استدعاء روني للمنتخب يحرج اتحاد الكرة الإنجليزي

انتقادات لاستثناء المهاجم المخضرم من قاعدة رفض الاحتفاء بالنجوم القدامى في مشاركات دولية

روني سينال فرصة توديع الجماهير الإنجليزية دون غيره من النجوم
روني سينال فرصة توديع الجماهير الإنجليزية دون غيره من النجوم
TT

استدعاء روني للمنتخب يحرج اتحاد الكرة الإنجليزي

روني سينال فرصة توديع الجماهير الإنجليزية دون غيره من النجوم
روني سينال فرصة توديع الجماهير الإنجليزية دون غيره من النجوم

لم يحدث قط أن نال أحد لاعبي المنتخب الإنجليزي فرصة إلقاء الوداع على نحو احتفالي، ولم يحظَ أي منهم بشرف الاحتفاء به، وبغض النظر عن الأمجاد التي حققها واين روني خلال مسيرته الدولية، فإنه لم يكن ينبغي جعله استثناءً لهذه القاعدة خلال المباراة الودية المقبلة أمام المنتخب الأميركي.
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه في سبتمبر (أيلول) الماضي، جلس نجم هولندا ويسلي شنايدر، على أريكة داخل الدائرة المركزية بقلب استاد «يوهان كرويف أرينا» في أمستردام، بعدما خاض ما قرر أنها آخر مباراة دولية له، وذلك أمام بيرو. وانضم إليه على الأريكة زوجته وأطفاله لمشاهدة أبرز المحطات في مسيرته الدولية.
ورغم الدفء العاطفي الذي تميزت به هذه اللحظة، ربما تعكس حقيقة أن يتمكن لاعب يبلغ 34 عاماً يلعب في صفوف فريق نادٍ قطري يحتل المركز السادس على مستوى الأندية في الإمارة الخليجية، من إملاء شروط رحيله، حالة التردي طويل الأمد التي تعانيها الكرة الهولندية، وربما تعكس كذلك حال بلاد أصبحت أسعد حالاً لدى التطلع بناظريها باتجاه الماضي، وليس الحاضر. في الواقع، كرة القدم الدولية نادراً ما تكون بها مساحة للمشاعر، والمؤكد أن إنجلترا لم تسمح قط ولا حتى لأعظم لاعبيها بإنهاء مسيرتهم الدولية على نحو احتفائي أو دعوتهم لتوديع الجماهير حتى ولو من خارج حدود الملعب.
عندما عكف السير ألف رامزي على اختيار أول منتخب إنجليزي تولى تدريبه بعد خيبة بطولة كأس العالم عام 1970، كان ثمة اسم كبير غائب لفت الأنظار. في هذا الصدد، قال بوبي تشارلتون: «لا أعتقد أن هذه نهاية مسيرتي الدولية. لقد سبق أن استبعد لاعبين من تشكيل المنتخب الإنجليزي من قبل وعادوا إليه من جديد. إلا أن هذا لم يحدث مع تشارلتون».
من ناحيته، قال بوبي مور في يونيو (حزيران) 1973: «لا أزال أشعر بمتعة عندما أجد نفسي في صفوف المنتخب، لكن ليس بمقدور أحد الثقة بمسألة حصوله على فرصة المشاركة في مباراة ما». وقد نال مور فرصة المشاركة في مباراتين دوليتين أخريين بعد هذا التصريح، كانت الأخيرة منهما في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام.
كما صرح ديفيد بيكام في يوليو (تموز) 2010: «لست مستعداً للاعتزال بعد. ولا يزال لديّ اعتقاد بأن لديّ دوراً داخل الملعب ينبغي لي الاضطلاع به». ومع هذا، اختلف الإيطالي فابيو كابيللو، مدرب المنتخب الإنجليزي، معه في هذا الرأي. وفي الشهر التالي قال كابيللو: «شكراً لكم، لكنه ربما أصبح متقدماً في العمر بعض الشيء».
بالنسبة إلى وداع توم فيني للعب الدولي، فقد جاء في أثناء مباراة أمام الاتحاد السوفياتي انتهت بفوز إنجلترا بخمسة أهداف دون مقابل في أكتوبر (تشرين الأول) 1958، وكان كل ما قالته «الغارديان» عن أدائه في اليوم التالي ما يلي: «فيني، الذي لم يستلم الكرة كثيراً، خاض وقتاً صعباً خلال المباراة». أما ستانلي ماثيوز، فكان قد اعتزل اللعب الدولي قبل ذلك بعام، بعد مباراة في كوبنهاغن انتهت بفوز إنجلترا بنتيجة 4 - 1. وكتبت «الغارديان» عن المباراة أنها «كانت مباراة من الأداء المتقطع، خصوصاً من جانب لاعبي الهجوم، ولم يظهر ماثيوز سوى مرات قليلة للغاية». وبالفعل، لم يظهر ماثيوز مرة أخرى.
وفي ظل وجود جائزة واحدة كبرى في خزانة البلاد، نادراً ما حظي اللاعبون الدوليون الإنجليزيون على وداع احتفائي. على سبيل المثال، جرى إخراج غاري لينكر كبير الهدافين، من الملعب والدفع ببديل له بعد ساعة من المباراة المذلة التي خاضتها إنجلترا في إطار بطولة أمم أوروبا في السويد، بينما تعثر الحارس المتميز بيتر شيلتون خلال مباراة على المركز الثالث في بطولة كأس العالم، في الوقت الذي بقي ستيفين جيرارد على مقعد البدلاء خلال مباراة نجحت خلالها كوستاريكا في دفع إنجلترا خارج البطولة عام 2014. وصرح اللاعب، في إشارة إلى نتيجة المباراة ونهاية مسيرته الدولية، بأنه: «هذه تحديداً الصورة التي لم أكن أرغب في أن ينتهي بها مشواري الدولي، هذه الصورة بالضبط».
ورغم كل ما سبق، نجد أن إنجلترا فجأة قررت منح واين روني وداعاً عاطفياً ومؤثراً، في خطوة تتعارض بشدة مع كلٍّ من تاريخ البلاد والمبادئ التي يلتزمها المدرب الحالي للمنتخب.
يذكر أنه في سبتمبر، أعلن غاريث ساوثغيت عن «انطلاق دورة جديدة ربما لا نلجأ خلالها إلى اللاعبين الذين سبقت الاستعانة بهم». وقد رفض ساوثغيت الحجة القائلة بأن المهاجمين المخضرمين قدموا أداءً مبهراً في إطار بطولة الدوري الممتاز، وقال: «بالنسبة إليّ، ينبغي أن يكون الجيل القادم من لاعبي الهجوم من اللاعبين الأصغر سناً».
ومع هذا، نجد أن هذا الباب الذي أُغلق أمام لاعبين لم ينالوا شرف المشاركة الدولية باسم وطنهم ولو لمرة واحدة على سبيل الاحتفاء بهم بعد سنوات من الجهد المخلص وتحقيق حلم عزيز عليهم، جرى فتحه فجأة أمام روني البالغ 33 عاماً والذي شارك في 119 مباراة دولية، وذلك كي يحظى ببعض الاحتفاء والإطراء المصطنع.
من جانبه، سبق أن اقترح كابيللو فكرة مطابقة تماماً لدى مناقشة نهاية مسيرة بيكام الدولية. وقال: «أتمنى ألا يمانع ديفيد فكرة القدوم إلى هنا وخوض مباراته الأخيرة على أرض استاد ويمبلي خلال المباراة الودية المقبلة، بحيث يأتي إلى هنا ويلوّح للجماهير مودّعاً لهم». وجاء هذا التعليق عفوياً دونما تخطيط مسبق خلال مقابلة تلفزيونية أُجريت معه ولم يَلقَ المقترح استجابة إيجابية من جانب اتحاد الكرة، ولا حتى من جانب اللاعب نفسه. ورغم أنه جرى وضع خطط لتضمينه في تشكيل الفريق الذي كان مقرراً له مواجهة فرنسا في نوفمبر من ذلك العام، فإن بيكام رفض العرض، وأفادت مصادر في تصريحات صحافية بأنه لن يشارك إلا إذا جاء اختياره لاعتبارات تتعلق بكفاءته.
وعندما طُرح المقترح ذاته على روني، بعد عامين من آخر مشاركة دولية له، بدا «متواضعاً ومتحمساً للغاية» تجاه الفكرة. وبالتأكيد يستلزم الأمر شخصية استثنائية لرفض هذا العرض الذي ينطوي على تضميد رفيع المستوى لكبريائه، ولا يمكننا توجيه اللوم إلى روني لقبوله العرض، خصوصاً أن المنظمة الخيرية الخاصة به «واين روني فاونديشن»، سوف تستفيد من المباراة.
ومع هذا، تبقى الحقيقة أن هذا التحول في مسار الأحداث يحمل رسالة سلبية بخصوص اتحاد الكرة ـ والذي قبل أسبوعين من انعقاد مباراة ودية ضئيلة الأهمية، وبعد ستة أسابيع من طرح التذاكر للبيع، ربما أعطى الأولوية للحوافز التجارية على حساب الأخرى الرياضية ـ بجانب ما يحمله هذا التحول من مؤشرات توحي بأن تركيز ساوثغيت على الشباب الصغير لم يكن صادقاً، أو ربما كان مفروضاً عليه.
الحقيقة أنه عار كبير على إنجلترا أن تسمح لمثل هذا العدد الكبير من اللاعبين البارعين بالخروج من المشهد الدولي دون أن يلحظ رحيلهم أحد أو في مذلة، لكن الحقيقة تظل أنه في المجال الرياضي من الضروري أن ينال المرء الإطراء والثناء عبر كدّه ومجهوده وانتصاراته. والمؤكد أن الاعتبارات الخيرية أو الاقتصادية لا ينبغي أن يكون لها أي مكان في هذا الإطار.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».