عائلات متطرفين تغادر معاقل الإرهاب في الجزائر

نساء منتقبات وأطفال صغار عاشوا داخل مخابئ بالجبال

أبو أيمن ثابت داخل غرفة يعتقد أنها في ثكنة (وزارة الدفاع الجزائرية)
أبو أيمن ثابت داخل غرفة يعتقد أنها في ثكنة (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

عائلات متطرفين تغادر معاقل الإرهاب في الجزائر

أبو أيمن ثابت داخل غرفة يعتقد أنها في ثكنة (وزارة الدفاع الجزائرية)
أبو أيمن ثابت داخل غرفة يعتقد أنها في ثكنة (وزارة الدفاع الجزائرية)

قالت وزارة الدفاع الجزائرية إن متطرفا سلَم نفسه للسلطات العسكرية بشرق البلاد، وكان معه أفراد عائلته وعائلتي متطرفين آخرين، وعددهم 12 شخصا يوجد من بينهم نساء وأطفال. كما سلَم إرهابيان نفسيهما للجيش بالقرب من الحدود مع ليبيا.
وذكرت الوزارة بموقعها الإلكتروني، أن الإرهابي المسمى بلال فيلالي، الشهير باسم «أبو أيمن ثابت»، وضع مصيره بين يدي الجيش أول من أمس بسكيكدة (550 كلم شرق العاصمة). وكان معه أفراد أسرته وهم زوجته وأبناؤهما الخمسة (ولدان وثلاث بنات). كما غادر معه معقل الإرهاب، بحسب الوزارة، عائلتان تتبعان لمتطرفين تم القضاء عليهما في عملية عسكرية بوقت سابق. وتتكون العائلتان من امرأتين وأبنائهما الثلاثة. وأفادت الوزارة بأن توقف المتطرف عن العمل المسلح، «تم في إطار مكافحة الإرهاب وتتويجا لجهود قوات الجيش الشعبي الوطني»، غير أنها لا تذكر تفاصيل عن الظروف التي سلَم فيها فيلالي نفسه، ولا اسم الجماعة المتشددة التي كان ينتمي إليها. في المقابل، ذكرت الوزارة أنه «التحق بالجماعات الإجرامية سنة 1998»، وأنه لحظة تسليم نفسه كان يحمل مسدسا رشاشا من نوع كلاشنيكوف وثلاثة مخازن ذخيرة مملوءة».
ونشرت الوزارة 6 صور أرفقتها بخبر توقف «أبو أيمن» عن الإرهاب، يظهر في بعضها رفقة 3 نساء منتقبات وأطفال داخل غرفة يعتقد أنها في ثكنة عسكرية، كما تظهر في صورة أخرى، النساء المنتقبات مع أطفال صغار في مكان جبلي. وصورة أخرى لمخبأ في غابة يرجَح أنه ملجأ المتطرفين. وبالنظر لصغر سن الأطفال، حسب الصور، يتوقع أنهم ولدوا في مخابئ المتطرفين. ويطلق الإعلام عليهم «أطفال الجبل»، ويبلغ عددهم حسب إحصاء وزارة الداخلية 600 طفل.
يشار إلى أن سكيكدة من المناطق التي عشش فيها الإرهاب، خلال تسعينات القرن الماضي. ويطلق على تلك الفترة «العشرية السوداء». وسقطت بالمنطقة أرواح آلاف المدنيين، وقتل الجيش المئات من المتطرفين، بعضهم قياديون في تنظيمات خطيرة، مثل «الجماعة المسلحة» و«الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، التي تحوَلت مطلع 2007 إلى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي».
في نفس السياق، نشرت وزارة الدفاع أن إرهابيين آخرين سلَما نفسيهما للسلطات العسكرية بجانت بالناحية العسكرية الرابعة (أقصى جنوب شرق). ويتعلق الأمر، حسب نفس المصدر، بطرمون علي المكنى «فارس»، ونايلي عصمان. وقد كان بحوزتهما مسدسان رشاشان من نوع كلاشنيكوف وستة خوازن ذخيرة مملوءة. ولم تذكر وزارة الدفاع أي تفاصيل أخرى عن هذه القضية، فيما تعرف جانت بتجارة السلاح وبقربها من الحدود الليبية، حيث التهديدات الأمنية كبيرة.
من جهة أخرى، قالت الوزارة إن الجيش «اكتشف ثم دمَر» بباتنة (400 كلم شرق العاصمة) 17 مخبأ للجماعات الإرهابية وخمس قنابل تقليدية الصنع، ومعدات تفجير مختلفة بالإضافة إلى ألبسة وأغطية. وأفادت بأن «هذه النتائج النوعية، تؤكد من جديد على فعالية المقاربة التي تعتمدها القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، قصد القضاء على ظاهرة الإرهاب واستتباب الأمن والطمأنينة في كامل أرجاء البلاد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.