إزالة تعديات على الأراضي الحكومية في السعودية تجاوزت 9 ملايين متر مربع

في مختلف مناطق ومحافظات المملكة

إزالة تعديات على الأراضي الحكومية في السعودية تجاوزت 9 ملايين متر مربع
TT

إزالة تعديات على الأراضي الحكومية في السعودية تجاوزت 9 ملايين متر مربع

إزالة تعديات على الأراضي الحكومية في السعودية تجاوزت 9 ملايين متر مربع

أزالت وزارة الشؤون البلدية والقروية اعتداءات أحدثها مخالفون على الأراضي الحكومية في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، وذلك في إطار حرصها على القيام بدورها الرقابي على الأراضي الحكومية، وشددت الوزارة على أنه سيتم التعامل بحزم مع المعتدين، وفقاً للأنظمة والتعليمات بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.
وقامت الأمانات والبلديات التابعة لها خلال الأسبوع الماضي، بإزالة تعديات على أكثر من 9.885.676 مليون متر مربع من الأراضي الحكومية في عدد من المناطق والمحافظات، مؤكدة استمرار جولاتها الرقابية للحد من هذه التعديات.
واستعادت وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثَّلة في أمانة محافظة الطائف أكثر من 8 ملايين متر مربع من الأراضي الحكومية المخصصة لمشاريع وزارة الإسكان بشمال الطائف بعد أن حاول مخالفون الاستيلاء عليها بوضع اليد وإقامة منشآت وإحداثات متنوعة. وأوضحت أمانة محافظة الطائف أن مراقبيها وآلياتها أسهموا في إزالة أشكال متنوعة من الإحداثات على الأراضي البيضاء والمخصصة في الأصل لمشاريع وزارة الإسكان أقامها محدثون حاولوا استغلال الأراضي والاستيلاء عليها دون أن يكون لديهم أي مستمسكات شرعية أو تراخيص نظامية.
وفي جدة أزالت وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثَّلةً في بلدية بريمان، مخططاً عشوائياً تقدَّر مساحته بنحو 116.676 متر مربع أُقيم على أرض حكومية بحي الأجواد. كما تمت إزالة البتر وتسوية وتمهيد الأرض بعد الإشعارات النظامية.
وفي السياق ذاته كشفت أمانة محافظة جدة عن استعادة ما يقارب 19 ألف متر مربع على كورنيش مدينة جدة، في شرم أبحر، مؤكدة أنها تعمل على إزالة مرسى السلام بمساحة تقدر بـ13 ألف متر مربع، وذلك بعد انتهاء العقود الاستثمارية لهذه المواقع.
كما أشارت أمانة محافظة جدة إلى أن المواقع الاستثمارية التي انتهت عقودها وتم تحويلها إلى مناطق مفتوحة ضمن مشروع تطوير الواجهة البحرية في مرحلتيه الثالثة والرابعة، شملت مرسى الأندلس بمساحة تقارب 10 آلاف متر مربع، إضافة إلى منتجع الجزيرة الخضراء بمساحة تقارب 30 ألف متر مربع، وما تم نزعه من مواقع استثمارية في متنزه ذهبان بمساحة تقارب 110 آلاف متر مربع، وكانت الأمانة قد أزالت الشهر الماضي مرسى الشاطئ الأزرق بمساحة تقدر بـ6 آلاف متر مربع. من جانبها أكدت أمانة منطقة تبوك أنها أزالت تعديات كبيرة على مجرى وادي البقّار تضمنت 14 مزرعة تحتوي بيوت محمية وأشجار وأحواش، وذلك في إطار حرص الأمانة على فتح مجاري الأودية وإزالة أي عوائق قد تمنع جريان المياه في مسارها الصحيح. وفي العاصمة المقدسة قامت الوزارة ممثَّلةً ببلدية الشوقية الفرعية، بإزالة تعديات على أراضٍ حكومية بمخطط أم الكتاد ومخطط الشافعي بمكة المكرمة، بمشاركة لجنة تضم عدداً من الجهات المعنية. وكانت التعديات عبارة عن 4 أحواش و5 غرف شعبية بمساحات مختلفة مقامة بطرق غير نظامية.
فيما أعلنت أمانة منطقة عسير أنها استعادت تعديات تقدَّر بأكثر من 162 ألف متر مربع من الإحداثات على مواقع مختلفة لأراضٍ حكومية بضواحي مدينة أبها. وأوضحت الأمانة أن التعديات التي قامت بإزالتها مؤخراً، كانت موزعة ما بين ضواحي مدينة أبها، ومنها: شوحط، والعين، والحي الشرقي. فيما تمثلت التعديات في إنشاء أسوار، وأحواش، وغرف سكنية، غير نظامية ومن دون مستمسكات شرعية، أو تراخيص بناء.
وبيّنت أن المراقبين لديها نفّذوا جولات رقابية مستمرة على المواقع التي تم رصد التعديات بها، وجرى التحقق من عدم ملكية المعتدين للأراضي بشكل نظامي. فيما نفذت آليات الأمانة أعمال الإزالة فور التأكد من عدم ملكية المعتدين للأراضي، وذلك بمشاركة قوة أمنية في دعم أعمال لجان الإزالة، مشددة على أنها تنفذ جولات رقابية مستمرة على المواقع التي يكثر التعدي عليها، ومنها المخططات الحديثة، لضمان عدم نشوء أي تعدٍّ أو إحداث على الأراضي الحكومية أو أراضي الغير، مؤكدة أن أعمال الإزالة تأتي وفق توجيهات معالي وزير الشؤون البلدية والقروية، بسرعة التعامل مع التعدي، وإزالته فور حدوثه، ومن ثم التأكد من عدم عودة المحدثين إلى الأراضي مرة أخرى، من خلال تكثيف الجولات الرقابية على جميع المواقع بمنطقة عسير.
وفي مركز مربة تمكنت أمانة منطقة عسير من استعادة مخططين عشوائيين وصلت مساحتهما إلى مليون و400 ألف م2، كانا قد تعرضا للسطو من قبل لصوص الأراضي خلال الشهور الماضية.
من جهتها أوقفت بلدية ظهران الجنوب بمنطقة عسير، تعديات على مساحة تقدّر بأكثر من 9 آلاف متر مربع من الأراضي الحكومية البيضاء في منطقة المبرح شمال المدينة، حيث قامت البلدية بإزالة الإحداثات المخالفة، وهي عبارة عن مسحيات وعقوم ترابية ومبانٍ من الحجر، بعد أن تحققت الفرق الميدانية لمتابعة التعديات من عدم وجود أي مستمسكات شرعية لدى المواطنين، مما استوجب إزالة التعديات.
إلى ذلك نفّذت بلدية محافظة أُحد رفيدة بالتعاون مع الجهات الأمنية والحكومية إزالات على بعض التعديات على أراضٍ حكومية بمساحة تزيد على 10.000 متر مربع من الإحداثات على مواقع مختلفة لأراضٍ حكومية في مخطط الصوامع، حيث تمثلت التعديات في إنشاء أسوار من الحجر وأحواش وغرف غير نظامية ومن دون تراخيص بناء أو مستمسكات شرعية، حيث تمت الإزالة وأخذ التعهد على المعتدين وإنذارهم بالغرامات إن تكرر مرة ثانية الاعتداء على تلك الأراضي والممتلكات الحكومية.
تأتي هذه الجهود في إطار حرص وزارة الشؤون البلدية والقروية على متابعة الأراضي الحكومية مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وتطبيق الأنظمة والتعليمات بهذا الخصوص.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».