تصعيد كبير في أعقاب «العملية الخاصة» الإسرائيلية

هجمات صاروخية متبادلة بين «حماس» وإسرائيل تسفر عن قتلى وإصابات... وجهود لإنقاذ التهدئة

فلسطينيون يتفقدون ما تبقى من بناء تعرض لقصف الطائرات الإسرائيلية في خان يونس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون ما تبقى من بناء تعرض لقصف الطائرات الإسرائيلية في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

تصعيد كبير في أعقاب «العملية الخاصة» الإسرائيلية

فلسطينيون يتفقدون ما تبقى من بناء تعرض لقصف الطائرات الإسرائيلية في خان يونس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون ما تبقى من بناء تعرض لقصف الطائرات الإسرائيلية في خان يونس (أ.ف.ب)

أشعلت مواجهة جديدة اندلعت، أمس، بين «حماس» وإسرائيل، مخاوف من انهيار التهدئة التي ترنحت مرتين خلال 24 ساعة.
وبددت صواريخ أطلقتها الفصائل الفلسطينية مساء أمس (الاثنين)، ما بدت أنها عودة إلى الهدوء بعد اشتباكات عنيفة داخل غزة، تسببت في مقتل مسؤول ميداني كبير في كتائب القسام التابعة لـ«حماس» و6 من رفاقه، وضابط رفيع في القوات الإسرائيلية الخاصة.
وهاجمت «حماس»، إلى جانب فصائل فلسطينية، مستوطنات وتجمعات إسرائيلية في محيط غزة، وأطلقت 200 صاروخاً اعترضت {القبة الحديدية} 60 منها.
وتسبب الهجوم الذي شنه الفلسطينيون في إصابة 8 مستوطنين على الأقل، بينهم حالة خطرة في أشكول.
وتسبب الهجوم الإسرائيلي في مقتل 3 فلسطينيين وإصابة آخرين، حيث أكد الهلال الأحمر الفلسطيني، أن طواقمه الطبية انتشلت 3 «شهداء» وعدة إصابات في منطقة بيت لاهيا شمال القطاع.
وقال مسؤول المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي داود شهاب: «إن غرفة عمليات المقاومة اتخذت قرار الرد حتى يدرك الاحتلال وكل من يدعمه أنه لا أمن ما لم تكن حياة الشعب الفلسطيني آمنة، وأن التلاعب بحياة أبنائنا لن يكون بلا ثمن».
وأضاف شهاب في بيان: «إن رد المقاومة هو رد طبيعي باسم الشعب الفلسطيني».
وحذرت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة «بأنه في حال تمادي الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه رداً على قصف المقاومة لغلاف غزة، الذي جاء رداً على جريمته العدوانية، فإن المقاومة ستزيد من مدى وعمق وكثافة قصفها لمواقعه ومغتصباته».
ورداً على ذلك، أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، بداية هجوم جوي على غزة.
وطالبت الجبهة الداخلية المستوطنين بالتوجه إلى الملاجئ والمناطق المحمية.
وأغارت الطائرات الإسرائيلية على مواقع في مخيم البريج إلى الشرق من القطاع، وموقع بيسان العسكري التابع لكتائب القسام في رفح، وموقع فلسطين شمال بلدة بيت لاهيا، إلى جانب مواقع أخرى.
وطالت الصواريخ الفلسطينية سديروت وعسقلان وشعار هنيغف وكيبوتسات أخرى، وسقطت على حافلة وبيوت. ولم يفاجأ الإسرائيليون كما يبدو بالصواريخ، إذ قال رئيس مجلس أشكول، إن الجيش أبلغهم منذ ساعات الظهر بأنه يتوقع تصعيداً، و«كنا جاهزين لهذا السيناريو».
وبعد وقت قصير، تقرر وقف جميع النشاطات في مناطق غلاف غزة وتعليق الدراسة.
وجاء التصعيد الذي لجأت إليه «حماس» رداً على قتل إسرائيل 7 من عناصر «القسام» داخل قطاع غزة، بعدما انكشفت قوة خاصة داخل القطاع.
واشتبكت قوة من «القسام» مع قوات إسرائيلية خاصة كانت في مهمة داخل غزة. وهاجمت عناصر «القسام» سيارة مدنية بعدما انكشف أمرها، فردوا بإطلاق نار أعقبته مطاردة ساخنة استدعت تدخل الطائرات الإسرائيلية.
كانت القوات الخاصة الإسرائيلية قد قتلت في غزة القيادي الكبير في «القسام» نور الدين بركة، ورد عناصر «القسام» بقتل مسؤول الوحدة الإسرائيلية المهاجمة الذي نعاه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، «كواحد له أفضال على إسرائيل» واكتفى بإطلاق حرف «إم» على اسمه.
وجرى الاشتباك الطويل والمعقد في أثناء اكتشاف قوة من «القسام» قوة إسرائيلية خاصة في عمق نحو 3 كيلومترات شرق خان يونس في قطاع غزة.
وجاء الحدث الذي وُصف بـ«الأمني والمعقد» بعد أيام من دخول هدنة جديدة حيز التنفيذ، شملت كذلك السماح بإدخال أموال لموظفي «حماس». واتهمت «حماس» إسرائيل «بنقض العهود وبالإجرام المعهود».
وقالت كتائب القسام في بيان، إنها «أحطبت خططاً للعدو الذي بدأ بعملية من العيار الثقيل، كانت تهدف إلى توجيه ضربة قاسية إلى المقاومة داخل قطاع غزة». وأضافت أن «قوة صهيونية خاصة تسللت، الأحد، مستخدمةً مركبة مدنية في المناطق الشرقية من خان يونس، حيث اكتشفتها قوة أمنية تابعة لكتائب القسام، وقامت بتثبيت المركبة والتحقق منها، كما حضر إلى المكان القائد الميداني نور الدين بركة للوقوف على الحدث، وإثر انكشاف القوة، بدأ مجاهدونا بالتعامل معها، ودار اشتباك مسلح أدى إلى استشهاد القائد الميداني القسامي نور الدين محمد بركة، والمجاهد القسامي محمد ماجد القرا. وقد حاولت المركبة الفرار بعد أن تم إفشال عمليتها، وتدخل الطيران الصهيوني بكل أنواعه في محاولة لتشكيل غطاءٍ ناري للقوة الهاربة، حيث نفّذ عشرات الغارات، إلا أن قواتنا استمرت في مطاردة القوة والتعامل معها حتى السياج الفاصل، رغم الغطاء الناري الجوي الكثيف، وأوقعت في صفوفها خسائر فادحة، حيث اعترف العدو بمقتل ضابطٍ كبير وإصابة آخر من عديد هذه القوة الخائبة».
وأكدت «القسام» أن مقاتليها هاجموا كذلك طائرة مروحية عسكرية هبطت قرب السياج، وقامت تحت الغطاء الناري المكثف، بانتزاع القوة الهاربة وخسائرها الفادحة.
ونعت «القسام» 5 مقاتلين آخرين إلى جانب نور بركة ومحمد القرا، سقطوا في أثناء ملاحقة القوة الإسرائيلية.
وحمّلت «القسام» إسرائيل «المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الخطيرة وتبعاتها». وقالت إنها «لقنّت العدو درساً قاسياً وجعلت منظومته الاستخبارية أضحوكة للعالم».
وأكدت القسام أن «المقاومة ستبقى حاضرة تحمل آماله وطموحاته (الشعب الفلسطيني)، وتدير معركتها مع العدو بكل قوة واقتدار».
ولم يشر بيان «القسام» إلى ردود محتملة، بينما قال البريغادير جنرال رونين مانيليس، إنه لم يتم إرسال القوات الخاصة لاغتيال قيادات من «حماس»، مضيفاً: «إن المهام السرية تُنفّذ باستمرار».
وتابع: «في أثناء العملية وجدت (القوات الإسرائيلية) نفسها في وضع في غاية التعقيد في مواجهة قوات العدو. القوات ومن بينها اللفتنانت كولونيل إم (الذي قُتل). حافظت على رباطة جأشها وردت بإطلاق النار وأُجليت عائدةً إلى إسرائيل بمساعدة السلاح الجوي».
وأردف: «القوة الخاصة كانت تنشط في غزة بهدف إزالة خطر محدق بدولة إسرائيل». وشدّد مانليس على أن الجيش في حالة تأهب للرد على تطورات أمنية محتملة من غزة.
وبعد ساعات من الهدوء الخادع، استهدفت الفصائل المستوطنات بصواريخ وردّت إسرائيل بغارات.
وتبادُل الهجمات ليس الأول في 24 ساعة، وكانت «حماس» قد أطلقت ليلة الأحد 17 صاروخاً وقذيفة على منطقة النقب، وهاجمت إسرائيل كل هدف متحرك في خان يونس القريبة من الحدود.
وواصلت «حماس» أمس، إطلاق الصواريخ وواصلت إسرائيل شن هجمات.
وبينما كان بنيامين نتنياهو، الذي قطع زيارة إلى فرنسا، يُجري مشاورات أمنية حول التطورات، رمت مصر والأمم المتحدة بثقلهما لإنقاذ التهدئة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.