بوادر أزمة جديدة داخل الغالبية الحكومية في المغرب

بعد مقاطعة نواب «العدالة والتنمية» لوزير الشباب والرياضة

TT

بوادر أزمة جديدة داخل الغالبية الحكومية في المغرب

عادت الخلافات لتلقي بظلالها على الحكومة المغربية، حيث أقدم نواب حزب العدالة والتنمية، متزعم الغالبية الحكومية، على مقاطعة عرض وزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي للموازنة الفرعية لوزارته، مساء أول من أمس.
وجاء قرار نواب «العدالة والتنمية» الأعضاء في اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بالمجلس، بناء على توجيهات من قيادة الفريق النيابي، الذي يقوده إدريس الأزمي، عمدة مدينة فاس، المقرب من عبد الإله ابن كيران، الأمين العام السابق للحزب. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن قرار مقاطعة نواب حزب العدالة والتنمية للوزير المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، جاء رداً على تصريحاته، التي اتهم فيها حزب رئيس الحكومة بتبني «مشروع تخريبي»، وهو ما أثار موجة من الردود والردود المضادة بين الحزبين.
وقال مصدر في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» إن القرار الذي اتخذه نواب الحزب «لم يكن بتنسيق مع قيادة الحزب»، معتبراً أن قرارات الفريق النيابي تتخذ في إطار من الاستقلالية عن الأمانة العامة للحزب.
وأكد أحد برلمانيي «العدالة والتنمية» أن قرار عدم حضور تقديم الموازنة الفرعية لوزارة الشباب والرياضة «كانت له رسالة واضحة لا تقبل النقاش»، في إشارة إلى أن الخطوة جاءت احتجاجاً على تصريحات رشيد الطالبي العلمي، التي عدها الكثيرون «مسيئة وفيها تطاول على رئيس الحكومة وحزبه».
وحول ما إذا كان قرار مقاطعة نواب حزب العدالة والتنمية لوزير الشباب والرياضة ستستمر في المحطات المقبلة بمجلس النواب، رفض القيادي البارز في الفريق النيابي، والذي فضل عدم ذكر اسمه، أن يقدم جواباً صريحاً في الموضوع، وقال إن «الغياب جرى في هذه المحطة وكان واضحا، ولكل حادث حديث في المستقبل».
وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بوزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي من أجل أخذ رأيه في الموضوع، إلا أن هاتفه ظل يرن دون جواب.
ويرى مراقبون أن الواقعة من شأنها أن تعيد إلى الواجهة الصراع المتواصل بين الحزبين الرئيسيين في الحكومة، وأن تنقل المعركة إلى قبة البرلمان، حيث يتوقع أن يرد نواب حزب التجمع الوطني للأحرار بـ«قرارات مماثلة على الوزراء المنتمين لحزب العدالة والتنمية»، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعمق الخلافات داخل التحالف الحكومي.
وكانت تصريحات العلمي المثيرة ضد حزب العدالة والتنمية قد أثارت أمينه العام السابق ابن كيران، الذي هاجم بشدة حزب التجمع الوطني للأحرار والطالبي العلمي، الذي وصفه بـ«قليل الحياء»، واعتبر أن رد حزبه على الاتهامات بـ«تخريب البلاد» لم يكن في المستوى المطلوب.
وأضاف ابن كيران منتقداً موقف حزبه من الأزمة في لقاء سابق مع شبيبة حزبه أن الرد «كان ينبغي أن يكون أقوى من ذلك، ولا نتراجع حتى وإن اقتضى الأمر أن تسقط الحكومة»، وذلك في انتقاد واضح للعثماني وتدبيره للأزمة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.