاتحاد؛ أبزرها إصلاح مفوضية الاتحاد الأفريقي، ونطاق ولاية وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية، وإصلاح كل من الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء، والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والبرلمان الأفريقي، وتعزيز مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى تمويل الاتحاد الأفريقي، وتقاسم الأدوار ما بين الاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية والإقليمية، والمشاركات الاستراتيجية. من المقرر أن يعقد وزير الخارجية عدة لقاءات ثنائية على هامش القمة لبحث العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.