لطالما ناشد عدد كبير من السينمائيين المصريين بضرورة عودة الدولة للمساهمة في الإنتاج السينمائي لإتاحة الفرصة للأعمال الجادة بالوجود في الأسواق، لمواجهة احتكار كبار المنتجين والموزعين وأصحاب دور العرض في مصر، وهو ما بدأت خطواته الأولى في التحقق بعدما أعلنت وزارة الثقافة المصرية، قبل 5 شهور من إنشاء شركة قابضة للاستثمار في المجالات الثقافية والسينمائية، يندرج تحتها عدد من الشركات، منها؛ «شركة الصناعات التراثية» و«شركة السينما» و«شركة الثقافة العامة والفنية».
وأكدت الوزارة أن الدولة تتجه لرعاية الثقافة والعمل على النهوض بالمستوى الفني والمهني وإعادة إحياء صناعة السينما والإبداع الثقافي السينمائي، وهيكلة المنظومة الثقافية والتراثية لمصر، تحقيقا للصالح العام، بإثراء المجتمع الثقافي والسينمائي لما يلبي طموحات الشعب.
وقال الدكتور خالد عبد الجليل، مستشار وزارة الثقافة المصرية لشؤون السينما، لـ«الشرق الأوسط» إن «الفكرة بدأت قبل سنوات، عندما اكتشفت وزارة الثقافة أن صناعة السينما لم تستفد من وجود الأصول السينمائية المملوكة للدولة تحت مظلة وزارة الاستثمار لمدة 20 عاما، وبالتالي كانت عودتها إلى وزارة الثقافة مطلبا سينمائيا».
وأكد عبد الجليل، أن وزارة الثقافة كانت تملك «هيئة السينما»، التي تضم 3 شركات، تم دمجها في شركة «مصر للصوت والضوء والسينما»، التابعة لوزارة الاستثمار، لتتولى إدارة أصول السينما المصرية المكونة من 4 مجمعات للاستديوهات و24 دار عرض سينمائي، بالإضافة إلى قطع من الأراضي، مشيرا إلى أن السينمائيين كافحوا مع الوزارة لعودتها إلى وزارة الثقافة حتى تعود بالفائدة على صناعة السينما، وبالفعل صدر قرار رئيس الوزراء لعام 2015 بإنشاء شركة للاستثمار في الصناعات الثقافية تتبعها بداية شركتان، واحدة للسينما إنتاج وتوزيع ودور عرض، وأخرى للحرف التراثية.
وأوضح عبد الجليل، أن العالم يشهد حاليا ثورة في الصناعات الثقافية، ووزارة الثقافة المصرية تمتلك أصولا في المجالات المختلفة للسينما والمسرح وقصور الثقافة والحرف التقليدية، فكان القرار بإنشاء شركة للصناعات الثقافية تندرج تحتها شركات متعددة، من بينها شركة للسينما.
وأشار «عبد الجليل» إلى أن الدولة من خلال هذه الشركة يمكن أن تنتج أفلاما أو تشارك آخرين في الإنتاج سواء بالمال، أو توفير الدعم اللوجيستي، كما يمكن لهذه الشركة أن تدخل في شراكة مع صناع الأفلام الذين يحصلون على دعم غير مسترد من المركز القومي للسينما ولا يجدون من يساعدهم في استكمال أفلامهم.
وتابع عبد الجليل: «أهداف الشركة القابضة، المساهمة في زيادة عدد الأفلام المنتجة، وتنشيط الساحة السينمائية بوجود أدوات ومعدات، وأماكن يمكن تحويلها للتصوير المفتوح، وما تمتلكه الشركة من استديوهات هي الأكبر والأعرق في الشرق الأوسط، بعد تحديثها، والتي يمكن الشراكة بها لوجيستيا مع القطاع الخاص، في إنتاج الأفلام، كما تستهدف الشركة دعم وجود الأفلام الجادة والمتميزة، بحيث تجد لها مكانا في دور العرض المملوكة للدولة التي سيتم إعادة العمل على تقسيمها وتحويلها إلى مجمعات سينمائية بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني».
إلى ذلك، تواجه الرؤية التي طرحها مستشار وزارة الثقافة لشؤون السينما عدد من المخاوف والشكوك، حول مدى جدية الدولة في الالتزام بما أعلنته، وهو ما يتحدث عنه الناقد السينمائي خالد محمود، لـ«الشرق الأوسط»، حيث يقول إن «صدور قرار بإنشاء شركة قابضة للصناعات الثقافية والسينما يحمل نيات طيبة لكن على أرض الواقع، هناك شكوك في أنه سيكون مفيد لصناعة السينما المصرية، لوجود سوابق بالإعلان عن دعم السينما وعدم الوفاء بهذه الوعود، فلجنة دعم السينما لم تف بمستحقات الأفلام الفائزة على مدار الـ3 سنوات الماضية، وما تزال هذه المشروعات موقوفة بلا تنفيذ، فإذا كانت الدولة لم تف بوعدها لشباب السينمائيين ولا حتى في مشروع مجلس الوزراء بدعم السينما بـ200 مليون جنيه، فكيف ستوظف الدولة هذه الشركة لإنتاج المشروعات السينمائية؟
وأضاف محمود: «من بين أهداف الشركة، إنتاج مشروعات سينمائية، لكن في الوقت نفسه هناك مخاوف بين السينمائيين من اختيار أفكار وموضوعات بعينها دون منح أفكار أخرى حرية التنفيذ، خاصة أنه ليس معروفا حتى الآن بعد 5 شهور من الإعلان عن الشركة، من الذي سيحكم على نوعية الأفلام المزمع إنتاجها».
وتساءل محمود: «هل سيتم تشكيل لجان أخرى، كما هو منصوص في القرار وكما هي العادة يضيع الوقت وتضيع المشروعات طبقا لأهواء تلك اللجان».
وأكد خالد محمود، أن كثيرا من السينمائيين يرون ضرورة وجود الدولة في عمليات الإنتاج السينمائي، من منطلق إنتاج أعمال سينمائية كبرى تستطيع المنافسة في المهرجانات العالمية، ولتحدث تغييرا في نمط الأفلام السائدة في السوق المحلية، ولكن هذا العنصر يتطلب أن تكون رؤية الدولة للسينما أكثر وضوحا، وهذا ليس متحققا.
وطالب محمود، بأن تؤكد وزارة الثقافة نيتها الطيبة، بتطوير البنية الأساسية لاستديوهات السينما في مصر، لأنها لم تعمل على تطويرها وفي الوقت نفسه لم تمنح الحرية للقطاع الخاص أن يستثمر فيها.
وتابع: أنصح وزارة الثقافة بالتركيز في تقديم الدعم اللوجيستي، للمنتجين، وليس في منافستهم بالإنتاج، كأن توفر استديوهات، وتيسر التصوير في الأماكن السياحية والأثرية، وتساعدهم في التوزيع في دور العرض الخاضعة لها، لتوفر مساحة للأفلام الجادة، وتنقذها من احتكار شركات التوزيع المملوكة للمنتجين الذين هم أيضا أصحاب دور العرض.
«الثقافة» المصرية تستعيد أصولها السينمائية للاستثمار في صناعة الأفلام
تخطط لتطوير الاستديوهات ودور العرض والمشاركة في الإنتاج
«الثقافة» المصرية تستعيد أصولها السينمائية للاستثمار في صناعة الأفلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة