المغرب: الحكم على الصحافي بوعشرين بـ12 سنة سجناً

أصدرت محكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء في الساعات الأولى من صباح أمس، حكما بالسجن لمدة 12 عاما على الصحافي توفيق بوعشرين، بعد إدانته بارتكاب اعتداءات جنسية، وإلزامه بدفع تعويضات مالية قدرها 200 ألف درهم (20 ألف دولار) لثماني ضحايا، فيما اعتبر المتهم «محاكمته سياسية».
وكان اعتقال بوعشرين في 23 من فبراير (شباط) الماضي، قد أثار ضجة واسعة في المغرب، وشكل صدمة للوسط الإعلامي بسبب التهم الثقيلة التي وجهت إليه، حيث أحيل على الجنايات من أجل «الاشتباه في ارتكابه جنايات الاتجار في البشر باستغلال الحاجة والضعف، واستعمال السلطة والنفوذ لغرض الاستغلال الجنسي عن طريق الاعتياد والتهديد بالتشهير، وارتكابه ضد شخصين مجتمعين، وهتك العرض بالعنف والاغتصاب ومحاولة الاغتصاب»، وأيضا من أجل «جنح التحرش الجنسي، وجلب واستدراج أشخاص للبغاء، من بينهم امرأة حامل، واستعمال وسائل للتصوير والتسجيل»؛ وهي الأفعال التي يشتبه أنها ارتكبت في حق ثمانية ضحايا وقع تصويرهن بواسطة لقطات فيديو يناهز عددها 50 شريطا مسجلا على قرص صلب، ومسجل فيديو رقمي»، حسب بيان النيابة العامة.
وبعد ست ساعات من المداولة و43 جلسة مغلقة، قضت المحكمة بمؤاخذة بوعشرين بجميع التهم والجنايات، التي توبع بها. كما قضت المحكمة بأداء بوعشرين للمشتكيات المطالبات بالحق المدني، وبينهن صحافيات كن يعملن في مؤسسته، تعويضا يتراوح ما بين 500 و100 ألف درهم (5 و10 آلاف دولار).
وظل بوعشرين مدير نشر صحيفة «أخبار اليوم»، والموقع الإلكتروني «اليوم 24» ومحاموه، وكذا المتعاطفين معه طيلة أطوار المحاكمة التي استغرقت أزيد من ثمانية أشهر يصرون على أن سبب اعتقاله يعود إلى كتاباته الصحافية المزعجة للسلطات، وهو ما أكده بوعشرين مجددا عندما منحه القاضي حق الإدلاء بكلمته الأخيرة قبل النطق بالحكم، إذ أنكر بوعشرين في كلمته أن يكون هو الشخص الذي يظهر في الفيديوهات التي عرضت أثناء المحاكمة في جلسات مغلقة، مشيرا إلى أنه «لم ير سوى علاقات رضائية في أجواء مرحة بعيدا عن أي ممارسات للاتجار في البشر»، وأنه ضحية «محاكمة سياسية بسبب قلمه»، بحسب ما أفاد محاموه.
ووصف المحامي عبد الصمد الإدريسي، عضو هيئة دفاع بوعشرين، الحكم بـ12سنة سجنا نافذا على موكله بأنه «حكم جد قاس».
وعبر عن أسفه لقيام هيئة الحكم بإدانة بوعشرين بقانون الاتجار بالبشر، مشيرا إلى أنها رفضت في نفس الوقت كل طلبات الدفاع، بدءا من استدعاء الشهود. كما رفضت إجراء خبرة مضادة، مشيرا إلى «خروقات شابت الملف»، وأن «هذا الحكم لا ينبغي أن يكون مرعبا»، كما عبر عن أمله في أن تصححه المحكمة في طور الاستئناف.
أما المحامي محمد زيان فقال إنه «لا أحد يصدق أن موكله وثق الاعتداءات الجنسية التي قام بها».
من جانبها، قالت فتيحة اشتاتو، عضو هيئة دفاع المشتكيات، إن الحكم الصادر في حق بوعشرين لم يجبر الضرر الذي لحق بالضحايا، مبرزة أن الحكم بـ12 سنة لن يرد الاعتبار لضحاياه اللواتي كن يعملن معه بسبب التشهير الذي لحق بهن. بينما قال المحامي الحبيب حاجي إن تهمة الاتجار بالبشر التي وجهت إلى بوعشرين كانت تقتضي الحكم عليه بـ20 سنة سجنا.
وكانت المحكمة قد عرضت في جلسات مغلقة فيديوهات توثق «مشاهد الاعتداءات الجنسية» حسب دفاع المشتكيات، بينما ظل دفاع بوعشرين يشكك في صحتها.
وقد أخضع الدرك الملكي هذه الفيديوهات لخبرة تقنيّة، بطلب من النيابة العامة ودفاع المطالبات بالحق المدني، خلُصت إلى أنّها «غير مفبركة». لكنّ دفاع بوعشرين اعتبر أنّ الخبرة «لم تؤكّد أنه هو الذي يظهر فعلا في هذه الفيديوهات».