عريقات: العمانيون حاولوا فتح آفاق للسلام لكنّ واشنطن رفضت

قال إن ترمب يستهدف الفلسطينيين ويرفض أي دور سياسي لمسقط

TT

عريقات: العمانيون حاولوا فتح آفاق للسلام لكنّ واشنطن رفضت

قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن «الولايات المتحدة الأميركية طالبت عُمان برفع يدها عن الموضوع الفلسطيني»، رافضةً أي دور عماني في العملية السياسية.
وأضاف عريقات، خلال مشاركته في جلسة لمنتدى عمّان الأمني، التي انطلقت في الجامعة الأردنية (حكومية)، أمس: «إن السلطنة ليست ولن تكون جزءًا من صفقة القرن، إنها حاولت فتح آفاق لعملية سلام تقود إلى إنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، لكن حكومة نتنياهو ردت على هذه المحاولة بالإعلان عن بناء 20 ألف وحدة استيطانية استعمارية، وهدم البيوت، والإصرار على رفض مبدأ الدولتين. وإدارة الرئيس ترمب أيّدت حكومة نتنياهو في ردها على محاولة سلطنة عمان... أيْ رفض أي دور لأحد، إذ إن هذا الدور محصور في أميركا». واتهم عريقات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، باستهداف الفلسطينيين، ثم اتهامهم بافتعال المشكلات.
ويثير حديث عريقات الكثير من الشكوك حول قدرة سلطنة عمان على إحداث اختراق في ملف السلام، من دون موافقة الولايات المتحدة، لأن إسرائيل لن تخرج عن خط واشنطن.
وجاء حديث عريقات بعد يوم من تأكيد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، أهمية إعادة إطلاق مفاوضات سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ووفقاً لبيان صادر عن الديوان الملكي الأردني، أجرى العاهل الأردني مباحثات مع الوزير العماني الذي سلّمه رسالة من السلطان قابوس بن سعيد. وأكد الجانبان «ضرورة إعادة إطلاق مفاوضات سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، على أساس حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، بما يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
كانت سلطنة عمان قد بدأت وساطة لتقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، باستقبال السلطان قابوس بن سعيد، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مسقط، ومن بعده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وحاول العمانيون تقريب وجهات النظر من أجل إطلاق عملية سلام جديدة، تستند إلى الخطة الأميركية للسلام.
وكان يوسف بن علوي بن عبد الله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، قد أكد أن بلاده تطرح أفكاراً لمساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على التقارب، لكنها لا تلعب دور الوسيط.
وقال بن علوي إن بلاده «تعتمد على الولايات المتحدة ومساعي رئيسها دونالد ترمب في العمل باتجاه صفقة القرن».
ويعارض الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الصفقة، رافضاً بقاء الولايات المتحدة وسيطاً وحيداً في عملية السلام بعدما اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، مطالباً بإطلاق مؤتمر دولي للسلام تنتج عنه آلية متعددة من أجل رعاية المفاوضات وفق مرجعيات محددة وسقف زمني واضح.
وقال عباس مراراً إنه حتى لن يستمع إلى صفقة القرن، لأن الولايات المتحدة بدأت بتطبيقها فعلياً بإزالة القدس عن طاولة المفاوضات وإنهاء ملف اللاجئين.
واتهم عريقات، أمس، الرئيس ترمب بأنه يستهدف الفلسطينيين. وقال: «لا أحد يطمح في تحقيق السلام أكثر من فلسطين، وهناك اتهامات من ترمب بأننا نحن من بدأنا المشكلات».
وأكد عريقات أن إدارة ترمب «قد عزلت نفسها عن عملية السلام، ولا يمكن قبولها كشريك أو وسيط، لأنها ترفض حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتؤيد قانون القومية العنصري، الذي يحصر حق تقرير المصير لليهود فقط، وأكدت ذلك بقراراتها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وألغت القنصلية الأميركية التي أنشئت في فلسطين عام 1844، وأغلقت مفوضية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، على اعتبار أن الفلسطينيين لا يستحقون أن يكون لهم أو عندهم أي تمثيل دبلوماسي للدول، وقطعت المساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وعن مستشفيات القدس، وكذلك مساعدات البنى التحتية الفلسطينية من خلال وكالة التنمية الدولية الأميركية، واستمرار محاولات إسقاط ملفات القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود من على مائدة المفاوضات، وفصل قطاع غزة عن الضفة والقدس، وإبقاء الصلاحيات الأمنية بيد (سلطة الاحتلال) إسرائيل، بما يشمل الأجواء والحدود والمعابر الدولية والمياه الإقليمية».
وطالب عريقات المجتمع الدولي باعتماد المبادرة التي قدّمها الرئيس عباس أمام مجلس الأمن الدولي في فبراير (شباط) الماضي، القائمة على عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، وضمن إطار دولي جديد، يضمن إنهاء الاحتلال واستقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.