وزيران عراقيان يواجهان خطر الإقالة لشمولهما بإجراءات اجتثاث «البعث»

5 وزراء اختيروا عبر الإنترنت بينهم وزير الخارجية

TT

وزيران عراقيان يواجهان خطر الإقالة لشمولهما بإجراءات اجتثاث «البعث»

أعلنت «هيئة المساءلة والعدالة» في العراق المسؤولة عن اجتثاث نظام البعث، أمس أنّ وزيرين في حكومة عادل عبد المهدي التي لم تكتمل بعد يواجهان خطر الإقالة، كونهما تولّيا مناصب في نظام صدام حسين. وللمرة الثانية، في غضون أسبوع، أخفق البرلمان العراقي في التصويت على من تبقّوا من أعضاء حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وعددهم 8، من مجموع 22 وزيراً، خلافاً لما تعهَّد به رئيس الوزراء بالانتهاء من إكمال حكومته، في موعد أقصاه السادس من الشهر الحالي. وبينما انشغل البرلمان، أمس، بتسمية لجانه البرلمانية، بالإضافة إلى مشكلة نفوق الأسماك، فإن الخلافات لا تزال مستمرَّة داخل المحورين الشيعي والسني بشأن وزارتي الدفاع والداخلية.
وفي خطوة ألقت مزيداً من التعقيد، في سبيل إكمال تشكيلة حكومة عبد المهدي، أعلنت هيئة المساءلة والعدالة عن شمول وزيرين بإجراءاتها من أصل 22 وزيراً، أرسلت ملفاتهم من قبل الحكومة قبل التصويت عليهم يوم الرابع والعشرين من الشهر الماضي. وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة، فارس عبد الستار المولى، في تصريح صحافي، أمس، إن الهيئة «أرسلَتْ كتاباً إلى مجلس النواب تضمَّن شرحاً تفصيلياً بوضع كل وزير من الـ22 اسماً»، وأكد «شمول وزيرين اثنين بإجراءاتها من ضمن الأسماء التي أُرسلت». وتجيء الخطوة بهدف منع المسؤولين في نظام صدام حسين من العودة إلى الحكم.
ولم يحدّد المتحدّث من هما الوزيران المعنيّان، لكنّ مسؤولاً في البرلمان قال لوكالة الصحافة الفرنسية، إنهما وزيرا الشباب والرياضة أحمد العبيدي، والاتصالات نعيم الربيعي. وحصل هذان الوزيران على ثقة البرلمان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع 12 وزيراً آخر. وبحسب الوكالة الفرنسية نقلاً عن مصدر أمني فإنّ الربيعي كان في عهد صدام حسين يشغل منصباً في جهاز الاستخبارات، وعضواً بالمستوى المتوسط في حزب البعث، مشيراً إلى أن عمله كان يتمثّل بمراقبة المعارضة الإسلامية. بالمقابل، لم تتّضح في الحال المسؤوليات التي كان يتولّاها أحمد العبيدي في نظام صدّام. وبحسب المسؤول البرلماني، فإنه يمكن إقالة هذين الوزيرين واستبدالهما في تصويت على الثقة مستقبلي.
وشُكّلت هيئة اجتثاث البعث في زمن الحاكم المدني الأميركي على العراق بول بريمر، في أعقاب سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وتحوّل اسمها لاحقاً إلى هيئة المساءلة والعدالة. وأعدّت هذه الهيئة قوائم بمسؤولي حزب البعث وضبّاط الأجهزة الأمنية في عهد صدام حسين، وطبّقت عليهم قانون اجتثاث البعث؛ بأن حظرت عليهم الترشّح لمناصب عامة. وبعد ما يقرب من ستة أشهر من الانتخابات التشريعية، لا تزال الحكومة العراقية غير مكتملة، إذ إن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لم يقدّم سوى جزء من تشكيلة حكومته إلى البرلمان، لأنه واجه معارضة نيابية لبعض مرشّحيه، خصوصاً لحقيبتي الداخلية والدفاع الأساسيتين في بلد خرج لتوّه من حرب استمرت ثلاث سنوات ضد تنظيم «داعش».
ويأتي إعلان هيئة المساءلة والعدالة ردّاً على طلب تقدم به رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي في 25 من الشهر الماضي، إلى الهيئة تضمن بيان موقف المرشحين للكابينة الوزارية «بشكل مفصَّل ودقيق». وكان رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، تحدَّث في وقت سابق عن تلك التهم التي شملت بعض وزرائه، قائلاً إنه قام بتوجيه «أسئلة رسمية إلى كل الجهات المعنية، كالنزاهة والجنايات والمساءلة والعدالة»، مشيراً إلى تسلُّمه تقارير من بعضها لكنه لا يزال ينتظر ردّاً من الجهات الأخرى. وأضاف: «لا نريد توجيه الاتهامات بناء على أقاويل وأشياء منسوبة لهم».
وخلال جلسة البرلمان التي عُقِدت، أمس (الخميس)، للتصويت على الوزراء المتبقين من التشكيلة الحكومية، البالغ عددهم 8، نفى محمد سلمان الطائي الناطق الرسمي باسم رئيس البرلمان، تسلّم رئاسة البرلمان لأي كتاب من هيئة المساءلة والعدالة بخصوص التهم المذكورة. وقال الطائي في تصريح صحافي إن «رئاسة مجلس النواب لم تتسلم بعد أي رد من هيئة المساءلة والعدالة حول الوزراء الـ14 المصوّت عليهم». وأشار إلى أن «كل ما أُشِيع حول فساد وزراء أمر لا يستند إلى دلائل إنما محض إشاعات، ولم تردنا أي معلومات بعد تثبت الأمر».
إلى ذلك، لم تتمكن الكتلتان الشيعية والسنية من حسم مرشّحيها لمنصبي الدفاع والداخلية. وطبقاً لما أبلغ به «الشرق الأوسط» مصدر مطلع، فإنَّ «الكتل السنية (...) فشلت في الاتفاق على أي من المرشحين التسعة، الذين كانت تقدمت بهم الكتلتان لشغل منصب وزير الدفاع، واضطرت إلى اللجوء إلى مرشّح تسوية، وهو رئيس كتلة تحالف القوى العراقية السابق والنائب عن محافظة ديالى صلاح الجبوري لهذا المنصب»، مبيناً أن «الجبوري يحظى بدعم كثير من الكتل بمن فيها الشيعية والكردية وبالتالي فإن فرصه للفوز بالمنصب كبيرة، رغم بروز عدد من المرشحين لهذا المنصب، من بينهم رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري».
وأوضح المصدر أن «الكتل السنية لم يعد أمامها كثير حول هذا المنصب، الذي من المتوقَّع أن يتم رفعه إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في غضون اليومين المقبلين، سواء كان صلاح الجبوري أو سواه»، متوقعاً «عدم حصول مفاجآت في هذا الشأن ما دام تم التحفُّظ على الأسماء التي كان يجري تداولها طوال الأسابيع الماضية».
وفي الجانب الشيعي، وطبقاً لما تداولته بعض وسائل الإعلام، فإن المحاولات جارية لإقناع زعيم التيار الصدري بالقبول بمرشح كتلة البناء فالح الفياض، لمنصب وزير الداخلية. وطبقاً لتلك المصادر، فإنه في حال استمرَّ رفض الصدر للفياض، فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى انهيار التوافق بين كتلتي «الفتح» بزعامة هادي العامري، و«سائرون» بزعامة مقتدى الصدر.
إلى ذلك أكد السياسي العراقي المستقل، نديم الجابري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإصرار على مفهوم التكنوقراط كشرط لتمشية الوزراء أو ترشيحهم من قبل الكتل آلية ليست مناسبة لتشكيل الحكومة، ذلك لأن منصب الوزير سياسي وليس فنيّاً، وبالتالي فإن التكنوقراط الفني لا يمكنه أن يحقق ما يحققه السياسي».
من جهة ثانية، أعلن موقع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أن 5 وزراء من مجموع 22 وزيراً أفرزتهم النافذة الإلكترونية دون أن يشير إلى أسمائهم.
وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع، فإن الوزراء الخمسة، هم وزير الخارجية محمد علي الحكيم، ووزير الصحة علاء العلوان، ووزير الكهرباء لؤي الخطيب، ووزير النفط ثامر الغضبان، ووزير الموارد المائية جمال العادلي. وأوضح المصدر أن «هؤلاء الوزراء الذين لا يشكُّ أحد بكفاءتهم، فضلاً عن عدم شمول أي منهم بالمساءلة والعدالة، ربما كانوا مؤيدين من كتل سياسية معينة مما سهَّل أمر اختيارهم لمواقعهم».
 



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.