مسيحيو سوريا يستقبلون أعياد الميلاد بالقلق.. ولحام يصف أوضاعهم بـ«المأساة الرهيبة»

سوري يبكي أقارب له قتلوا جراء غارة نفذتها الطائرات السورية على مدينة حلب التي تتعرض للقصف منذ أيام (رويترز)
سوري يبكي أقارب له قتلوا جراء غارة نفذتها الطائرات السورية على مدينة حلب التي تتعرض للقصف منذ أيام (رويترز)
TT

مسيحيو سوريا يستقبلون أعياد الميلاد بالقلق.. ولحام يصف أوضاعهم بـ«المأساة الرهيبة»

سوري يبكي أقارب له قتلوا جراء غارة نفذتها الطائرات السورية على مدينة حلب التي تتعرض للقصف منذ أيام (رويترز)
سوري يبكي أقارب له قتلوا جراء غارة نفذتها الطائرات السورية على مدينة حلب التي تتعرض للقصف منذ أيام (رويترز)

يمر عيد الميلاد على المسيحيين السوريين في ظل ظروف قلقة، دفعت أعدادا منهم إلى الهرب خارج مناطقهم نتيجة الصراع الدائر في البلاد منذ مارس (آذار) 2011. ويؤكد بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك، غريغوريوس الثالث لحام، نزوح نحو 450 ألف مسيحي إلى داخل سوريا وخارجها وقتل 1200، إضافة إلى تعرض 60 كنيسة للدمار، واضطرار سكان 24 بلدة مسيحية للهرب منها».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن لحام، الذي ترأس في دمشق أمس صلاة من أجل «عودة المحبة والأمل» إلى سوريا، قوله بأن «المأساة رهيبة. نحن جميعا مهددون، مسيحيين ومسلمين».
وتزايدت مخاوف المسيحيين السوريين الذين يشكلون ما نسبته خمسة في المائة من عدد سكان سوريا في الفترة الأخيرة، بسبب سيطرة الكتائب الإسلامية المتشددة على المشهد الميداني المعارض. إذ اجتاحت مجموعات تابعة لـ«جبهة النصرة» التابعة لتنظيم القاعدة، مطلع الشهر الماضي، بلدة معلولا المسيحية قرب دمشق التي تعتبر من أبرز البلدات المسيحية في سوريا وتضم العديد من المواقع الدينية والأثرية وما زال سكانها يتقنون الآرامية، لغة السيد المسيح، واختطفت 12 راهبة أرثوذكسية من أحد أديرتها.
ولم يخفف إعلان «الائتلاف الوطني المعارض» أن الراهبات «نقلن إلى مكان آمن» من الأثر السلبي الذي خلفته هذه الحادثة على المسيحيين، لا سيما أن البطريرك لحام لفت إلى «عدم توافر أي معطيات عن مصيرهن».
وأسهم دخول كتائب إسلامية إلى منطقة معلولا مرتين على التوالي في تهجير معظم سكانها المسيحيين، إذ تنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن امرأة خمسينية تدعى حنينة تعلب، قولها «كان لدي ابنة وثلاثة شبان، لكنني فقدت أحدهم»، مشيرة إلى أن مقاتلي جبهة النصرة الذين سيطروا على البلدة، قتلوا ابنها سركيس زخم (20 عاما). وتلفت تعلب إلى أن «أجمل هدية في عيد الميلاد ستكون عودتي إلى معلولا».
وخصص البطريرك لحام صلاة عيد الميلاد هذا العام لأطفال بلدة معلولا وشهدائها، حيث وزع الهدايا على الأطفال في كنيسة لا تتوافر فيها وسائل التدفئة، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتعرب الطفلة جيسيكا (سبعة أعوام) عن أملها في «العودة إلى معلولا، عندما تصبح محررة». في حين تؤكد جوليانا (22 عاما) أن «الميلاد في معلولا كان زمن فرح. كنا نزين شجرة الميلاد، ويجتمع الأهل والأصدقاء ونذهب معا للمشاركة في الصلاة منتصف الليل». وتضيف «هذه السنة سنذهب طبعا إلى الصلاة، لكن لن يكون ثمة شجرة أو مغارة ميلادية. بتنا لاجئين».
وتشتهر معلولا بمزاراتها ومغاورها والأضرحة البيزنطية المنحوتة في صخور الجبال. ويعود تاريخها إلى القرون الميلادية الأولى. وكان عدد كبير من أهلها يقيمون خارجها ويمضون فصل الصيف فيها، حين يرتفع عدد قاطنيها إلى حدود أربعة آلاف و500 نسمة. وكانت البلدة ترتدي حلة الأعياد «في زمن الميلاد»، بحسب ما تؤكد نجاة فاضل، مديرة مدرسة القديس يوسف، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، مشيرة إلى أن «العائلات كانت تجتمع حول الشجرات المزينة، وحلل الزينة تتدلى من الشرفات». وتتابع «لكن حاليا لا يوجد أي من هذا. حتى لو كان ثمة بعض الاحتفالات البسيطة، فإن العيد سيكون ميلادا قاتما».
ويأتي هجوم الكتائب الإسلامية المعارضة على بلدة معلولا واختطاف 12 راهبة بعد مقتل 41 مدنيا بينهم 14 سيدة وطفلان، في بلدة صدد المسيحية في محافظة حمص (وسط) والتي دخلها مقاتلون معارضون بينهم إسلاميون متشددون في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الفائت، في محاولة للسيطرة على مخازن أسلحة ضخمة قريبة منها، قبل أن يستعيد النظام السيطرة على هذه البلدة المسيحية التاريخية. يأتي كل ذلك والغموض لا يزال يحيط بمصير مطراني حلب للروم الأرثوذكس بولس يازجي، والروم الكاثوليك يوحنا إبراهيم، وعدد من الكهنة، والأب اليسوعي الإيطالي باولو دالوليو، والذين خطفوا خلال عام 2013.
ورغم أن المسيحيين السوريين يتعاطفون إجمالا مع النظام السوري الذي يعتبرون أنه حمى حقوقهم ومعتقداتهم خلال فترة حكم حزب البعث، ويخشون تنامي نفوذ التيارات الإسلامية المتطرفة، فإن «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» وثقت قصف النظام السوري لـ33 كنيسة على الأقل في مختلف أنحاء البلاد منذ بدء الصراع قبل نحو ثلاثين شهرا.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.