تركيا تشير إلى إعفاء بنسبة 25 % من العقوبات الأميركية على طهران

أكدت أنها ستواصل شراء الغاز الإيراني

TT

تركيا تشير إلى إعفاء بنسبة 25 % من العقوبات الأميركية على طهران

أعلن وزير الطاقة التركي فاتح دونماز، أن بلاده حصلت على إعفاء من نحو 25 في المائة من العقوبات النفطية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، بما يعادل نحو ثلاثة ملايين طن من النفط سنوياً.
وقال دونماز، في تصريحات أمس الجمعة، إن مصفاة توبراش (مصفاة التكرير التركية) تبحث عن بدائل لتجنب حدوث أي مشكلات بالسوق. وأضاف أن النسبة البالغة 25 في المائة تقريبية، وأن أنقرة لم تتلق بعد الرقم الدقيق.
وكان مسؤولون أميركيون قالوا إن واشنطن اتفقت مع أنقرة على إعفائها من العقوبات التي فرضت على إيران الأسبوع الماضي في مجال الطاقة لمدة 6 أشهر.
وقال دونماز إن تركيا لديها عقد لشراء الغاز الطبيعي من إيران لمدة خمس إلى ست سنوات، وإن أنقرة ستواصل شراء الغاز من إيران.
وأعلنت تركيا، على لسان الرئيس رجب طيب إردوغان، الثلاثاء الماضي، أنها لن تلتزم بالعقوبات الأميركية، كما اعتبرت أن العقوبات التي تفرض من جانب واحد غير مقبولة، ولا يجب أن تتوقع أميركا من جميع الدول الالتزام بها.
في السياق ذاته، قال المستشار التجاري في السفارة الإيرانية بالعاصمة التركية أنقرة، سيد حافظ موسوي، إن تأثير العقوبات الأميركية على بلاده سيبقى محدوداً على اقتصاد المنطقة، وإن هذه العقوبات فرصة أمام الشركات التركية في إيران لتعزيز وجودها هناك.
وأضاف أن بلاده تتعرض للعقوبات الأميركية منذ سنوات، وأن اقتصاد بلاده يعمل بشكل مستقل عن الأسواق العالمية، ولذلك يكون تأثره بالعقوبات الأميركية ضعيفاً.
وأشار إلى أن العقوبات الأميركية تنعكس بالسلب على اقتصاد الدول الجارة لإيران، ودول الشرق الأوسط التي تربطها علاقة مع إيران، لكنها في الوقت ذاته تمثل فرصة للدول المجاورة لإيران، خصوصاً القطاع الخاص فيها، وذلك لعدم ارتباطها بالشركات الأميركية التي قد تطولها العقوبات، ما يفتح الباب لتطوير العلاقات وتحويل العقوبات إلى فرص.
وكان وفد تجاري تركي، غير رسمي، زار طهران الأسبوع الماضي لبحث تعزيز التجارة بين البلدين، التي بلغ حجمها 10 مليارات دولار العام الماضي (2017)، لكنه تراجع خلال العام الحالي لظروف العقوبات والوضع الاقتصادي في تركيا.
ورحب موسوي بموقف بعض الدول الأوروبية كألمانيا وفرنسا وبريطانيا، الرافض للعقوبات الأميركية على بلاده. وأوضح أنه يمكن زيادة التعاون في قطاع السياحة والاستثمارات بين بلاده وتركيا، وتقوية العلاقات الثنائية.
ولفت موسوي إلى أن اللقاءات بين مسؤولين إيرانيين مع المسؤولين الروس والصينيين والأتراك حول استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري، متواصلة بإيجابية، وأن بلاده مستعدة للتعامل بالعملات المحلية مع هذه الدول.
وتسعى تركيا إلى القيام بالتبادل التجاري مع الكثير من الدول، بينها إيران والصين، بالعملات المحلية، في مسعى لكسر احتكار الدولار، خصوصاً بعدما تكبدت عملتها (الليرة التركية) خسائر فادحة أمامه هذا العام وخسرت أكثر من 40 في المائة من قيمتها ما أثر على حركة التجارة، وأدى إلى تفاقم العجز التجاري وارتفاع التضخم إلى مستوى يفوق 25 في المائة للمرة الأولى منذ 15 عاماً.
من ناحية أخرى، دعا رئيس المجلس الوطني، الغرفة الثانية في البرلمان الباكستاني، أسد قيصر، تركيا، للانضمام إلى مشروع الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني. ونقلت وسائل إعلام تركية عن قيصر قوله عقب استقباله السفير التركي لدى إسلام آباد إحسان مصطفى يورداكول، إن «باكستان تبدي أهمية لعلاقاتها مع تركيا، والحكومة الجديدة تريد تعزيز تلك العلاقات ونقلها إلى مستويات متقدمة».
ودعا قيصر، تركيا، إلى الانضمام للمشروع الذي تبلغ استثماراته قرابة 75 مليار دولار. وأضاف أن «مشروع الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني الذي تم توقيعه عام 2014 سيحقق منافع اقتصادية للبلدين الشقيقين تركيا وباكستان، وإن انضمام تركيا سيكون لصالح كل بلدان المنطقة».
من جهته، قال السفير التركي إن بلاده تولي أهمية للعلاقات مع باكستان، موضحاً أن تركيا ستعمل كل ما يلزم من أجل تطوير العلاقات بين البلدين.
ويهدف المشروع إلى ربط مقاطعة شينشيانغ الصينية ذات الأهمية الاستراتيجية شمال غربي البلاد بميناء غوادار الباكستاني، من خلال شبكة من الطرق والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب لنقل البضائع والنفط والغاز. وسيسهم المشروع في تحويل باكستان إلى نقطة عبور مهمة للبضائع الصينية إلى العالم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم