المرجعيات الدينية اللبنانية تسعى لحل أزمة الحكومة

رسالة من البطريرك الراعي إلى «حزب الله»

من لقاء البطريرك الراعي والشيخ أحمد قبلان (الوكالة الوطنية للإعلام)
من لقاء البطريرك الراعي والشيخ أحمد قبلان (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

المرجعيات الدينية اللبنانية تسعى لحل أزمة الحكومة

من لقاء البطريرك الراعي والشيخ أحمد قبلان (الوكالة الوطنية للإعلام)
من لقاء البطريرك الراعي والشيخ أحمد قبلان (الوكالة الوطنية للإعلام)

دخلت المراجع الدينيّة على خط المساعي لحل أزمة تأليف الحكومة، وكانت عقد التشكيل حاضرة في اللقاء الذي جمع أمس المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان والبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي حمّل قبلان رسالة إلى «حزب الله» لتسهيل المهمة، في وقت أشارت مصادر مطّلعة على المشاورات إلى أنه لم يسجّل أي خرق حيال «عقدة تمثيل سنة 8 آذار» التي يتمسّك بها «حزب الله» وتحول دون تشكيل الحكومة.
ويأتي تحرّك قبلان - الراعي بعد أيام على بيان صدر بعد اجتماعَي مجلس المفتين والمجلس الشرعي اللذين عقدا برئاسة مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، لدعوة القوى والتكتلات السياسية للتبصر والابتعاد عن العقبات والعقد التي تعيق تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقال قبلان بعد لقائه أمس مع الراعي في الصرح البطريركي: «جوهر الزيارة اليوم متابعة اللقاءات الدورية التي كانت تحصل بين المرجعيات الدينية والروحية، وكان هناك توافق في الرؤية حول موضوع تشكيل الحكومة. وطبعا كما يرى غبطة البطريرك وآراء المرجعيات الدينية لا بد من المسارعة الأكيدة في تشكيل الحكومة ونزع كل العقبات من أمام إعلان تشكيلها».
وفيما أشار إلى أن اللقاء في الأساس كان حول عقد قمة روحية مرجعية بين صاحب الغبطة والمجلس الشيعي ودار الفتوى ومشيخة العقل، محورها قضية الإعلام وبعض البرامج التلفزيونية التي تعرض على الشاشات، كشف عن رسالة حمّله إياها الراعي إلى «حزب الله». وقال: «لقد حملنا صاحب الغبطة إلى الإخوة في (حزب الله)، رسالة، بأن يساعدوا في نزع هذه العقبات، وهذا الأمر يحتاج إلى حكمة وروية حتى نساعد في معالجة قضايا الدولة والوطن. وتمنى غبطته علينا أن نسعى جاهدين مع كل القيمين للمساعدة على عمل كل ما يلزم حتى تتشكل الحكومة للبدء في معالجة قضايا الوطن والدولة».
وعما إذا كان يتوقع أن يتجاوب «حزب الله» مع هذه المساعي، أوضح قبلان «الإخوة في (حزب الله) ليسوا ضد المسارعة في تشكيل الحكومة، هم من ينادون بهذا الأمر، ولكن القضية تحتاج إلى حوار، و(حزب الله) ينادي بهذه المسألة وبالحوار». وأضاف: «اليوم القضايا التي يتعرض لها لبنان أكبر بكثير خصوصا ما نشهده في المنطقة إقليميا ودوليا من نزاعات، ونرى اليوم خطورة الواقع المأزوم الإقليمي، وأتصور أن الإخوة في (حزب الله) قد يذهبون إلى حلول تتعلق بهذه المسألة».
وبعد هذا التحرك للمرجعيتين المسيحية والشيعية، وعما إذا كانت دار الفتوى ستحذو حذوهما حيال موضوع تشكيل الحكومة، لفتت مصادرها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن موقفها تم التعبير عنه الأسبوع الماضي في اجتماعي مجلس المفتين والمجلس الشرعي، ولاقى ردود فعل إيجابية من عدد من الأفرقاء بينها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكان مجلس المفتين قد اعتبر في بيانه أن هناك أيادي خبيثة تحاول عرقلة جهود الرئيس المكلف سعد الحريري لابتزازه سياسيا ولتأخير عملية تشكيل الحكومة، فيما أكّد المجلس الشرعي الأعلى الذي عقد جلسته الدورية برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان حرصه على أن تشكل الحكومة في أجواء سياسية هادئة ومتعاونة بعيدة عن التشنج والتصلب، واصفا العرقلة التي تحيط بولادة الحكومة بأنها تأتي ضمن مسلسل شل الدولة ومؤسساتها الدستورية بأساليب متنوعة ومتعددة الأوجه، على غرار ما شهده لبنان من وسائل التعطيل سابقا.
وجدّد أمس النائب جهاد عبد الصمد، أحد أعضاء اللقاء التشاوري، تمسّكه بتمثيل سنة 8 آذار، داعيا إلى «تطبيق معيار واحد في تشكيل الحكومة وهو ما من شأنه حل المشكلة». وقال في حديث إذاعي «منذ العام 2005 نعاني من الاستئثار بالقرار السياسي للطائفة السنية من قبل تيار المستقبل، وقد صمدنا في أصعب الظروف، وواجهنا في سبيل إعادة البوصلة إلى اتجاهها الحقيقي في الشارع السني». وقال: «نحن كمكون أساسي وشرعي ومنتخب من المفترض أن نتمثل ضمن حكومة الوحدة الوطنية»، موضحا أن «الحل للعقدة السنية هو عند من يضع الفيتو».
وانتقد عبد الصمد «تصريف أعمال الحكومة الحالية من بيت الوسط وليس من السراي الحكومي الكبير، كما كان يفعل رؤساء الحكومات السابقون، معتبرا أن هذا الأمر تنازل من قبل الرئيس سعد الحريري الذي يضعف مقام رئاسة الحكومة وليس توزير أحد النواب السنة المستقلين»، مضيفا: «من غير المقبول التنازل عن صلاحيات رئيس الحكومة من أجل الحصول على مكاسب ومناصب، وبهدف أن يبقى الممثل الأوحد للطائفة السنية في الحكومة وحصوله على حصة السنة كاملة في الإدارة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».