البرلمان العراقي يؤجل مناقشة الموازنة العامة إلى الاثنين

وسط اعتراضات المحافظات المحررة من «داعش» على قلة التخصيصات

TT

البرلمان العراقي يؤجل مناقشة الموازنة العامة إلى الاثنين

قرر مجلس النواب العراقي، أمس، تأجيل التصويت «من حيث المبدأ» على الموازنة المالية الاتحادية لعام 2019 إلى الاثنين المقبل. وجاء قرار التأجيل وسط توقعات كانت تشير إلى عزم البرلمان إعادة مشروع الموازنة إلى الحكومة بهدف إجراء التعديلات اللازمة، نظراً للاعتراضات الواسعة حول مجموعة من التخصيصات المالية المقدمة من قبل أغلب الكتل السياسية، وبخاصة تلك الممثلة للمحافظات العربية التي احتلها (داعش) بعد يونيو (حزيران) 2014، وفي مقدمها محافظة نينوى. لكن قرار التأجيل لم يمنع رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي من الإشارة إلى أحقية البرلمان في إعادة الموازنة إلى الحكومة.
في غضون ذلك، طالب ممثل الحكومة في البرلمان طورهان المفتي، مجلس النواب بعدم إرجاع الموازنة إلى مجلس الوزراء. وقال المفتي في كلمة له خلال جلسة البرلمان أمس، إن «الحكومة الحالية لديها الكثير من الملاحظات على موازنة عام 2019، ولكن هذا الأمر يمكن معالجتها من خلال التعديل». مقترحاً أن يصار إلى «تشكيل لجنة مشتركة بين البرلمان والحكومة لإجراء التعديلات المطلوبة على الموازنة».
بدوره، قال عضو البرلمان صائب خدر لـ«الشرق الأوسط» إن «التأجيل وفق صيغة اتفاق بين البرلمان والحكومة تتعهد الأخيرة خلاله بدراسة الملاحظات التي يسجلها النواب على الموازنة». ويضيف صائب: «هناك خشية من أن الموازنة قد تتعرض للعرقلة في حال إعادتها إلى مجلس الوزراء إذا ما اعترض عليها ثلاثة وزراء من مجموع الأربعة عشر وزيرا الموجودين حاليا في الحكومة».
من جهة أخرى، أبدى نواب محافظة نينوى، أمس، اعتراضهم على حصة المحافظة في مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2019، مطالبين باعتبار المحافظة «منكوبة». وقال النائب عن المحافظة عبد الرحيم الشمري في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان: «نطالب بإعادة الموازنة إلى الحكومة وإعطاء حصة المحافظة واستحقاقها». ودعا الشمري، إلى «اعتبار محافظة نينوى منكوبة لتخصيص أموال إضافية لإعمارها في الموازنة».
وطالب 34 نائبا في وثيقة موقعة أمس، بإدراج مادة خاصة في الموازنة تلزم الحكومة بحل مشكلة المتعاقدين مع الدولة وتحويلهم إلى موظفين على الملاك الدائم. واعتبر النائب عن محافظة الأنبار في تحالف «المحور الوطني»، عادل خميس المحلاوي، إن الموازنة العامة لعام 2019 ظالمة بحق المناطق المنكوبة، في إشارة إلى المحافظات التي احتلها داعش عام 2014. وقال المحلاوي: «لا يخفى على أحد حجم الخراب والتدمير الذي حل بالمحافظات المنكوبة نتيجة احتلالها من عصابات داعش الإرهابية وما رافقها من عمليات عسكرية، ولكن للأسف الشديد فوجئنا بموازنة ظالمة لعام 2019 بحق المحافظات المنكوبة». ولفت إلى أن «المحافظات المنكوبة ظلمت طوال السنين الماضية محرومة من الدرجات الوظيفية للسنوات الـ4 الماضية وعدم تعويضها في موازنة 2019».
ولم تقتصر الاعتراضات على مشروع الموازنة على النواب السنة الممثلين عن المناطق المحررة من «داعش»، وشملت تقريبا أغلب القوى السياسية الشيعية والكردية.
بدورها، ترى الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم أن أبرز عيوب الموازنة الحالية هي الاستعجال في كتابتها، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو لي أن الموازنة كتبت على عجل وكأنها موازنة طوارئ، كما أنها كررت أخطاء الموازنات السابقة من حيث تثبيت أسعار النفط على 56 دولارا أميركيا فيما سعره الحقيقي أكبر من ذلك».
وتنتقد سميسم «عدم عناية الموازنة بالجوانب التنموية والصناعية، إضافة إلى تخصيصها أموالاً لجهات يفترض أنها تموّل الموازنة ولا تأخذ منها». وعن تلك الجهات تقول: «على سبيل المثال لا الحصر، تخصص الموازنة أموالاً ضخمة للوقفين السني والشيعي، وهذه الأوقاف لديها استثمارات وموارد هائلة، ويفترض أن تقوم هي بتمويل الموازنة وليس العكس، في وقت لدينا محافظات منكوبة مثل نينوى والبصرة، والتي بحاجة ماسة لأموال إضافية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».