معرض بورتريهات في مراكش يكشف عن وجوه المغاربة

شخصت فيه المصورة الراحلة ليلى عَلوي خريطة بلد غني بتعددية الطقوس والعادات

معرض بورتريهات في مراكش يكشف عن وجوه المغاربة
TT

معرض بورتريهات في مراكش يكشف عن وجوه المغاربة

معرض بورتريهات في مراكش يكشف عن وجوه المغاربة

في «منتصف الطريق بين التوثيق والفن»، يقترح علينا متحف إيف سان لوران بمراكش معرضاً، تحت عنوان «المغاربة»، للمصوِّرة الفوتوغرافية المغربية وفنانة الفيديو الراحلة ليلى عَلوي (1982 - 2016)، التي كانت، كما قال عنها رجل الأعمال بيير بيرجيه، في 2017، بعد أن منحتها فرنسا، بعد وفاتها، وسام الفنون والآداب برتبة قائد: «من ضمن الناس الملتزمين الذين لا يترددون في ارتياد مختلف جهات المعمور لمدِّ العون للآخرين وللشهادة على أوضاعهم»، مشيراً إلى أن «الطريقة التي غادرتنا بها هذه الفنانة التي كانت مقتنعة أعمق اقتناع بمبادئها، تبرر الكفاح الذي خاضته طيلة حياتها من أجل إرساء التسامح».
ويهدف هذا المعرض، الذي يقترح 31 عملاً فنياً، والمفتوح بشكل مجاني أمام زواره، إلى 5 فبراير (شباط) المقبل، إلى تكريم روح ليلى عَلوي في مدينة نشأتها، مراكش، ثلاث سنوات على ذهابها ضحية هجوم إرهابي في يناير (كانون الثاني) 2016 بواغادوغو، أثناء إعدادها تقريراً صحافياً لصالح منظمة العفو الدولية.
وأنجزت علوي سلسلة «المغاربة» بين 2010 و2014، هي التي عُرِفت بأعمالها الملتزمة ذات النفحة الإنسانية.
بالنسبة لغيوم دو سارد، القيم على المعرض، فـ«الأمر لا يتعلق بمشاهد من الحياة اليومية، وإنما ببورتريهات، بالمعنى الأقوى والأكثر كلاسيكية للكلمة».
وزاد دو ساد، تحت عنوان «ليلى عَلوي أو الكشف عن الوجوه»، أن الاستوديو المتحرِّك الذي كانت تحمله معها الفنانة الراحلة في رحلتها البرية المغربية «يكشف تماماً عما تنتظره من موديلاتها: أي أن يقفوا في وضعية التصوير التي عفّى عنها الزمن، غير أنها وضعية تجعل المصورة الشابة تندرج، من خلال دفق طويل من الصور، في تقليد فني عتيق».
يرى دو ساد أنه يبقى «من المستحيل تماماً ألا يكون المرء منا حساساً للبعد الفني العميق لصور ليلى عَلوي»، هذه الفنانة التي «تبنت الخلفية المحايدة، وهي، هنا، الأسود، والمواجهة الواضحة بين الشخص وعين الكاميرا»، مشيراً إلى أنه «كما هو الأمر في البورتريه الكلاسيكي، فإن المكانة التي يأخذها اللباس، هنا، سواء كان ذا ألوان فاخرة أو لباساً يومياً عادياً، أمر يكاد ينسينا في حضور الأجساد. ليس مبتغى الرجال والنساء الذين يمنحون أنفسهم لعدسة ليلى عَلوي ممارسة الإغراء». وبالمقابل، فإن «تدمير اللباس للجسد يمكن من كشف حقيقي للوجه». وهكذا، فـ«من عمل إلى عمل فني آخر، لا تحتفظ ذاكرتنا سوى بالوجوه والنظرات. نظرات تلك الوجوه هي ما سيظل في بال زوار المعرض».
وفي نهاية المطاف، يضيف دو ساد، فإن «مشروع ليلى عَلوي الفني هو ربما، قبل كل شيء، مشروع أخلاقي؛ فهي تستدعي تلك التعابير الجميلة؛ (الكرامة) و(الكبرياء). التعبير الأخير، على وجه الخصوص، يخلق الشعور نفسه الذي نلاقيه لدى غالبية الشخصيات المصورة. نظرات هؤلاء فائقة التركيز، لأن إظهار الجمال أمر جدي، ولكن أيضاً ابتسامتهم رقيقة. ليست تلك ابتسامة مزيفة، إنما هي ابتسامة رضا، ابتسامة مَن يشعر بشكل من أشكال الخلود الذي تمنحه الصورة لعمله وحضوره».
يرى دو ساد أن المشاهِد لا يمكن إلا أن «يتأثر بتلك العظمة التي تبرز من صور ليلى عَلوي؛ عظمة الجلال والصمت. كيف يمكننا القول بطريقة أفضل إن الفنانة الشابة حققت رغبتها بالكامل؛ أن نشهد في الوقت نفسه على (أناقة عظيمة) و(استقلالية شرسة)».
من جهته، يرى بيورن دالستروم، مدير المتحف الأمازيغي بحديقة ماجوريل ومتحف إيف سان لوران بمراكش، أنه «كان على ليلى عَلوي أن تنتج (أرشيفاً مرئياً للتقاليد المغربية والعوالم الجمالية التي بدأت بالاختفاء تحت تأثير العولمة)»، مشيراً إلى أننا «نشعر في هذا العمل بالحاجة الملحَّة لجرد الجهات الفاعلة الأخيرة من الثقافات المادية وغير المادية التي باتت في خطر».
وزاد دالستروم، تحت عنوان «المغرب في العيون»، أن «التصوير بشكل مواجهٍ تماماً للكاميرا، كذلك حجم الصورة المهول في بعض الأحيان، كلاهما عنصر يمنح نوعاً من النبل والتكريم الاحتفالي. أما عناصر الزينة التي توضح مهنة البعض (الآلات الموسيقية، وبطاقات العرافة والثعبان لساحر الثعابين، وما إلى ذلك) فهي جزء من التقاليد الكلاسيكية لفن البورتريه».
يرى دالستروم أن المصورة تختار شخصيتها في الشارع أو في المقهى، فتخلِّدها العدسة بشكل شبه فوري في استوديو صغير متنقل، تم تركيبه في مكان قريب لهذا الغرض تحديداً. تلك هي «مفارقة هذه السلسلة من الصور، في منتصف الطريق بين التوثيق والفن»، وهو «نهجٌ اتخذته ليلى عَلوي التي كانت تحارب صورة ريفية ذات نظرة استشراقية متعالية، كي تعمل بدلاً من ذلك لإظهار شخصيات شديدة الأناقة، ذات استقلال شرس».
في معرض ليلى عَلوي، يضيف دالستروم: «لا فلكلور، لا شيء مزور، وموضوعية هذه الصور تثبت ذلك. النسوة العجائز من شمال جبالة، على الرغم من أنهن ربما آخر من يفعلن ذلك، يتحَزّمن دائماً بفوط مخططة حمراء وبيضاء، مستطيلات من القطن والصوف المنسوج، ويعتمرن قبعات القش ذات شرابات الصوف الأزرق. نلتقي بهن في طنجة في السوق، يبعن الجبن الطازج، أو يعملن في حقول وادي الريف. عرائس إملشيل الأطلس الكبير تلبسن في موسم الأعراس معاطفهن الصوفية المخططة، وقلادات العنبر أو اللبان حول الرقبة كرمز للخصوبة. في خملية بجنوب شرقي المغرب، على أبواب الصحراء، تتواصل تقاليد العرائس ذلت الوجوه المغطاة بالأوشحة البيضاء كالأشباح، أحجبة مصنوعة من الحرير النباتي الأحمر. لا يختلف جامع الفنا، الميدان الرئيسي لمراكش، بموسيقييه وبهلواناته وعرافاته وعتالين الماء».
هكذا، نكون مع «فنانة تركب بصورها خريطة للمغرب، مستخدمة هذه المؤشرات التي يعرضها أفراده بفخر، والتي تحدد على الفور انتماءاتهم الاجتماعية والقبلية»، يضيف دالستروم، مشيراً إلى أن «هذا التنوع هو ما يميز المغرب. ذلك البلد الذي مرت به الفنانة وعرفته في طفولتها، البلد الغني بالتعددية من الطقوس والعادات التي أحبتها وأرادت تأريخها في هذه السلسلة من الصور، قبل أن تتحول أو تختفي».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.