مرشح للرئاسة الجزائرية «يغري» الناخبين بحل «أزمة العنوسة»

TT

مرشح للرئاسة الجزائرية «يغري» الناخبين بحل «أزمة العنوسة»

أثار ضابط متقاعد في الجيش الجزائري جدلا كبيرا في المنصات الاجتماعية الرقمية، بسبب طبيعة المقترحات التي قدمها للجزائريين، والتي تعهد بتجسيدها على أرض الواقع إن انتخبوه للرئاسة في 2019، إذ قال العقيد العسكري سابقا سليم لطرش إنه «سيكون المنافس الأول للرئيس عبد العزيز بوتفليقة» إن طلب لنفسه ولاية خامسة.
ويتعلق المقترح الذي جلب للطرش سخط البعض، وارتياح البعض الآخر، بحل مشكلة العنوسة في البلاد، حيث صرح لطرش في مقابلة مع فضائية خاصة بأن بالجزائر تضم 13 مليون امرأة عانس فاقت سن الثلاثين. ولحل ما يسميه «أزمة» عرض المرشح الرئاسي على كل رجل متزوج الاقتران بواحدة ممن تجاوزن الثلاثين، مقابل أن يهديه بيتا زيادة على تمويل حفل زفافه.
ولشرح تفاصيل اقتراحه بشكل أكبر، تعهد لطرش (58 سنة) بصرف منحة خاصة للزوجة الأولى «لأنها ستكون في هذه الحالة متخوفة، من دون شك، من اقتسام زوجها راتبه الشهري مع ضرتها». وفي نفس السياق، اقترح لطرش على المرأة العاملة التي ترغب في التوقف عن العمل للاعتناء بأطفالها أن يترك لها نصف مدخولها الشهري.
وبحسب الضابط المتقاعد فإن الجزائر «تملك موارد مالية تمكنها من سداد حاجيات 200 مليون ساكن»، فيما تقول الإحصائيات الرسمية إن عدد الجزائريين بلغ 41 مليون حتى نهاية 2016.
وأوضح المرشح المفترض للرئاسة أن «سبب حالة التخلف التي تعيشها الجزائر هي التوقعات الخاطئة وعدم كفاءة مسؤوليها». مشيرا إلى أنه يملك «حلولا لكل المعضلات»، ووعد بإقناع كل الأطر والكفاءات الجزائريين، الموجودين في الخارج، بالعودة إلى بلدهم لأنه «سيحقق لكل واحد منهم ما يريد في مجال تخصصه».
وبسؤال لطرش عن حظوظه إذا وجد أمامه الرئيس بوتفليقة مرشحا، في حالة ما حقق الشرط القانوني القاضي بجمع توقيع 65 ألف شخص، يتحدرون من 42 ولاية (محافظة)على الأقل (48 ولاية في البلاد)، أجاب بنبرة حازمة: «سأكون أول وأكبر منافس له». لكن هذا الشرط المذكور يعد عقبة كبيرة، غالبا ما يفشل في تخطيها المرشحون المفترضون، خاصة إذا لم يكونوا أعضاء في أحزاب تضمن لهم التأييد.
وقدم لطرش بمدونته وعودا كثيرة، تخص مشاكل تتخبط فيها الحكومة، ومنها أنه سيصرف منحة 10 آلاف دينار شهريا (100 دولار)، لكل شخص معاق يبدأ العمل بها منذ ولادته. وقال إنه «سيطبق النظام التعليمي الياباني في غضون سنوات قليلة»، مؤكدا «نهاية العمل بالنظام التعليمي الفرنسي»، التي ستكون على يده. لكن لطرش لم يشرح على أي أساس قدر بأن منظومة التدريس الجزائرية مستوحاة مما هو مطبق في المدارس الفرنسية.
ومن وعود لطرش أيضا، إطلاق سراح كل المساجين الذين أدانهم القضاء بسبب انتمائهم السياسي، وعددهم بضعة عشرات حاكمهم القضاء في تسعينيات القرن الماضي، بسبب شبهة إرهاب في إطار نشاطهم بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة. وقال بهذا الخصوص إنه «سيفعل أحكام الإعدام (مجمدة منذ 1993 لأسباب سياسية) ضد تجار المخدرات وخاطفي الأطفال، والضالعين في اختلاس المال العام».
إلى ذلك، أعلن البرلماني شيخ بربارة، قيادي «الحركة الشعبية الجزائرية»، في البرلمان أمس أن «التحالف الرئاسي»، الذي يدعم ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، سيعقد أول اجتماع له في 18 من الشهر.
وجرى أول من أمس الإعلان عن ميلاد هذا «التحالف»، في ختام لقاء جمع قيادات أربعة أحزاب، هي «جبهة التحرير الوطني» التي يرأسها بوتفليقة نفسه، و«التجمع الوطني الديمقراطي» بقيادة رئيس الوزراء أحمد أويحيى، و«تجمع أمل الجزائر» برئاسة وزير الأشغال العمومية سابقا عمر غول، و«الحركة الشعبية» بقيادة وزير التجارة سابقا عمارة بن يونس.
وقال بربارة إن قادة «التحالف الرئاسي» سيلتقون مرة واحدة كل شهر، تحسبا لانطلاق حملة انتخابات الرئاسة المرتقبة نهاية مايو (أيار)، أو بداية أبريل (نيسان) المقبلين.
يشار إلى أن ائتلافا مشابها قام عام 2004 لدعم ترشح بوتفليقة لولاية ثانية، وكان يتشكل من «الجبهة» و«التجمع» وحزب إسلامي كبير. وقد استمر إلى 2012، وتم حله بعد خروج «حركة مجتمع السلم» الإسلامية منه، وانتقلت إلى المعارضة على خلفية «ثورات الربيع العربي».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».