السودان يلجأ إلى «تغيير الخلطة» في محاولة لحل أزمة الخبز

طوابير طويلة أمام المخابز... وجولات ميدانية للمسؤولين

المسؤولون السودانيون كثفوا الجولات الميدانية على المطاحن («الشرق الأوسط»)
المسؤولون السودانيون كثفوا الجولات الميدانية على المطاحن («الشرق الأوسط»)
TT

السودان يلجأ إلى «تغيير الخلطة» في محاولة لحل أزمة الخبز

المسؤولون السودانيون كثفوا الجولات الميدانية على المطاحن («الشرق الأوسط»)
المسؤولون السودانيون كثفوا الجولات الميدانية على المطاحن («الشرق الأوسط»)

ضمن خطتها لمحاصرة أزمة الخبز، والحدّ من وقوف المواطنين في الطوابير لساعات طويلة، أعلنت الحكومة عزمها الاستعانة بالخبز المنتَج من الذرة المخلوط بدقيق القمح، وهو ما يمكّنها من ضمان توفير الخبز بكميات ملائمة لطلب الأسواق.
وكان للسودان تجربة في إنتاج الخبز المخلوط بالذرة قبل عامين، حيث تعاقدت البلاد مع شركتين روسيتين لاستيراد وتركيب مخابز للدقيق المخلوط بالذرة، إلا أن المشروع توقف دون إبداء أسباب، في حين كان ينتج الخط الواحد من المخبز الروسي أربعة ملايين رغيف. ويستهلك سكان الخرطوم المقدر عددهم بنحو 10 ملايين نسمة، نحو 25 مليون رغيف، بما يعادل 40 ألف جوال دقيق قمح.
وبدأت أزمة الخبز الحالية قبل أكثر من أسبوع، وهي الثانية في أقل من ثلاثة أشهر. وشوهدت خلال الأسبوع الماضي طوابير طويلة أمام منافذ بيع الخبز، في مشهد يشبه آخر أزمة شهدتها البلاد في أغسطس (آب) الماضي، التي حدثت بسبب نقص في الدقيق وعدم توفر النقد الأجنبي لدى بنك السودان المركزي لشراء احتياجات البلاد الاستراتيجية.
وفي محاولة للحد من الأزمة الحالية، أعلنت الحكومة السودانية، الأسبوع الماضي، عن زيادة دعمها للدقيق إلى مبلغ 35 مليون جنيه سوداني في اليوم (نحو 745 ألف دولار)، بدلاً من 25 مليون جنيه، واتفقت مع المطاحن على تحملها 350 جنيهاً في سعر الجوال البالغ 550 جنيهاً، وذلك لضمان عدم تخطي سعر الرغيف حاجز جنيه واحد.
كما أعلنت حكومة الخرطوم عن خطة لتعميم استخدام البطاقة التموينية الإلكترونية، واستخدام الذرة في إنتاج الدقيق، وفق تجارب رعتها المؤسسات العلمية السودانية وأثبتت نجاحها وفائدتها لصحة المواطن.
وتُعدّ السودان الدولة الأعلى في إنتاج الذرة في أفريقيا والعالم العربي، ويعيش ثلثا السكان على الذرة ومنتجاتها، خصوصاً في القرى والأرياف.
وقام وزير الدولة بالمالية مسلم أحمد الأمير، وموسى كرامة وزير الصناعة، أخيراً، بزيارات ميدانية لكبرى المطاحن في البلاد، لمتابعة انتظام إنتاج الدقيق المستخدم في الخبز. وقرر المسؤولان تشكيل غُرَف متابعة بالمحليات وتفعليها بالطريقة المثلى لضمان عدم التلاعب في الدقيق المدعم، وسنّ القوانين الرادعة للمخالفين، ومتابعة المخزون الاستراتيجي لسلعة الدقيق.
كما قررا مراقبة توزيع الدقيق بالتنسيق بين الولايات والأمن الاقتصادي وغرفة الدقيق والوكلاء واتحاد المخابز، لضمان وصول الكميات التي حددتها وزارة المالية لولاية الخرطوم المقدرة بنحو 43 ألف جوال من الدقيق في اليوم.
وأوضح كرامة أن كميات الدقيق الموجودة الآن في مطحني «سيقا» و«ويتا»، مطمئنة وكافية لسد الحاجة خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن إجمالي المطاحن الموجودة في السودان يبلغ 43 مطحناً، متوسطة وكبيرة، وتوفر بطاقة قصوى سبعة ملايين طن، بينما السودان يستهلك محلياً في حدود مليونين وخمسمائة ألف طن في العام. وقال: «ستكون هذه الزيارات دورية على المصانع حتى نقف على مشكلات الإنتاج وتحريك الإنتاج بالمواصفات للتجارة العالمية».
من جهته، ترأَّس الفريق أول شرطة هاشم عثمان الحسين، والي ولاية الخرطوم، اجتماعاً، أول من أمس، مع جميع المسؤولين المعنيين، لمتابعة خطة انسياب الدقيق للمحليات، وكيفية تجويدها من خلال التنسيق المحكَم لكل الأجهزة المختصة بالولاية، لضمان وصول الدقيق إلى المخابز. ووجَّه الوالي بتفعيل الرقابة على الكمية المسلَّمة للمخابز حتى لا يتم تسريبها، ومعرفة الاستهلاك الحقيقي للولاية من سلعة الدقيق، وتصنيف المخابز وحصرها في كل المحليات.
كما وجَّه المعتمدين مع الوحدات الإدارية واللجان الشعبية بالوقوف يومياً على حصص الدقيق الواردة إلى المخابز، والتأكد من توفيرها خبزاً للمواطن وللمدارس، وتفعيل الدور الرقابي المطلوب من الأمن والشرطة على مستوى المحليات، مؤكداً أنها مسؤولية الجميع، واعداً بحسم أي تلاعب بقوت المواطن.
إلى ذلك قال أصحاب مخابز لـ«الشرق الأوسط» إنهم تخلَّوا عن الالتزام بالوزن (80 غراماً) لقطعة الخبز، وذلك بعد ارتفاع تكاليف إنتاج الخبز، حيث ارتفع سعر كرتونة الخميرة من 400 إلى 1550 جنيهاً، وعبوة الزيت من 400 إلى 1100 جنيه، كما زادت أجور العمال والخبازين، وأسعار الكهرباء، ورسوم الماء التي يتم تحصيلها بقيمة ألف جنيه من كل مخبز.
وفيما رفض بدر الدين الجلال، الأمين العام لاتحاد أصحاب المخابز السوداني، التعليق على الأزمة الحالية للخبز، تداولت صحف تصريحات له بأن الأزمة الحالية «مؤقتة»، وذلك بعد التوصل لاتفاق بين الحكومة وأصحاب المطاحن يعيد كامل الدعم الحكومي للدقيق الخاص بالولايات. كما نقلت عنه أنه لا يتوقع حدوث ندرة في الدقيق، حيث أمَّن الاتحاد توصيل جميع احتياجات البلاد من الدقيق.
وكانت الحكومة اتجهت أخيراً لبيع الدقيق للولايات بنظامين، تجاري ومدعوم، ثم تراجعت عن قرارها. ونقلت الصحافة عن الجلال قوله إن الاتحاد سيقدم احتجاجاً لدى الجهات المسؤولة في حالة استمرار الأزمة، ذلك لأن كل أركان توفير الخبز للمواطنين قد تم حلّها.
وكانت وزارة المالية السودانية أعلنت أنها اتفقت مع أصحاب المطاحن على ضمان وفرة دقيق الخبز وانسياب المخابز بالمركز والولايات، وإعادة الإجراءات الخاصة بسياسة الدولة في دعم الخبز، ولا توجد نية لرفعه، بل سيستمر الدعم للخبز كالمعتاد. وأضافت أنها ستستمر في تحمل عبء فرق السعر بين الأسعار المحلية المدعومة والعالمية للقمح. كما أنها مستمرة في سياسة إعفاء القمح ومدخلات إنتاج الدقيق من كل الرسوم الجمركية، وفي إعطاء القمح الأولوية في استخدامات النقد الأجنبي، وتوفير الوقود والكهرباء والغاز للمطاحن.



انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)
يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)
TT

انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)
يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع في الأسبوع الماضي، مما يشير إلى استقرار سوق العمل في بداية العام، رغم أن بعض العمال المسرحين لا يزالون يواجهون صعوبات في العثور على وظائف جديدة.

وقالت وزارة العمل الأميركية، الأربعاء، إن طلبات الحصول على إعانات البطالة الأولية في الولايات انخفضت بمقدار عشرة آلاف، لتصل إلى 201 ألف طلب معدلة موسمياً في الأسبوع المنتهي في الرابع من يناير (كانون الثاني). وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 218 ألف طلب في الأسبوع الأخير. وقد تم نشر التقرير قبل يوم واحد من الموعد المقرر، حيث تغلق مكاتب الحكومة الفيدرالية، الخميس، تكريماً للرئيس السابق جيمي كارتر الذي توفي في 29 ديسمبر (كانون الأول) عن عمر ناهز 100 عام.

وعلى الرغم من أن طلبات الحصول على الإعانات تميل إلى التقلب في بداية العام، فإنها تتأرجح حول مستويات تدل على انخفاض حالات تسريح العمال، ما يعكس استقراراً في سوق العمل، ويدعم الاقتصاد الأوسع. وقد أكدت البيانات الحكومية التي نشرت، الثلاثاء، استقرار سوق العمل، حيث أظهرت زيادة في فرص العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع وجود 1.13 وظيفة شاغرة لكل شخص عاطل عن العمل، مقارنة بـ1.12 في أكتوبر (تشرين الأول).

وتُعد حالة سوق العمل الحالية دعماً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي قد يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير في يناير، وسط عدم اليقين بشأن تأثير السياسات الاقتصادية المقترحة من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب. وكان ترمب قد تعهد بتخفيض الضرائب، وزيادة التعريفات الجمركية على الواردات، فضلاً عن ترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين، وهي خطط حذر خبراء الاقتصاد من أنها قد تؤدي إلى تأجيج التضخم.

وفي ديسمبر، خفض البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة القياسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.25 في المائة - 4.50 في المائة. ورغم ذلك، توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة مرتين فقط هذا العام، مقارنةً بأربعة تخفيضات كان قد توقعها في سبتمبر (أيلول)، عندما بداية دورة تخفيف السياسة. جدير بالذكر أن سعر الفائدة قد تم رفعه بمقدار 5.25 نقطة مئوية في عامي 2022 و2023 بهدف مكافحة التضخم.

ورغم أن عمليات التسريح لا تزال منخفضة مقارنة بالمعايير التاريخية، فإن عمليات التوظيف شهدت تباطؤاً، مما ترك بعض الأشخاص المسرحين يواجهون فترات طويلة من البطالة. وأظهر تقرير المطالبات أن عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مؤشر على التوظيف، قد زاد بمقدار 33 ألف شخص ليصل إلى 1.867 مليون شخص معدلة موسمياً خلال الأسبوع المنتهي في 28 ديسمبر.

ويرتبط جزء من الارتفاع فيما يسمى «المطالبات المستمرة» بالصعوبات التي تتجاوز التقلبات الموسمية في البيانات. ومع اقتراب متوسط مدة البطالة من أعلى مستوى له في ثلاث سنوات في نوفمبر، يأمل الخبراء الاقتصاديون في تحسن الأوضاع مع نشر تقرير التوظيف المرتقب لشهر ديسمبر يوم الجمعة المقبل.

وأظهرت توقعات مسح أجرته «رويترز» أن الوظائف غير الزراعية قد زادت على الأرجح بحوالي 160 ألف وظيفة في ديسمبر، مع تلاشي الدعم الناتج عن نهاية الاضطرابات الناجمة عن الأعاصير والإضرابات التي قام بها عمال المصانع في «بوينغ»، وشركات طيران أخرى. وفي حين أضاف الاقتصاد 227 ألف وظيفة في نوفمبر، فإنه من المتوقع أن يظل معدل البطالة دون تغيير عند 4.2 في المائة.