إسرائيل تغتال قيادياً كبيراً في «القسام»... وتضع غزة على شفا مواجهة

وحدة خاصة تسللت إلى القطاع وقتلته إلى جانب 5 آخرين... ومعلومات عن مقتل أحد عناصرها

شبان فلسطينيون يلقون الحجارة على قوات الاحتلال خلال اشتباكات في قرية دورا قرب الخليل (إ.ب.أ)
شبان فلسطينيون يلقون الحجارة على قوات الاحتلال خلال اشتباكات في قرية دورا قرب الخليل (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تغتال قيادياً كبيراً في «القسام»... وتضع غزة على شفا مواجهة

شبان فلسطينيون يلقون الحجارة على قوات الاحتلال خلال اشتباكات في قرية دورا قرب الخليل (إ.ب.أ)
شبان فلسطينيون يلقون الحجارة على قوات الاحتلال خلال اشتباكات في قرية دورا قرب الخليل (إ.ب.أ)

اغتالت إسرائيل المسؤول الكبير في «كتائب القسام»، نور بركة، إلى جانب مقاتلين آخرين في الجناح العسكري لحركة «حماس»، في تطور خطير أعقب أياماً قليلة على هدنة دخلت حيز التنفيذ في قطاع غزة. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بمقتل جندي واحد على الأقل من قوات الاحتلال في العملية التي استهدفت القيادي «الحمساوي».
وباغتت وحدات إسرائيلية خاصة مجموعة «القسام» في منطقة خانيونس، وبدأت بإطلاق النار تجاهها ضمن خطة كما يبدو لتنفيذ «عملية هادئة» ثم الانسحاب، لكن مقاتلي «حماس» اكتشفوا القوة واشتبكوا معها، ما اضطر الطائرات الإسرائيلية إلى التدخل بقوة وتوفير حماية جوية لتسهيل انسحاب القوة الخاصة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة «استشهاد» 6 فلسطينيين، بينهم 5 من «كتائب القسام»، على رأسهم نور الدين بركة المسؤول عن منطقة خانيونس الحيوية، إلى جانب مساعده وعناصر آخرين.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني إياد البزم: «إن الحدث الأمني شرق خانيونس أسفر عن شهداء وجرحى من عناصر المقاومة»، مؤكداً إعلان الاستنفار العام.
ولاحقاً أعلنت «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» حالة الاستنفار، فيما واصل الطيران الإسرائيلي قصف مناطق واسعة في خانيونس، وراح يستهدف كل شيء متحرك شرق المنطقة.
وجاء في بيان لـ«القسام»: «تسللت مساء اليوم (أمس) قوة خاصة تابعة للعدو الصهيوني في سيارة مدنية في منطقة مسجد الشهيد إسماعيل أبو شنب بعمق 3 كلم شرق خانيونس، وقامت هذه القوة باغتيال القائد القسامي نور بركة، وبعد اكتشاف أمرها وقيام مجاهدينا بمطاردتها والتعامل معها، تدخل الطيران الحربي للعدو وقام بعمليات قصفٍ للتغطية على انسحاب هذه القوة، ما أدى لاستشهاد عددٍ من أبناء شعبنا، وما زال الحدث مستمراً وتقوم قواتنا بالتعامل مع هذه العدوان الصهيوني الخطير».
وردت «القسام» لاحقاً بإطلاق صواريخ باتجاه النقب، اعترضتها القبة الحديدية الإسرائيلية، وسقط صاروخ واحد على الأقل في تجمع أشكول.
وطلبت السلطات الإسرائيلية من سكان مناطق «غلاف غزة» البقاء في منازلهم قرب الملاجئ والحفاظ على يقظة عالية، قبل أن تطلق «حماس» وابلاً من الصواريخ على النقب. وأعلنت إسرائيل لاحقاً تعطيل الدراسة في بعض مدارس الغلاف.
وفوراً اجتمع وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان مع قائد الأمن العام (الشاباك) ومسؤولين في الجيش وقوى الأمن في مقر وزارة الجيش بتل أبيب، فيما كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الموجود في فرنسا يتلقى تقارير عن التطورات الميدانية.
وقالت مصادر إسرائيلية إن نتنياهو أمر وزراءه بعدم التصريح، وقرر العودة فوراً إلى تل أبيب قاطعاً زيارته لفرنسا.
ولم يتضح مصير القوة الإسرائيلية الخاصة، لكن مصادر إسرائيلية أشارت إلى مقتل أحد أفرادها وإصابة آخر.
وبعد مضي فترة على الحدث، نفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي معلومات عن خطف جندي إسرائيلي. وقال في بيان إنه «لا يوجد مختطف في صفوف قواتنا».
وأصدرت «حماس» بياناً حيّت فيه المقاتلين، وقالت إن «ما تقوم به المقاومة الباسلة هو عمل بطولي شجاع يؤكد على أنها يقظة وحاضرة بقوة في الميدان وتقوم بواجبها الوطني والكبير في التصدي لهذا الغدر الصهيوني والدفاع عن شعبنا وتدفيع العدو ثمن جريمته».
وتفتح العملية الإسرائيلية التي وجهت ضربة للهدنة الحالية، الباب على تصعيد كبير محتمل ومواجهة أخرى.
وجاءت العملية الإسرائيلية في غزة في وقت تصاعدت المعارضة داخل الدولة العبرية لاتفاق الحكومة مع حماس، خصوصاً بعدما شوهدت حقائب الدولارات القطرية تسلم لقادة الحركة. فاعتبرتها رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني «دعماً مباشراً لحركة حماس تشجعها على تعزيز قوتها الإرهابية». ووصفها قائد حزب العمل، آفي غباي، بأنها «خطوة تنسجم مع سياسة الفاسد الحكومية». وقال إن «مشهد تسليم الأموال يذكره بممارسات المافيا وكيفية جباية أموال الخاوة والرشى». وقال النائب عمير بيرتس، وزير الدفاع الأسبق، إن «حكومة بنيامين نتنياهو تتصرف بمنتهى الغرابة. فالرئيس الفلسطيني الذي يؤمن بالسلام تقاطعه وتحاصره وتصادر منه الأموال وتنتهك سيادته وحرمة سلطته. وفي الوقت ذاته تفاوض حماس التي تعلن أنها تريد إبادة إسرائيل، وتوقع معها اتفاق هدوء، وتقدم لها المال نقداً». وتساءل: «أنا لا أفهم كيف لا يخجلون».
وقامت مجموعة من مستوطني «غلاف غزة»، خلال اليومين الماضيين، بإغلاق الطريق الرئيسية المؤدية إلى قطاع غزة، في محاولة منهم لمنع وصول شاحنات البضائع والوقود المتجهة إلى معبر كرم أبو سالم، احتجاجاً على الاتفاق مع حماس، من دون إعطاء حلول جذرية لهم، معتبرين تحرير الأموال «تبرعاً إسرائيلياً مجانياً، سيرتد على سكان البلدات المجاورة لقطاع غزة بأبشع صور الحرب».
وطالب المتظاهرون الحكومة الإسرائيلية بوقف دخول شاحنات البضائع إلى القطاع، إلى حين تعهد «حماس» بوقف مسيرات العودة المتواصلة عند السياج الأمني منذ 7 أشهر تقريباً، وكذلك وقف إطلاق البالونات الحارقة من القطاع باتجاه بلداتهم. وهددوا بمنع دخول الأموال القطرية إلى غزة في الشهر المقبل بالقوة.
من جهة أخرى اشتبكت القوات الإسرائيلية مع متظاهرين وطلاب مدارس في مناطق مختلفة في الضفة الغربية، على خلفية إحياء ذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات.
ورشق متظاهرون وطلاب مدارس القوات الإسرائيلية بالحجارة في الخليل، وبيت لحم، ومخيمات الفوار، والعروب، وردت القوات الإسرائيلية بإطلاق الرصاص وقنابل الغاز. وأصيب عشرات الطلبة وأحد المعلمين في مدرسة طارق بن زياد الثانوية للبنين، في الخليل، بحالات اختناق وإغماء، جراء اقتحام جيش الاحتلال فعاليات لعرفات.
وقال مدير المدرسة علي ارفاعية، إن قوات الاحتلال اقتحمت المدرسة خلال الفعاليات الصباحية، وأطلقت قنابل الصوت والغاز السام صوبهم، ما أدى إلى إصابة 10 طلاب ومعلم بحالات اختناق وإغماء، وجرت معالجتهم ميدانياً. وتزامن ذلك مع مواجهات على مدخلي مخيمي الفوار والعروب. وأطلقت القوات الإسرائيلية وابلاً من قنابل الغاز والرصاص المطاطي نحو عشرات الشبان والمواطنين، الذين خرجوا عند مدخلي مخيمي العروب والفوار، لإحياء الذكرى 14 لعرفات، ما أدى إلى إصابة العشرات منهم بحالات اختناق.
كما تفجرت مواجهات في بلدتي تقوع، وقرية دار صلاح في بيت لحم، وتركزت مع طلاب المدارس في الفترة الصباحية.
ولم ينتظم الدوام المدرسي في هذه المناطق، بسبب المواجهات التي اندلعت باكراً.
وجاءت هذه المواجهات المحدودة، بعد يوم من إعلان وفاة الشاب محمد إبراهيم شريتح (26 عاماً) من قرية المزرعة الغربية بمحافظة رام الله والبيرة، متأثراً بجروح أصيب بها قبل أسبوعين.
وكان شريتح أصيب في رأسه، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي اندلعت في القرية، في 26 الشهر الماضي، أدخل إثرها إلى العناية المكثفة بالمستشفى الاستشاري في ضاحية الريحان، لتعلَن وفاته السبت. وأقيمت لشريتح مراسيم جنازة عسكرية، حيث حمل أفراد وضباط الأمن الوطني جثمانه على الأكتاف، بعد أن لف بالعلم الفلسطيني. وشريتح متزوج، وأب لابنتين.
من جهة أخرى، اقتحم عشرات المستوطنين، أمس، المنطقة الأثرية في بلدة سبسطية شمال غربي نابلس، بحراسة قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال رئيس بلدية سبسطية محمد عازم، إن قرابة 150 مستوطناً برفقة جيش الاحتلال، اقتحموا المنطقة الأثرية في البلدة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع شبان البلدة. يذكر أن سبسطية تتعرض لاقتحامات متكررة من جيش الاحتلال ومستوطنيه، خصوصاً المنطقة الأثرية فيها. واتهمت السلطة إسرائيل بسرقة الآثار الفلسطينية.
وطالبت وزارة الخارجية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، ومنظمة السياحة العالمية، بفتح تحقيق جدي «فيما يجري من جرائم إسرائيلية ضد الآثار الفلسطينية، باعتبارها انتهاكات جسيمة لمبادئ القانون الدولي».



القوات الدولية في غزة... تحفظات فلسطينية تلوّح بتعقيدات أمام الوسطاء

فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
TT

القوات الدولية في غزة... تحفظات فلسطينية تلوّح بتعقيدات أمام الوسطاء

فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)
فلسطينيون يجلسون إلى جوار خيمة وسط الأنقاض بمدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)

تواجه القوات الدولية المنتظر نشرها في قطاع غزة تحفظات من عدة فصائل فلسطينية، بينها حركة «حماس»، بشأن نزع السلاح، رغم كونه شرطاً أساسياً في اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه الحركة.

تلك التحفظات التي تأتي وسط خطوات لتنفيذ نشر تلك القوات، ووسط أحاديث عن ترتيبات مصرية - أميركية لاختيار العريش مركزاً للعمليات، تشي بأن هناك تعقيدات ستواجه الوسطاء فيما يتعلق بتلك القوات، خاصة صلاحياتها، مما يهدد اتفاق وقف إطلاق النار، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وعن موقف مصر إزاء تلك التحفظات، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إنها «تتحرك بشكل مكثف»، وإنها «في قلب التطورات العسكرية والأمنية ولن تبتعد عن المشهد، ولديها تنسيق مستمر مع الولايات المتحدة».

وأضاف أن مشاورات اختيار العريش مركزاً مؤقتاً لإدارة غزة أو عمليات القوات الدولية تجري منذ فترة، «وتؤكد الوجود المصري في جميع الملفات ذات الصلة حرصاً على أمنها أو دعماً للقضية الفلسطينية، لكن من المبكر الحديث عن الحسم في هذا الصدد في ظل العقبات التي تواجه الاتفاق».

فلسطينيون يسيرون تحت المطر بالقرب من مبانٍ مدمرة بشرق مدينة غزة يوم الأحد (إ.ب.أ)

وبحسب نص مشروع القرار الأميركي الذي عُرض على مجلس الأمن، الاثنين، تُشكَّل «قوة استقرار دولية مؤقتة» تعمل مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثاً للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من قطاع غزة.

تحفظات فلسطينية وإسرائيلية

ورغم أن مشروع القرار، وعلى عكس المسودات السابقة، يُشير إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية، أصدرت فصائل وقوى فلسطينية، الأحد، مذكرة حذّرت فيها من خطورة مشروع القرار الأميركي الخاص بإنشاء قوة دولية في قطاع غزة، وقالت إنه «يشكّل محاولة لفرض وصاية دولية على القطاع».

وقالت فصائل وقوى فلسطينية، في بيان نشرته حركة «حماس»، إن الصيغة المقترحة لمشروع القرار الأميركي تمهد لهيمنة خارجية على القرار الوطني الفلسطيني، مشددة على «رفض أي بند في المقترح الأميركي يتعلق بنزع سلاح غزة أو المساس بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة».

فلسطينيون يلوذون بالخيام في مواصي خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

وأضافت أن أي نقاش في ملف السلاح «يجب أن يظل شأناً داخلياً مرتبطاً بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة»، لافتة إلى أنها «ترفض أي وصاية أو وجود عسكري أجنبي أو إقامة قواعد دولية داخل قطاع غزة».

هذا التحفظ استبق تصويت مجلس الأمن، الاثنين، على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خريطة الطريق الأميركية التي طرحها الرئيس دونالد ترمب بشأن غزة الشهر الماضي، بالتوازي مع مشروع قرار روسي مضاد يدعو الأمم المتحدة إلى تقديم اقتراحات بشأن إنشاء «قوة الاستقرار الدولية»، ويحذف الإشارة إلى «مجلس السلام» بقيادة ترمب.

وعن الجانب الإسرائيلي، تحدثت «هيئة البث»، الأحد، عن أن إسرائيل «تمارس ضغوطاً في اللحظات الأخيرة لتغيير صيغة الاقتراح الأميركي»، خوفاً من بنود منها تضمين التمهيد لمسار يقود إلى «تقرير المصير الفلسطيني»، وفقاً لما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة.

فلسطينية تحمل حطباً لإشعال النار للطهو في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفي ظل هذه التحفظات، وتصويت مجلس الأمن، يعتقد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأنين الفلسطيني والإسرائيلي الدكتور طارق فهمي، أن «الأمر يزداد تعقيداً أمام الوسطاء».

وأضاف قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو صدر القرار الأممي بنشر القوات، فإن ذلك لن يحل الإشكالية في ظل تحفظ فلسطيني على نزع السلاح وعدم تشكيل لجنة إدارة غزة للآن، واحتمال مراوغة في تنفيذ الاستحقاقات من جانب إسرائيل قد تقودها للدعوة لانتخابات مبكرة لتجاوز أي التزام لا يوافق رغبتها».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع أن الفصائل لم يعد لديها خيار «وعليها أن تتحمل المسؤولية وألا تعقد جهود الوسطاء لإنجاح الاتفاق».

وفي رأيه، فإن حركة «حماس» وإسرائيل «لا تريدان بدء المرحلة الثانية فعلياً لأن الحركة ترفض نزع السلاح، ودولة الاحتلال تريد استمرار سيطرتها وبقاءها على تقسيم غزة».

تكثيف الجهود

يأتي ذلك وسط أحاديث عن عقد مصر والولايات المتحدة اجتماعاً مشتركاً، الاثنين، لمناقشة اختيار موقع في مدينة العريش بشمال سيناء لإدارة القوات الدولية التي ستنشر في قطاع غزة وفقاً لخطة وقف الحرب، وفقاً لتقارير صحافية.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كشفت صحيفتا «هآرتس» الإسرائيلية و«الغارديان» البريطانية عن وثيقة أعدها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، تتضمن تصوراً لإدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، يقوم على إنشاء سلطة انتقالية ذات طابع دولي تمنح الفلسطينيين دوراً محدوداً في إدارة الشؤون اليومية، ويكون مقرها العريش المصرية.

وعن ذلك، قال مصدر مصري مطّلع لـ«الشرق الأوسط» وقتها إن «الأمر متروك للتفاوض» في ظل التدمير بالقطاع، لافتاً إلى أن «مصر مع أي موقف يُمكّن الفلسطينيين من حكم بلادهم دون تعدٍ عليهم أو تجاهل أو تجاوز لهم».

مساعدات مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

والعريش مدينة مصرية استراتيجية متاخمة للحدود مع غزة، وبالقرب منها يقع معبر رفح. وبعد اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر، استخدمت في استقبال المواد الإنسانية والإغاثية من كل أنحاء العالم لتيسير إدخالها القطاع.

وقال فهمي: «ما يثار بشأن إنشاء مركز في العريش يؤكد أن القاهرة حريصة على المشاركة في كل الترتيبات الأمنية والعمل على ضمان نجاح اتفاق غزة، خاصة أن أي فشل للجهود الدولية يعني استمرار تقسيم غزة، وهذا أمر مرفوض تماماً من جانب القاهرة»، متوقعاً زيادة الجهود المصرية لإنهاء تلك التعقيدات قبل أن تتفاقم.

ويعتقد مطاوع أن القاهرة «ستستمر في أدوارها لدعم اتفاق غزة، وستكون حريصة على سد أي ذرائع يمكن أن تهدد صمود الاتفاق. لكن بالأساس يجب على طرفي الحرب الالتزام أولاً بما سبق الاتفاق عليه».


اجتماع وزاري مصري - تشادي يناقش دفع التعاون ومكافحة الإرهاب بالساحل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
TT

اجتماع وزاري مصري - تشادي يناقش دفع التعاون ومكافحة الإرهاب بالساحل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة الأحد (الخارجية المصرية)

ناقش اجتماع وزاري مصري - تشادي سبل دفع التعاون بين البلدين، ومكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي، والتوافق على تدشين وتنفيذ عدد من المشروعات التنموية بينها «الربط الإقليمي الثلاثي مع ليبيا».

وشهدت القاهرة، مساء الأحد، اجتماعات مكثفة عقدتها «اللجنة المصرية - التشادية المشتركة»، التي ترأسها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره التشادي عبد الله صابر فضل، بمشاركة عدد من المسؤولين والوزراء من البلدين، وفق بيان لوزارة الخارجية المصرية.

وأكد عبد العاطي في إفادة رسمية، عقب اجتماع الأحد، حرص بلاده الدائم على دعم الجهود التشادية، باعتبارها «شريكاً محورياً لمصر في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد، ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وإحلال التنمية محل الصراع».

اجتماع مصري - تشادي يناقش دفع التعاون ومواجهة الإرهاب بالساحل الأفريقي (الخارجية المصرية)

كما شدد وزير الخارجية في إفادته على «أهمية استغلال الفرص المتاحة لتعزيز وتوثيق التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والاستثمار والبنية التحتية والنقل والزراعة والتعليم والاتصالات والبترول والثروة المعدنية والإسكان، فضلاً عن فرص تعزيز التبادل التجاري من خلال زيادة الواردات المصرية من اللحوم التشادية، وزيادة الصادرات الدوائية المصرية إلى تشاد».

وخلال الاجتماعات، وقع الجانبان المصري والتشادي على عدد من مذكرات التفاهم حول المشاورات السياسية بين الطرفين، والتعاون بين المعهدين الدبلوماسيين، والتعاون بين وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة ووزارة المياه والطاقة التشادية، والتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والوكالة التشادية للاستثمار.

«شراكة استراتيجية»

وترى مديرة «البرنامج الأفريقي» في مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، أماني الطويل، أن قرارات «اللجنة المشتركة» بين مصر وتشاد «تأخرت كثيراً»، وأن هذه خطوة «تحمل أهمية استراتيجية» على مستويات مختلفة.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تعميق الشراكة الاستراتيجية بين مصر وتشاد يساعد الأخيرة في مواجهة خطر الإرهاب على أراضيها، ويدعم جهود مكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي، كما سينعكس أيضاً على العلاقات المصرية الليبية».

وتعتقد الدكتورة أماني الطويل أن تعزيز التعاون المصري - التشادي «يأتي في لحظة دقيقة من الحرب السودانية التي تؤثر على تشاد بأشكال مختلفة، ويمكنها أن تلعب دوراً مهماً في وقف إطلاق النار والمراحل التالية، باعتبارها دولة جوار».

وأكدت أن الشراكة بين مصر وتشاد تدفع باقتصاد البلدين، وتنعكس على جودة الحياة بهما، «خاصة أن تشاد بحاجة إلى دفع اقتصادها والاستفادة من ثرواتها الطبيعية»، مشيرة إلى أن «الطريق البري الذي يربط مصر وتشاد عبر ليبيا سيكون له تأثير بالغ الأهمية على حركة التجارة في أفريقيا، ويدعم خطط التنمية الأفريقية، كما أنه سيمكّن تشاد من تصدير منتجاتها الزراعية وثروتها الحيوانية، وسيفتح أسواقاً للمنتجات المصرية».

جانب من الاجتماع المصري - التشادي (الخارجية المصرية)

ويهدف مشروع الطريق البري الذي يربط بين مصر وليبيا وتشاد إلى تعزيز حركة التبادل التجاري والتكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث، وينقسم إلى ثلاثة قطاعات، ينطلق القطاع الأول من داخل مصر بطول 400 كيلومتر، والقطاع الثاني سيكون داخل الأراضي الليبية بطول 390 كيلومتراً، فيما سيكون القطاع الثالث داخل الحدود التشادية بطول 930 كيلومتراً، وفق وزارة النقل المصرية.

وأكد نائب رئيس الوزراء المصري ووزير النقل والصناعة كامل الوزير، في إفادة رسمية فبراير (شباط) الماضي، بدء تنفيذ المشروع في مرحلة القطاع الأول داخل الأراضي المصرية، من شرق العوينات، إلى جانب توقيع مذكرة تفاهم بين شركة «المقاولون العرب» المصرية والحكومتين الليبية والتشادية، للبدء في أعمال الدراسات المساحية والبيئية والتصميم المبدئي للطريق داخل ليبيا وتشاد.

وكانت شركة «المقاولون العرب» قد وقعت، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اتفاقاً مع الحكومة التشادية لوضع دراسات تنفيذ طريق الربط البري مع الدول الثلاث. وسبق ذلك اتفاق مماثل مع الحكومة الليبية في أغسطس (آب) العام الماضي.

التنسيق الأمني

وفي رأي عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» السفير رخا أحمد حسن، فإن العلاقة بين مصر وتشاد «استراتيجية وممتدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط»، «إن دعم استراتيجية العلاقة بين البلدين عبر أوجه الشراكة المختلفة يعزز التنسيق السياسي والأمني، خاصة ما يتعلق بالتعاون في مواجهة الإرهاب والجماعات المسلحة المنتشرة في شمال ووسط أفريقيا عبر التنسيق الأمني وتبادل المعلومات».

ومن بين الملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، حسب حسن، ما يتعلق بالأمن في ليبيا، كون تشاد من دول الجوار الليبي وتعد بوابة لعبور المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يحتم تعاوناً وتنسيقاً مع مصر.

وأكد أن «ثمة خصوصية للدور الذي يمكن أن تلعبه تشاد في الأزمة السودانية، باعتبارها دولة جوار، إذ إنه يوجد تداخل سكاني بين تشاد والقبائل والعشائر في دارفور، وهو ما يعني وجود ممر لدخول الأسلحة إلى السودان، مما يتطلب تنسيقاً أمنياً مع مصر لدعم تحركات وقف إطلاق النار في السودان».

ولفت إلى أن «اتفاقات الشراكة مع مصر، وتنفيذ الطريق البري الذي يربط بين البلدين عبر ليبيا، سيعزز فرص التنمية في تشاد، ويفتح آفاقاً لتصدير سلعها؛ فهي دولة مغلقة ليس لديها موانٍ، ويجب أن تمر بضائعها عبر دولة ثالثة، حيث يُعتبر السودان بوابة رئيسية للسلع التشادية، لكن الحرب أثرت على ذلك».


إحباط مخطط حوثي لاغتيال قيادات أمنية وعسكرية في عدن ومأرب

حوثيون يستعرضون قوتهم في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
حوثيون يستعرضون قوتهم في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إحباط مخطط حوثي لاغتيال قيادات أمنية وعسكرية في عدن ومأرب

حوثيون يستعرضون قوتهم في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
حوثيون يستعرضون قوتهم في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

في خضمّ تصاعد الصراع بين الأجنحة الأمنية داخل الجماعة الحوثية على خلفية الاختراق الإسرائيلي، أعلنت السلطات الأمنية اليمنية عن إحباط مخططين «إرهابيين» في كلٍّ من عدن ومأرب، كانا يستهدفان قيادات أمنية وعسكرية بارزة في المدينتين الخاضعتين لسيطرة الحكومة الشرعية.

وكشفت التحقيقات عن أن العناصر المتورطة تلقّت تدريبات مكثفة على زراعة المتفجرات وتشغيل المسيّرات في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين شمال البلاد.

وقالت شرطة محافظة عدن، التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة، إنها أحبطت «مؤامرة إرهابية واسعة النطاق» كانت تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة. وأوضحت أنها ألقت القبض على عناصر تنتمي إلى خلايا «منظمة» جرى تجنيدها وتدريبها في مناطق سيطرة الحوثيين لتنفيذ عمليات استهداف موجّهة ضد قيادات أمنية وعسكرية.

خلايا حوثية مدربة على استخدام الأسلحة الآلية وقذائف الـ«آر بي جي» (إعلام حكومي)

وحسب بيان الشرطة، أظهرت التحقيقات «تفاصيل دقيقة» لعملية استقطاب ممنهجة شملت نقل شبان من عدن إلى معسكرات سرية في منطقة الحوبان شرق تعز، حيث تلقوا دورات قتالية مكثفة استمرت لأسابيع. وشملت التدريبات استخدام الأسلحة الآلية وقذائف الـ«آر بي جي»، وصناعة العبوات الناسفة وزرعها، والتدريب على الطيران المسيّر وتقنيات المراقبة الجوية.

وأفاد المقبوض عليهم في اعترافاتهم بأن تلك الدورات لم تقتصر على التدريب العسكري، بل شملت أيضاً تعبئة فكرية «متطرفة»، تضمنت خطاباً تحريضياً يستهدف قوات الجيش والأمن في عدن. كما تم أخذ العناصر في زيارات «جهادية» إلى معقل الحوثيين في صعدة ومناطق أخرى ضمن برنامج يهدف إلى تعزيز الولاء للجماعة وتهيئتهم لتنفيذ مهام نوعية داخل المناطق المحررة.

تفجير واغتيالات

وأوضحت الشرطة في عدن أن التحقيقات كشفت عن مخطط واسع لاستهداف قيادات أمنية وعسكرية، عبر تشكيل خلايا قادرة على تنفيذ عمليات تفجير واغتيالات، ورصد تحركات مسؤولين أمنيين بارزين، خصوصاً في مديريّة دار سعد، والحزام الأمني والقوات البرية.

كما أظهرت الأدلة أن قائمة الاستهداف شملت المقدم مصلح الذرحاني، قائد شرطة دار سعد، والعميد جلال الربيعي، أركان قوات الحزام الأمني وقائد حزام عدن، والنقيب كمال الحالمي، قائد وحدة حماية الأراضي، والعميد أوسان العنشلي، أركان حرب القوات البرية، والعقيد إسماعيل طماح، مسؤول استخبارات الحزام الأمني، والملازم آدم داؤود، ضابط التحقيق في شرطة دار سعد.

خلية الحوثيين في مأرب خططت لاغتيال وزير الداخلية ورئيس الأركان (إعلام حكومي)

وحسب الشرطة، تبيّن أن أمجد خالد فرحان، قائد لواء النقل السابق المطلوب للحكومة الشرعية، يقف وراء جزء كبير من عملية التمويل والإشراف اللوجيستي على الخلايا، بعد انتقاله إلى مناطق سيطرة الحوثيين عقب قرار عزله.

وأكدت الشرطة أن فرحان كان يوفّر رواتب شهرية ثابتة لأفراد الخلية ويغطي كامل تكاليف تنقلاتهم وإقاماتهم، عادَّة أن ذلك «يؤكد وجود تمويل خارجي ضخم ومستمر يقف خلف المخطط».

كما تتهمه الشرطة بإصدار توجيهات لعناصر الخلية عقب انتهاء تدريبهم بالعودة إلى عدن وتسليم أنفسهم للسلطات عبر وساطات، وذلك جزءاً من «عملية تمويه مدروسة» تهدف لتسهيل حركتهم مستقبلاً عند بدء تنفيذ المهام الموكلة إليهم.

وأكدت شرطة عدن أنها مستمرة في تنفيذ عمليات «نوعية» لملاحقة كل من يحاول تهديد أمن المدينة، وأنها تعمل على تفكيك الشبكات المرتبطة بالحوثيين داخل مناطق سيطرة الحكومة.

خلية مأرب

في محافظة مأرب، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية عبر مركزها الإعلامي إحباط مخطط «خطير» أعدَّه ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، كان يستهدف قيادات أمنية وعسكرية، على رأسهم وزير الداخلية ورئيس هيئة الأركان العامة. وأكدت الأجهزة الأمنية أنها ألقت القبض على أفراد الخلية المتورطين وكشفت عن تفاصيل المخطط عقب التحقيق معهم.

وحسب البيان الأمني، فإن عناصر الخلية تلقّوا تدريبات على تصنيع العبوات الناسفة داخل مصنع سري للمتفجرات أنشأه الحوثيون في حي ذهبان شمال صنعاء، داخل تجمعات سكانية مدنية، في إطار سياسة تستخدم الأحياء السكنية غطاءً لأنشطة عسكرية حساسة.

الحوثيون أنشأوا مصانع للمتفجرات في وسط التجمعات السكانية بصنعاء (إعلام حكومي)

وأفادت التحقيقات بأن الخلية كانت تعمل بإشراف مباشر من القيادي الحوثي أبو إدريس المؤيد، ومن رئيس الأركان محمد الغماري قبل مقتله في غارة إسرائيلية. وأوضح أحد عناصر الخلية أنه كان مكلّفاً تصوير معدات وسيارات عسكرية وجمع معلومات حساسة عن شخصيات مدنية وعسكرية في مديرية الوادي بمأرب، إلى جانب رفع تقارير دورية حول التحركات والاجتماعات والتعزيزات.

وأكدت أجهزة الأمن اليمنية أن إحباط هذه العملية شكّل ضربة جديدة لقدرات الحوثيين على تنفيذ هجمات نوعية داخل المناطق المحررة، وأن العمليات الاستباقية ستستمر لمنع أي نشاط معادٍ يستهدف القيادات أو البنية الأمنية والعسكرية.

محاربة المخدرات

في سياق آخر يتعلق بجهود مكافحة الجريمة، أعلنت شرطة عدن تنفيذ عملية «نوعية» في مدينة كريتر، أسفرت عن ضبط شخصين متهمين بترويج وتعاطي مواد مخدرة.

وقال العقيد نبيل عامر، مدير الشرطة، إن العملية نُفذت بعد تحرٍّ دقيق ورصد متواصل؛ إذ تم ضبط المتهمين متلبسين وبحوزتهما كميات من الحشيش وحبوب «بلاك بارين» المخدرة. وأشار إلى أن أحدهما من سكان حي القطيع والآخر من مديرية المنصورة، مؤكداً أن كليهما من أصحاب السوابق في ترويج الحبوب والحشيش.

وأوضح مدير الشرطة أن هذه العملية تأتي ضمن خطة شاملة «لاستهداف العناصر التي تعبث بأمن المجتمع وتسعى لتدمير الشباب عبر المخدرات»، مؤكداً استكمال الإجراءات القانونية وإحالتهما لإدارة مكافحة المخدرات لاستكمال التحقيقات قبل عرضهما على القضاء.