حسم الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الخلاف الدائر حول التعديل الوزاري الأخير، الذي أقره رئيس الحكومة يوسف الشاهد الاثنين الماضي، وقال في مؤتمر صحافي عقده أمس بقصر قرطاج، إن مصير الحكومة «سيكون بيد مجلس نواب الشعب (البرلمان)»، موضحا أنه لن يكون ضد البرلمان إذا قرر المجلس منحها ثقته، مشيرا إلى وجود نيات لتوريطه. لكنه «لن يقع في الفخ»، على حد تعبيره.
ونفى السبسي توجيه أي خطاب إلى البرلمان حول الخروقات الدستورية التي شابت عملية التعديل الوزاري، أو أنه أبدى امتعاضا شديدا من عدم إعلامه بهذا التعديل، ومن اعتباره في بعض الصحف المحلية مجرد «ساعي بريد». كما نفى انعدام التفاهم بينه وبين رئيس الحكومة حول إعلان التعديل الوزاري، إثر رجوعه من زيارة عمل إلى موريتانيا. لكنه أوضح أن تضايقه كان بسبب وجود أسماء غير معروفة بالنسبة إليه ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة، التي تضم 20 حقيبة وزارية، وقال إنه لم يعرف سوى خمسة مرشحين لتولي حقائب وزارية.
وبهذا الموقف «الدبلوماسي»، كما وصفه بعض المراقبين السياسيين، يكون الرئيس قد تغاضى عن الخلل الإجرائي الذي شاب عملية إخباره بمحتوى التعديل الوزاري من قبل رئيس الحكومة، وخفض مستوى الخلاف المزعوم بين رأسي السلطة التنفيذية بقوله إنه هو من اختار الشاهد لعدة خصال ومناقب طيبة يمتاز بها، مشددا على أنه لا مشكلة له مع رئيس الحكومة، وأنه «رئيس الدولة المؤتمن على تنفيذ الدستور وتيسير عمل الحكومة»، واستدرك قائلا: «لسنا الضد للضد. لكن هناك نواميس وتقاليد وذوق في ممارسة السياسة».
واغتنم رئيس الجمهورية هذه المناسبة لتذكير التونسيين بأنه الشخص الوحيد المنتخب مباشرة من قبل الناخبين، وقال بهذا الخصوص: «لا أتشبث بالبقاء في السلطة إذا اقتضى الأمر»، مشددا على أنه فوق كل الأحزاب السياسية، وأنه هو من يسهر على حسن تطبيق الدستور الجديد. كما نفى وجود نيات للتوريث الديمقراطي أو العائلي بقوله «لست رئيس دولة لأنني ورثت أبي، بل انتخبت من قبل الشعب».
وفي معرض حديثه عن الحكومة الحالية، وصف الرئيس التونسي حكومة الشاهد بعدد من الأوصاف، أهمها «حكومة الظل» بسبب الإسراع في الإعلان عن أعضائها الجدد دون علمه، و«حكومة تصريف الأعمال»، و«حكومة الدولة التونسية».
في غضون ذلك، استبقت حركة النهضة هذا المؤتمر الصحافي، وأعلنت من خلال مكتبها التنفيذي عن استنكارها محاولات بث الفتنة بين الحركة ورئاسة الجمهورية، وأكدت مجددا أن «احترام مؤسسة الرئاسة من مقتضيات احترام الدولة»، مشيرة إلى أن الحركة تقدر جهود رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في «إعلاء الراية الوطنية، والنأي بالبلاد عن الأزمات الداخلية والخارجية».
وقال المصدر نفسه إن «التباين في وجهات النظر حول موضوع الاستقرار الحكومي لا يعني التنكر لرئيس الدولة، أو السعي لإحداث القطيعة معه».
وفي تعليقه على بيان حركة النهضة، قال السبسي إنه هو الذي دعم وجودها في المشهد السياسي، وأرسى أسس التعامل الديمقراطي عبر الانتخابات، ومن خلال صناديق الاقتراع.
وقبل إعلان الرئيس عن نهج المصالحة وتجاوز الخروقات التي شابت عملية التعديل الوزاري، دعا المكتب السياسي لحزب النداء، الذي أسسه الباجي سنة 2012، يتولى رئاسته الشرفية، أعضاء الحزب المنتمين إلى الحكومة، إلى الانسحاب الفوري منها، واعتبر عدم الالتزام بهذه الدعوة «خروجا نهائيا من الحزب واستقالة من جميع هياكله»، وهو ما سيعقد العلاقة من جديد بين رئيس الحكومة، الذي تم تجميد عضويته من حزب النداء، مع عدد من الوزراء ووزراء الدولة وبعض المستشارين من الحزب نفسه، الذين يشاركون في حكومة الشاهد.
السبسي يحسم الخلاف حول التعديل الوزاري بترك مصير الحكومة للبرلمان
الرئيس التونسي ينفي وجود «خصومة» مع الشاهد
السبسي يحسم الخلاف حول التعديل الوزاري بترك مصير الحكومة للبرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة